الإهمال القاتل
إيهاب الريماوي
في إفادة كتبها المحامي فواز الشلودي بعد زيارته للأسير معتصم رداد في مستشفى سجن الرملة "رداد من الأسرى الدائمين داخل مستشفى سجن الرملة، ويعتبر من أخطر الحالات داخل المستشفى، ورغم وضعه الصحي الصعب، إلا أن معنوياته عالية".
الأسير رداد من طولكرم والمعتقل في العام 2006 ومحكم بالسجن 20 عاما، يعاني من نزيف مستمر في الأمعاء، ويتناول العديد من الأدوية، كما يعاني من ارتفاع في ضغط الدم وفي دقات القلب، الأمر الذي سبب له عدم القدرة على التنفس والشعور بالدوخة.
ووفق نادي الأسير فإن الأسير رداد يعتبر من أخطر الحالات المرضية في سجون الاحتلال، فيما أن هناك 700 أسير يعانون من أمراض مختلفة.
في سجون الاحتلال الاسرائيلي 27 حالة مصابة بمرض السرطان، وأوضاعها الصحية متفاوتة الخطورة، كما أن الجزء الأكبر من الأسرى المرضى يعانون من أمراض في القلب والكلى، حيث إن هناك 4 أسرى مصابين بالتهاب حاد ونزيف دائم بالأمعاء.
وفي شهادة للأسير المحرر إياد الرفاعي الذي أمضى 11 عاما في سجون الاحتلال يقول عن مستشفى سجن الرملة: "الأسرى في سجن مستشفى الرملة مقيدة أطرافهم بالسلاسل، لا يقدرون على الحركة وحدهم، وبالكاد يستطيعون التنفس، فالوضع مأساوي جدا، كل مريض بحاجة للمساعدة ولا يوجد من يساعده".
لا يتوقف الأمر على الأمراض التي يعاني منها الأسرى، فهناك 6 أسرى مقعدون، تعرضوا للإعاقة أثناء الاعتقال، فالأغلب أصيب بالإعاقة بعد عام 2015 حيث تم اعتقالهم بعد إطلاق النار المباشر عليهم، تحديدا من اعتقلوا على حواجز الاحتلال العسكرية بدواعي نيتهم تنفيذ عمليات طعن.
ارتفع عدد الأسرى المرضى بعد سلسلة الاضرابات عن الطعام التي خاضها الأسرى منذ عام 2014، وأصبح الكثير منهم يعاني من أمراض وخلل في الأجهزة الحيوية بالجسم.
"لا يوجد أسير يخرج من السجن معافى، إن كان على الأبعاد النفسية أو حتى الجسدية"، تقول أماني سراحنة من نادي الأسير.
لم تغفل سراحنة أن عددا من الأسرى الذين عزلوا في الزنازين لسنوات طويلة، يعانون من أوضاع نفسية وجسدية صعبة.
وللأسيرات نصيب من المرض داخل السجن، وأكثر الحالات ربما خطورة وبحاجة ماسة للعلاج، والتي تعاني من وضع صحي خطير هي الأسيرة إسراء جعابيص المحكومة بالسجن 11 عاما، وتعاني من حروق نسبتها 50% في مختلف أنحاء جسدها.
وهذا جزء من نص رسالة أرسلتها الأسيرة جعابيص إلى ذويها في الرابع من الشهر الجاري: "بالنسبة لخروجي للعملية، فتح علي جروحي القديمة، وأعاد لي ذكريات الحادث بكل تفاصيله حتى طعم البنج داخل فمي، ولغاية الآن تلازمني هذه الذكريات بكل آلامها على الرغم من كل محاولات النسيان".
وتابعت "بالنسبة للمستشفى كان من المفروض أن أبقى هناك لمدة أسبوع، إلا أنني طلبت إخراجي بعد يومين لأنني بقيت مقيدة للتخت (السرير)، حيث كانوا يربطون قدمي اليمنى مع يدي اليسرى أو العكس، وكانت "الكلبشات" مشدودة جدا وسببت لي جروحا صعبة في القدم واليد، ورفضوا طلبي بإرخائها قليلا مراعاة لوضع جسدي الحساس، ولم أتمكن من احتمال آلامها الشديدة حتى عندما كنت أذهب للحمام كانوا يشدونها أكثر".
وتقول سراحنة، إن الأخطر فيما يعانيه الأسرى المرضى، بأن بعضهم أغلق ملفه الطبي حيث لا يوجد متابعة لهم، مثل الأسرى منصور موقدي، وناهض الأقرع، وخالد الشويش، ومعتصم رداد، وهؤلاء بحاجة إلى الافراج الفوري.
منذ عام 1967 استشهد 213 من الحركة الأسير، ومنهم من استشهد متأثرا بإطلاق النار أثناء الاعتقال، أو الإصابة بالأمراض الخطيرة، كالشهيد الأسير ميسرة أبو حمدية الذي ارتقى داخل الأسر جراء معاناته من مرض السرطان، فيما أن هناك عددا من الشهداء الأسرى يرتقون بعد الافراج عنهم بأشهر قليلة كالشهيد جعفر عوض من بيت أمر بالخليل الذي استشهد في شهر نيسان/ أبريل عام 2015، والشهيد الأسير المحرر حسن الشوامرة (52 عاما) من بلدة دورا في محافظة الخليل الذي استشهد يوم أمس الاثنين، بعد صراع طويل مع مرض السرطان، الذي أصيب به منذ أن كان أسيرا في سجون الاحتلال.