رائد أبو حارثية.. حارس الأرض المقدسة
عنان شحادة
على الأرض الجميلة والخضراء غرب بيت لحم، تسجل عشرات العائلات في بلدة بتير، منذ سنوات عديدة، فصولا خاصة في عملية المواجهة مع البرنامج الاستيطاني الإسرائيلي، وتواجه بجسارة قسوة المحاولات التي تستهدف إجبارهم على الرحيل من الأمكنة التي ارتبطوا بها وكونوا معها عشرة مديدة.
هناك.. في منطقة "الخمار" شرقي بتير، يخلع الاحتلال كل الأقنعة، ويتبدى عاريا وبشعا: "ترويع، تشريد، هدم بيوت وكهوف وعرائش، ومحاولات جادة لمحو أي وجود فلسطيني"!
رائد محمد أبو حارثية، واحد من بين عديدين من مزارعي بتير، يسجل منذ عام، قصة صمود في مواجهة المحاولات الاسرائيلية التي تستهدف اقتلاعه من منزله ووضع اليد بالقوة على أرضه.
"تركت كل مغريات الحياة وبأبسط مقومات العيش، وبنيت بيتا زراعيا صغيرا فوق أرضي كوسيلة دفاع عنها في مواجهة أطماع المستوطنين" قال أبو حارثية.
"أملك حوالي 20 دونما في منطقة الخمار، التي تبلغ مساحتها المئات من الدونمات، والتي أعلن الاحتلال عنها أراضي دولة ويمنع الدخول اليها" يضيف ابو حارثية، الذي بات يمضي كل وقته فيها، ويقوم بحراثتها وفلاحتها، رغم تعرضه للمضايقات والاعتداءات والتهديدات باعتقاله.. وأكثر من ذلك التهديدات بقتله.
ويؤكد أبو حارثية انه شرع في بناء منزله فوق أرضه، وتم ايقافه عن العمل مرات عدة، واخطر بوقف البناء، وتم الاستيلاء على حفار ومواد ومعدات البناء، وصولا الى الاعتداء على العمال والتهديد باعتقالهم.
وقال "امام كل الصعاب انهيت بناء المنزل البالغ مساحته 80 مترا، والذي يبعد عن أقرب منزل في البلدة حوالي كيلومتر، سكنته لكن لا توجد فيه ثلاجة او غسالة في ظل عدم وجود كهرباء، نعيش بأبسط مقومات الحياة ضريبة التمسك بأرضنا، وأصبحت الى جانب اسرتي المكونة من ستة افراد نتجنب الخروج ليلا وفي بعض الأحيان في النهار".
صمود ابو حارثية، شجع شقيقه رياض على القيام بمثله وبناء منزل صغير الى جواره ليتقاسما المعاناة معا.
بعد خمسة أشهر على سكنه الجديد، ما زال الشقيقان الحارثية، يعيشان وافراد عائلتيهما ظروفا حياتية صعبة.
وفي سيل الممارسات التي تزاولها قوات الاحتلال لتهجيره عن أرضه، يقول ابو حارثيه إن الجنود يطلقون الذئاب في الأراضي المحيطة بمنزله، ويمارسون الصراخ ليلا، ويرعبون أطفالي، ما أجبرني على إحاطة المنزل بأسلاك شائكة على ارتفاع عال مع بوابة، تخوفا من الحيوانات المفترسة، وأيضا من دخول قوات الاحتلال والمستوطنين.
وأشار أبو حارثية الى ان الاحتلال سلمه قبل ثلاثة أشهر اخطارا بإخلاء منزله وسط تهديدات بهدمه على نفقته الخاصة.
أمام المنزل المتواضع، تلهو طفلته مرح، صحابة السنوات الثماني، التي أجابت لدى سؤالها عن قوات الاحتلال "انا بخاف العب قدام البيت خوف ما ييجي الجيش ويطخني.. مرة صرخوا في ولحقوني وشردت، وبخاف من الأصوات في الليل".
عاد واكد أبو حارثية ان الخوف دوما يلازمه على أولاده في ذهابهم وعودتهم من مدارسهم حيث ترافقهم امهم كل يوم.
وتتعرض محافظة بيت لحم الى هجمة استيطانية شرسة طالت خلال العام الحالي العشرات من الدونمات، عدا عن تقطيع الأشجار وإقامة البؤر الاستيطانية وحرمان أصحابها من الوصول اليها.
وقال ممثل هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم حسن بريجيه، إن أراضي محافظة بيت لحم تتعرض لسرقة الأرض ما فيها وما عليها، وفي وضح النهار.
وأشار بريجية الى أن هناك مخططات استيطانية يتم العمل على المصادقة عليها من اجل الاستيلاء على أراض وشق طرق التفافية للمستوطنين، وربط القدس بمجمع مستوطنات "غوش عصيون".
ويحيي الفلسطينيون في 30 آذار من كل سنة، يوم الأرض، وتعود أحداثه لآذار 1976 بعد أن قامت السّلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي، داخل الخط الأخضر.