الخطأ والخطيئة
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
بقدر ما نكره الخطأ، فإننا، وكما يريد الإمام الشافعي رحمه الله، لا نكره المخطئ وانما نريد له ان ينتبه، وان يراجع نفسه قبل ان يتحول ما ارتكب من خطأ الى خطيئة، فحينها لا يعود بالإمكان التسامح، والقول عفا الله عما سلف..!! وفي شؤون حماية المصالح الوطنية العليا، لا يجوز للخطأ ان يتكرر، ولا للمخطئ ان يظل بلا مساءلة على أقل تقدير.
نتحدث دائما عن ضرورة النقد الموضوعي المسؤول، كنهج لا بديل عنه من أجل التصويب وملاحقة كل خطأ وعطل وخلل، في مسيرة كفاحنا الوطني كي تواصل تقدمها نحو تحقيق كامل اهدافها العادلة، في دحر الاحتلال، وانتزاع كامل حقوق شعبنا المشروعة في الحرية والسيادة والاستقلال، وضمان حق العودة طبقا لقرارات الشرعية الدولية.
أي خطأ وأي عطل وأي خلل، ما زال يربك مسيرتنا الكفاحية حتى اللحظة، أكثر من هذا الذي تحققه حركة حماس بسلوكياتها وسياساتها وخطاباتها الموتورة، وحيث لا نقد ولا مراجعة عندها، وحيث الذريعة جاهزة، وقلب الحقائق حاضر لديها في نص الفكرة والسلوك والخطاب..!!!
أوضح الامثلة، بل أوضح الدلائل، ما قالت حماس وما زالت تقول عن محاولة الاغتيال الآثمة التي تعرض لها رئيس حكومة الوفاق الوطني الدكتور رامي الحمد الله، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، على الرغم ان موقف الرئاسة والسلطة الوطنية، لم يتهم حماس بهذه المحاولة الاجرامية، وانما حملها المسؤولية بحكم انها المسيطرة على الوضع الأمني في قطاع غزة، وليس في هذا الموقف برؤيته الموضوعية والوطنية، ما ينبغي لأحد ان يعترض عليه، أو حتى ان يحاججه أو يشكك بصوابه، كما هي تصريحات الناطقين باسم حماس..!!!
التفجير الارهابي قرب معبر بيت حانون، استهدف بوزن عبواته الناسفة الثقيل، تدمير كل الجسور التي حققتها حوارات المصالحة الوطنية واتفاقاتها، لعله يقطف بذلك رأس الوحدة الوطنية، ويكرس الانقسام البغيض، ليظل قطاع غزة المكلوم مختطفا لصالح أجندات غير وطنية، وما من تحليل سياسي علمي لا يقول بغير ذلك، والحال ان "التحقيقات" التي تجريها حركة حماس بعيدا عن تحقيقات الشرعية، ستظل ومع حسن النوايا، وعلى أبعد تقدير، ناقصة تماما، وغير قادرة على كشف الحقائق بكامل اسمائها.
الشارع الغزي ومن دون تقنيات التحقيق وأساليبه، يعرف أكثر من غيره، وعلى نحو أكيد الى حد كبير، من يقف وراء تلك المحاولة الاجرامية الآثمة، ويعرف الأهم انها محاولة لوأد المصالحة الوطنية، والابقاء على الانقسام البغيض.
لا مخرج دون الاعتراف بالحقيقة، ولا منفذ سوى التعاطي معها بالنقد الموضوعي ومحاولة الاغتيال الآثمة ليست خطأ بل هي الخطيئة بعينها، والخلاص من هذه الخطيئة هو الخلاص من أصحاب المحاولة الاجرامية، بتقديمهم للعدالة الوطنية قبل غيرها، لقد تجرأوا على الخطوط الحمر للمصالح الوطنية العليا، سعيا وراء الخراب والتدمير لمشروع الحرية والتحرر الوطني وهذا ما لن يسمح به شعبنا أبدا.