جدار الميناء.. قصص حب وحرب
زكريا المدهون
على جدار ملون يمتد على طول ميناء الصيادين غرب مدينة غزة، خطت عبارات باللغتين العربية والإنجليزية تعكس مشاعر الغزيين المختلطة على الشريط الساحلي المحاصر منذ أكثر من عقد من الزمن.
هذه العبارات التي خطت على كتل خرسانية من مخلفات الاحتلال الإسرائيلي بعد انسحابه من قطاع غزة عام 2005، تحكي قصصا عن الحرب والحب والأمنيات في بقعة شهدت ثلاث حروب دامية.
عبارات أخرى خطت على الجدار تعبر عن أمنيات مختلفة كالنجاح في "التوجيهي"، والسفر خارج غزة، اضافة الى كلمات خطت بالإنجليزية تهنئ بعيد ميلاد، وأخرى بعام جديد.
الميناء تحول الى متنفس طبيعي للكثير من الغزيين، بسبب الحصار الإسرائيلي، وحرمانهم من التنقل والسفر خارج قطاع غزة.
"لا تحزن لعلك تريد نجمة والله يريد لك قمرا"، "بحاول كل يوم بس ما بيأس"، "إذا البلد صارت غابة مش ضروري تكون حيوان"، "قف على ناصية الحلم وقاتل" للشاعر الراحل محمود درويش، عبارات تعبر عما يجول بداخل كاتبيها.
طلبة وطالبات جامعيون يقصدون ميناء غزة وقت فراغهم لقضاء بعض الأوقات بعيدا عن ضغط الدراسة ومشاكل الحياة.
للحب والعشق في مجتمع محافظ نصيب من العبارات التي كتبت على الجدار... "لو أننا لم نفترق" للشاعر المصري فاروق جويدة.
"محمد بحب نوسة"، "طلال بحبك"، "مهدي حبيب"، "غصب عنك بنتك الي"، "بحبك يا سموره".
سمر (20 عاما) طالبة في جامعة الأزهر بغزة تتردد بصحبة زميلاتها، على الميناء وقت الفراغ وبين المحاضرات.
تقول سمر من مخيم جباليا "المكان جميل وهادئ ونحاول قضاء بعض الأوقات السعيدة هربا من صعوبة الحياة وضغط الدراسة".
وكتبت تلك الشابة وصديقاتها عبارات على الجدران تعبر عن أمنياتهم رغم سوداوية الواقع.
مصورون هواة يتجمعون بشكل يومي يلتقطون بعدساتهم جمال البحر خاصة وقت الغروب، لينشروها على "مواقع التواصل الاجتماعي"، ونقل صورة أفضل للعالم عن المدينة المحاصرة.
من هؤلاء، المصور الرسام أسامة أبو حمرا (28 عاما) يقول: "أعشق هذا المكان كل يوم أنا هنا".
أبو حمرا يقصد الميناء صباحا ويغادره بعد الغروب طوال العام.
يرسم ذلك الشاب بقلمه جمال البحر على الورق، ويلتقط بعدسة جواله لحظات فرح أطفال وباعة متجولين.
عبارات عن حب الوطن والقدس كتبت على الجدار مثل: "القدس لنا"، "أحمد جرار مرّ من هنا"، "القدس في أعناقكم يا عرب"، "اغضب للقدس".
صورة رسمت للرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهما يكبلان بالسلاسل قبة الصخرة المشرفة، وذلك بعد القرار الأميركي الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
صورة أخرى لقبة الصخرة والكوفية الفلسطينية ومفتاح العودة رسمت مع بداية العام 2018.
ويعد ميناء غزة مصدر رزق لكثير من العاطلين عن العمل، حيث تنتشر بسطات بيع الشاي والقهوة والطعام، اضافة الى ألعاب أطفال.