قفين في مهب الاستيطان
هدى حبايب
أثار قرار الاستيلاء الأخير على 14 دونما من أرضي قرية قفين الزراعية الواقعة خلف جدار الضم والتوسع العنصري، تخوف المواطنين من الاستيلاء على ما تبقى من أراضيهم المعزولة خلف الجدار، لأغراض استيطانية.
وتعود ملكية هذه الأرض للمزارع إبراهيم أحمد سليمان كتانة، وهو من سكان بلدة يعبد جنوب غرب جنين.
ويقول كتانة إنه تفاجأ بقرار الاستيلاء ملقى على الأرض، وكتب فيه: هذه الأرض هي أراضي دولة، وعليه رفع يده عنها.
وتتعرض أراضي بلدة قفين إلى الشمال من طولكرم، في هذا الوقت لتهديد استيطاني جديد، مع أعمال التوسع والبناء الضخمة التي تقوم بها آليات الاحتلال في مستوطنة "حريش"، المقام جزء منها على أطراف أراضي قفين الغربية والمحاذية لها باتجاه أراضي عام 1948، عدا عن قرارات الاستيلاء المتواصلة بحق أراضيها المحاذية لمستوطنة "حرميش" المقامة في الجهة الشرقية لقفين.
وحذر منسق اللجان الشعبية في حملة مقاومة الجدار في محافظات الضفة الغربية سهيل السلمان، من مخطط تحويل "حريش" لمدينة استيطانية ضخمة تضم 9 آلاف مستوطن، ولدى سكان قفين مخاوف حقيقية ليس فقط أن يتم الاستيلاء على كل الأراضي خلف الجدار، بل من إزاحة جدار الضم باتجاه الشرق.
وكانت سلطات الاحتلال عزلت 5 آلاف دونم من أراضي بلدة قفين المزروعة بأشجار الزيتون، خلف جدار الضم والتوسع الذي أقامته عام 2002، وفرضت وما زالت تفرض إجراءات تعجيزية بحق أصحابها، لمنعهم من الوصول إليها، عبر إعاقة إصدار تصاريح الدخول من البوابات الالكترونية، وهو ما جعل السكان على يقين بأنهم أمام نية مبيتة عند حكومة الاحتلال لوضع يدها على كل أراضيهم المعزولة خلف الجدار، والتعامل مع الجدار وكأنه إعادة ترسيم حدود من جديد.
وقال رئيس بلدية قفين جهاد طعمة، إن أراضي قفين المعزولة خلف الجدار تقع الآن في مصيدة الاستيطان، خاصة مع زحف"حريش" تدريجيا من هذه الأراضي، في الوقت الذي تتسارع فيه أعمال البناء بالليل والنهار على قدم وساق.
ويقول السلمان: الاستيطان عند الاحتلال لا يتوقف عند بناء بيت، أو شقة سكنية، بل هو نظام استعماري متكامل، هناك بيوت ومنازل، ومدارس وجامعات، ومستوصفات ومراكز صحية، وحدائق ومنتزهات، ومصانع، بالتالي مدن استيطانية كاملة، وهذا ينسجم مع ما طرحته الحركة الصهيونية من بداية احتلالها للضفة، ويشبه تماما إلى حد كبير المقدمات التي عملتها قبل احتلال فلسطين التاريخية عام 48.
ويضيف: ما يجري في الأراضي المحتلة من إقامة نظام استعماري عبر التواصل الاستيطاني يدلل على طبيعة هذا الاحتلال الذي يهدف إلى الاستيلاء على الأرض بدون سكان، ومن خلال هذه الممارسات يهدف إلى تضييق الخناق على الفلسطينيين، لإجبارهم على الرحيل طواعية من أراضيهم المحتلة عام 1967.
وأكد السلمان أن وتيرة الهجمات الاستيطانية ارتفعت منذ مطلع العام الماضي وتحديدا بعد تولي الرئيس الأميركي دونالد ترمب سدة الحكم، وما بعد إعلانه بأن القدس عاصمة لإسرائيل، فزادت عدد الوحدات السكنية التي تم إقرارها من قبل حكومة الاحتلال، وهذا مؤشر خطير.
وفي ظل المخاوف التي تنتاب المزارعين أصحاب الأراضي المهددة بالاستيلاء في قفين، شددوا في لقاءاتهم مع مراسلة "وفا"، أن مطلبهم الآن هو تعزيز صمودهم في مواجهة الغول الاستيطاني ومساعدتهم على حماية أراضيهم، وقالوا "هذه الأرض ملكيتنا ولدينا الأوراق الثبوتية لذلك".
ويقول السلمان: إن أصحاب هذه الأراضي تقدموا باعتراضات لدى المحاكم الإسرائيلية، خاصة أن بحوزتهم كافة الأوراق الثبوتية لملكيتهم لأراضيهم، رغم عدم قناعتهم بالقضاء الإسرائيلي المزيف وغير النزيه، في ظل إصدار مجموعة من القوانين العنصرية التعجيزية من الكنيست الإسرائيلية تصعب حتى توجه المواطنين لمحكمة الاحتلال العدل العليا مباشرة، حتى وإن حكمت هذه المحاكم فإن الحكم هو لصالح الإسرائيليين، لتصفي المسألة وكأنها نزاع على ملكية.
وخسرت بلدة قفين التي تقع على الحد الفاصل بين مناطق 1948-1967، الآلاف من أراضيها الزراعية منذ نكبة عام 1948، فبعد أن كانت مساحتها قبل ذلك (30) ألف دونم، خسرت 20 ألف بعد الاحتلال، وأتى الجدار وعزل 5.500 دونم من أراضيها الغربية، ذهب 500 دونم لصالح مستوطنة "حرميش".
ومع المخططات الإسرائيلية لصالح توسيع الاستيطان، أصبحت قفين من أكثر المناطق في طولكرم المهددة بالاستيلاء على ما تبقى من أراضيها.