قرن من العمل التعاوني في فلسطين
علاء حنتش
96 عاما تفصل بين تأسيس أول جمعية تعاونية فلسطينية، وهيئة العمل التعاوني.
وكانت واحدة من اسباب تأسيس تلك الجمعيات مواجهة مشكلات اقتصادية واجتماعية كرافعة للاقتصاد الوطني والتخفيف من حدة الفقر والبطالة.
البداية مثلت وصفة سحرية، عندما قرر مزارعو التبغ في عكا عام 1922 التخلص من ابتزاز التجار الذين احكموا قبضتهم على تسويق التبغ، وبيع بذوره للمزارعين، فأسسوا جمعيتهم الخاصة باسم جمعية منتجي التبغ. وكانت تلك هي بداية الطريق لتأسيس جمعيات تعاونية جديدة، وصولا الى تأسيس هيئة العمل التعاوني نهاية العام المنصرم.
رئيس مجلس ادارة هيئة العمل التعاوني وزير العمل مأمون أبو شهلا، أكد "ضرورة الارتقاء بالعمل التعاوني في فلسطين، وتعزيز دوره الاقتصادي والاجتماعي، لما له دور في التنمية".
وأوضح أن العمل التعاوني مر خلال السنوات الماضية بالكثير من الاشكاليات، وأنه آن الاوان مع تأسيس هيئة العمل التعاوني للارتقاء في هذا القطاع، وجعله قادرا على احداث فرق في المجتمع وتحفيز المواطنين للانخراط في الحركة التعاونية للحد من المشكلات الاقتصادية .
" الهيئة يقع على عاتقها الكثير من المسؤوليات ووضع الأسس والقواعد للانطلاق بحركة تعاونية حقيقية تسهم في حشد الطاقات والامكانيات والتمويل والمساعدات، لتطوير المجتمع والمساهمة في فتح آفاق واسعة لعدد كبير من الشباب الفلسطيني للانخراط في التعاونيات، وتوفير فرص عمل تتلاءم مع احتياجات السوق الفلسطينية، وبالتالي التخفيف من معدلات البطالة المرتفعة" يقول ابو شهلا.
أبو شهلا أكد أن الجمعيات التعاونية في فلسطين يجب ان تكون رافعة اقتصادية، أسوة ببعض الدول التي تعتمد في اقتصادها على التعاونيات، وألا تبقى ذات دور هامشي، او وسيلة للحصول على التمويل دون ترك أثر اقتصادي واجتماعي في المجتمع.
ورأى "أن يتم التركيز على فئة الشباب، للانخراط في الحركة التعاونية والاستفادة مما توفره من فرص لهم، لانهم هم المستفيد الاكبر والاكثر قدرة على الانتاج".
حيث اظهرت احصائيات "الاحصاء" ان الفئة العمرة المنتجة (20-24) سجلت اعلى معدل بطالة، في وقت تضيق فيه الفرص في الحصول على وظائف، خاصة للخريجين.
رئيس هيئة العمل التعاوني يوسف الترك، أكد أن قطاع التعاون مر بمراحل كثيرة في فلسطين وواجهته العديد من التحديات والعقبات، ومن بينها وعي المواطنين بأهمية هذا القطاع ودوره في تحسين اوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، وقضايا مرتبطة بتنظيم هذا القطاع.
وشدد على أن حرص الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء رامي الحمد الله، وايمانهما بأهمية العمل التعاوني اثمر بإصدار قانون الجمعيات التعاونية رقم 20 للعام 2017، الذي كان الأساس لكل هذه الخطط والتوجهات بهدف تشجيع وتنظيم وتنمية العمل التعاوني بالاعتماد على مبادئ العضوية الطوعية، والادارة الديمقراطية، والمشاركة الاقتصادية، والاستقلالية الذاتية، والمعرفة التعاونية، والتعاون بين التعاونيات، بما يعود بالنفع على الأعضاء التعاونيين والمجتمع المحلي.
واعتبر الترك أن تأسيس الهيئة بما تشكله من رافعة للعمل الاقتصادي والاجتماعي في فلسطين، سيسهم بشكل حقيقي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأن مجلس ادارة الهيئة المتنوع قادر على وضع الرؤى والاستراتيجيات وتنفيذها بما يتناسب مع واقع الحالة الفلسطينية.
