أبو جاموس من حياة الشقاء إلى الخلود
حاتم أبو دقة
..........
جدران من الحجارة المتهالكة وسقف من الصفيح وفراش من الحصائر والفرشات البالية، هذه الصورة المؤلمة لمنزل شهيد الأرض جهاد زهير أبو جاموس (27 عاما) من بلدة بني سهيلا شرق محافظة خان يونس.
والشهيد أبو جاموس متزوج وأب لأربعة أطفال، وهو البكر لوالديه من بين سبعة أفراد لأسرة كفيفة باتت تعيش في ظلام دامس بعد أن فقدت بصيرها ومعيلها الوحيد.
ويعيل أبو جاموس أسرته من خلال عمله بجمع البلاستيك من حاويات القمامة المنتشرة في أنحاء المنطقة الشرقية، حيث يقطع أكثر من ثلاث كيلو مترات يوميا مشيا على الأقدام حاملا على ظهره ما يتم جمعه طوال اليوم، ليسد به رمق أطفاله وإخوانه في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في ظل الحصار الذي يفرضه الاحتلال الظالم على القطاع.
وروى سلمان أبو جاموس ابن عم الشهيد لـ"وفا" ما حدث قبل استشهاده؛ قائلا: "ذهبت ومجموعة من شباب الحارة بعد صلاة العصر لنلبي نداء الأرض إلى جانب مئات الآلاف من أبناء شعبنا، وعندما وصلنا إلى منطقة الخيام شرق بلدة خزاعة بالقرب من السلك الزائل؛ فوجئنا بوابل من الرصاص والغاز المسيل للدموع، لحظتها تفرقنا في المكان الذي كان يعج بجموع المواطنين الغاضبين".
واستطرد وعيناه تذرف دموعا على فراق رفيق دربه: "أخدت أبحث عنه أكثر من ساعة حتى وجدته في الصفوف الأمامية، وتجمعنا من جديد وجلسنا إلى الشرق من الخيام وما هي إلا لحظات لا أعرف فيها كيف غادرنا مرة أخرى المكان، ليقترب جهاد من السلك الزائل ويسقط أرضا ملطخا بدمائه، ما هي إلا رصاصة استقرت في رأسه لم تمهله كثيرا ليسقط شهيدا تاركا خلفة مأساة لأسرة تجرعت الألم الفقر والقهر".
رفيقه محمد النجار قال إن جهاد كان شهما وصاحب نخوة ورغم المسؤولية الملقاة على عاتقه إلا أنه أبى إلا أن يلبي نداء الأرض ويشارك في مسيرة العودة.
وفي مدخل خيمة العزاء يجلس والد الشهيد الكفيف حزينا لا يملك إلا الدموع والترحم على روح سنده والعمود الفقري لأسرته.
وهكذا انتهت قصة الشهيد أبو جاموس لتبدأ بعده فصول جديدة من المعاناة لوالديه وزوجته التي ترك لها أربعة أطفال أكبرهم لا يتجاوز ستة أعوام، ووالده الكفيف وأمه التي تعاني من مرض مزمن.
ha