مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

بعد 70 عاما.. العودة إلى يافا ولو لثلاث دقائق

يامن نوباني

منذ عشر سنوات، يصل أفراد من عائلة الرملي إلى بيت محمود حسن الرملي، في يافا، الذي سُرق منهم منذ 70 عاما، يطرقون بابه، لكن المرأة اليهودية من أصل برتغالي، التي تسكنه وأسرتها، تغلق الباب في وجوههم بعصبية، وتمنعهم من الدخول موبخة إياهم باللغة العبرية.

هم أبناء وأحفاد أبو صلاح الدين الرملي، الذي اشترى البيت في حي العجمي- تلة العرقتنجي، خلف المستشفى الفرنسي، والمجاور لكنيسة القديس بطرس الإنجليكية في مطلع عشرينيات القرن الماضي، وقد كان البيت سكنا خاصا براهبات الكنيسة، وبعد عودة أبو صلاح من رحلة طويلة مدتها 20 عاما في الأرجنتين، حيث كان يعمل في تجارة الجلود والقهوة هناك، جمع ثروته من عمله فيها، وعاد إلى يافا كي يستقر، فتح محلا في سوق الصلاحي لبيع الغلال، وتزوج فاطمة بامية وكونا أسرة من ستة أولاد وبنت.

تمكن أحفاد أبو صلاح من الاستدلال إلى العنوان الصحيح بفضل ذاكرة عماد الدين الرملي، الذي كان طالبا جامعيا في مصر قبل النكبة، ويعي الكثير من التفاصيل حول الحياة في يافا وذكريات الأب والبيت والبيارة، حيث رسم الأحفاد خريطة الحي والطريق للوصول إلى البيت من دوار الساعة في يافا، بحسب رواية عماد وذاكرته ووصفه الدقيق، وساعدهم الاستعانة بخدمة خرائط جوجل Google map من تحديد موقع البيت بدقة، ومن معالم يافا، حيث الكنيسة الأرثوذكسية، وكنيسة القديس بطرس، والمستشفى الفرنسي، ومقبرة الأرمن، والشارع الضيق الذي حافظ على اسمه العربي ولم يتم تغييره كأغلب الشوارع وهو شارع عبد الرؤوف البيطار.

هيفاء الرملي، قالت لـ"وفا": تمكنت إحدى حفيدات أبو صلاح الرملي (دينا) هي وزوجها وقريبه، وبالاستعانة بجار فلسطيني في البيت المجاور لبيت الجد، الذي رحب بتقديم المساعدة لهم كي يتوسط لدى المرأة اليهودية بالسماح لهم بالدخول، كونها تعرفه وتثق به، من دخول البيت.

وأضاف: في البدء رفضت اليهودية، وقالت: إن العدد كبير (3 من عائلة الرملي) مع الجار أربعة، وأضافت، ان لا وقت لديها، طلبوا منها أن تدخلهم اثنين، اثنين، لمدة خمس دقائق، رفضت بشدة وقالت: إن خمس دقائق كثيرة جدا، أخبرت حفيدة أبو صلاح الرملي أن جدتها وأباها وأعمامها لم يتوقفوا يوما عن الحديث عن هذا البيت وعن كل الذكريات، وهي تعرف البيت من قصصهم التي لا تنتهي، أظهرت المرأة استغرابها وسمحت لهم بالدخول، لكن لمدة ثلاث دقائق!

تابعت: قام أفراد عائلتي بجولة صغيرة في حديقة المنزل، وجدوا غرفة المستودع التي حولها جدي وجدتي غرفة للضيوف، من يأتون لزيارتهم من قرية "المسمية الكبيرة" من عائلة الرملي للعلاج أو الدراسة. وعند دخولهم كان هناك كلب حراسة في الحديقة لم يعوِ ولم يبدِ أي رد فعل من دخولهم للمنزل وهو من نوع جيرمان شيبرد German Sheppard ، المفارقة أنه كان في بيت جدي كلب من نفس الفصيلة واللون وقت الهجرة وبقي في البيت بعد خروجهم منه. ولا أحد يمكن أن يخمن العلاقة بين الكلبين وهذه المصادفة الغريبة.