وبين وجود عدة برامج ستعمل عليها الهيئة اهمها صندوق التنمية التعاوني الذي من شأنه ان يكون نواة لبنك انماء تعاوني، بالإضافة الى معهد التدريب التعاوني الذي سيتم عبره رفع قدرات اعضاء الجمعيات التعاونية في ادارة عمل الجمعيات التعاونية، ووضع لوائح واجراءات تنظم العمل التعاوني في فلسطين.
وحسب احصائيات نظام بيانات التعاون، فإن 1439 جمعية تعاونية، وسبعة اتحادات تعاونية، هو اجمالي عدد الجمعيات والاتحادات الحاصلة على ترخيص فلسطين.
وبين الترك أن الجمعيات التعاونية موزعة على خمسة قطاعات حسب انشطتها الاقتصادية، وهي حسب حجمها الجمعيات التعاونية الزراعية، والاسكانية، والخدماتية، والحرفية، والاستهلاكية.
وقال: " خطة الهيئة تشمل عمل قطاعات أخرى، وفتح قطاعات جديدة تراعي احتياجات الخريجين، للاستفادة من الفرص التي توفرها الهيئة من التدريب، او ربما تمويل تأسيسي للمشاريع، مثل خريجي التحاليل الطبية او الاشعة او الحاسوب".
وبين الترك، أن هناك تفاوتا في اهتمام المواطنين بأهمية الانخراط في الجمعيات التعاونية، وهذا كان واضحا من خلال الإحصائيات المتوفرة لدى الهيئة، التي تبين عدد الجمعيات المسجلة في المديريات، وهذا يعكس ايضا اهتمام واحتياج كل محافظة بأي من القطاعات الخمسة، فمثلا في رام الله الانتشار الاكبر لجمعيات الاسكان، بينما في طوباس وقلقيلية وجنين تنتشر الجمعيات الزراعية.
وأكد رئيس الهيئة يوسف الترك، أن حاجة الاشخاص المنسبين للجمعيات التعاونية للخدمات التي تقدمها، انعكس على وجود ونشاط هذه الجمعيات، فيلاحظ أن عدد الجمعيات العاملة في طوباس مرتفع لأن غالبيتها زراعية، والزراعة تشكل مصدرا اساسيا في اقتصاد المنطقة ويعتمد عليها المواطنون بشكل اساسي في مصدر رزقهم.
الامين العام للاتحاد التعاوني العام عز الدين ابو طه، الذي يمثل جميع الاتحادات التعاونية، قال بدوره: لأول مرة يكون هناك قانون وجسم حكومي مستقل للتعاونيات وللعمل التعاوني، وهذا من شأنه ان يرتقي بالعمل التعاوني، ويتغلب على معظم الصعوبات والمعيقات في التعاملات الحكومية.
وأضاف، الحركة التعاونية ركيزة اساسية ومساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فهي تضم قرابة 50 الف تعاوني في فلسطين، وهؤلاء يعيلون أسرا بأكملها، فلذلك يجب أن تتوفر كل المقومات لدعم هذا القطاع.
من جهته قال رئيس مجلس ادارة اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية، فياض جمعة، إن قطاع الجمعيات الزراعية يعتبر اكبر قطاع في الجمعيات التعاونية.
وأضاف: نحن كجمعيات زراعية بحاجة لجهة قانونية تحمينا وتساعدنا في الحصول على التراخيص المتعلقة بسير عملنا، وهذا القطاع بحاجة لتنظيم، والسعي لتوفير حوافز وخاصة الضريبية وتوجيه المانحين والدفاع عن مصالح الجمعيات مع الضريبة، ونحن نعول على الهيئة بالعمل على هذه القضايا، وقبل تأسيس الهيئة لم يكن بالإمكان التحرك في مثل هذه القضايا.
وتابع: من أهم القضايا التي وفرها القانون انشاء هيئة العمل التعاوني التي اصبحت الاتحادات التعاونية ممثلة في مجلس ادارتها وشريكة في صناعة القرار ورسم السياسات المتعلقة بالعمل التعاوني في فلسطين.