"صعدوا الدرج ودخلوا البيت، في مدخله صالة مستطيلة كبيرة، يحيط بها أربع غرف نوم وصالون ومطبخ.. يبدو البيت كما هو عليه لم يختلف سوى الدهان الداخلي، وبعض قطع الأثاث المتفرقة واللوحات، كان هناك ثوب فلاحي فلسطيني مطرز معلق على جدار واحدة من الغرف، بدلوا إحدى غرف النوم لحمام، والمطبخ أنزلوه من الطابق العلوي" تقول الرملي.

بدأت حفيدة أبو صلاح (دينا) بالدعاء بصوت عالٍ بالرحمة لجدتها وجدها، أغضب ذلك المرأة اليهودية فأسكتتها على الفور، وطلبت منها التزام الصمت.. وعندما سألت الحفيدة المرأة اليهودية عمن يسكن معها؟ أجابت انها هي وابنها فقط، وعندما سألتها إن كانت مستأجرة للمنزل أو مالكة؟ قالت لها: لا إنها مالكة للبيت وقد اشترته قبل خمسين سنة.

سريعا، وبواسطة هاتفها، التقطت الحفيدة "دينا الرملي" بعض الصور، "3" دقائق فقط للمكوث وجمع ما يمكن جمعه من إرث سُرق قبل 70 عاما.

هنا ولد أبي صلاح الدين الرملي وأعمامي الخمسة، عماد، ونزار، ومروان، وحسان، ومحمد، وعمتي عبيدة، هنا تزوج والدي ووالدتي في عام 1948، وكانت البذرة الأولى أخي جهاد الرملي الذي ولد في مصر بعد التهجير، هنا ذكريات يافا وعائلتي وبيوت جيراننا من عائلة شعث والدباس، ورائحة مكتبة جدي ووالدي الشغوفين بالكتب والقراءة.

لم تصل الزيارة إلى خمس دقائق، بل كانت بالكاد 3 دقائق.. حيث فتحت الباب الداخلي ووقفت بمحاذاته تنظر إليهم كي يخرجوا، مغلقة خلفهما الباب الخارجي والداخلي.

من ناحيتها، دينا الرملي، قالت لـ"وفا": "أحسست بشعور العودة المؤكدة من اللحظة الأولى لخروجي من معبر الكرامة، نحن خلقنا من طين وطننا الغالي، عند رؤية قبة الصخرة بعد النفق تهزنا المشاعر لتقبيل ترابه، قسما بالله مشيت أبحث عن المنزل بروحي وليس بالخريطة ولا بسؤال أهلنا في الداخل، روحك هي التي تجري بك إلى المنزل وفي أول مرة أخذت أطرق الباب وبشدة حتى أن البيت المقابل وهو لدار شعث أطلت من نافذته سيدة وبدأت تسألني من أنا؟ قبل أن ترد السيدة التي سرقت منزلنا عندما سحبت الشباك الصغير الموجود بأعلى الباب مثل السجن، وبدأت أحدثها بأن هذا المنزل ملاصق للكنيسة وللمستشفى الإنجليزي، وهذا بكون بيت جدي، والله صوتها اهتز، وردت بسرعة رهيبة وقالت: لا أعتقد أن هذا منزلكم، من الأفضل أن تذهبي إلى الكنيسة، واسألي هناك في حال كنت بحاجة لمساعدة، ثم أغلقت الشباك الصغير قبل أن أسألها أي سؤال".

"هذا أشعرني بسعادة غامرة أنها تخاف وتقلق وهي حبيسة جدران بيتنا، فهي لا تشعر بالطمأنينة فيه أبدا، ولذلك قررت وبالفعل الدخول ودخلناه رغما عنها".

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024