مصابو غزة.. تضامن بالدم
محمد أبو فياض
يرقد أكثر من 1000 من أبناء شعبنا في قطاع غزة، بعدة مستشفيات، يعالجون من إصاباتهم برصاص الاحتلال وغازه السام الذي تعرضوا له خلال هجوم قناصة الاحتلال على المسيرات الشعبية التي انطلقت من القطاع باتجاه الحدود الشرقية، في الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض الخالد.
وتجولت "وفا" بين المصابين في مستشفيي ناصر والأوروبي، وكان واضحا حجم الاستهداف والدموية من قبل جنود الاحتلال الذين هاجموا المواطنين العزل رغم تمترسهم في مواقعهم المحصنة وخلف جبال رملية وخنادق أقيمت على امتداد المنطقة.
الشاب محمد عيد (30 عاما) من خان يونس جنوب قطاع غزة، يرقد في مستشفى ناصر، يأمل بالقدرة على المشي من جديد على قدمه بعدما أصيبت بنيران الاحتلال الإسرائيلي خلال مشاركته في مسيرة العودة يوم الجمعة الماضية، شرق المدينة.
محمد مازال يرقد على سرير الشفاء في المستشفى، لتلقي العلاج من تهتك في أعصاب القدم، قد يعيق مشيه عليها من جديد ولو مؤقتاً.
هو كغيره من المصابين، غير نادم على ما آل إليه وضعه الصحي جراء إصابته، مؤكدا انه سيعود من جديد للمشاركة في مسيرة العودة في حال كتب له الشفاء التام.
ولم يختلف حال الطفلة مريم فريد (16 عاما) عن حال محمد، فهي ترقد على سرير الشفاء بالمستشفى الأوروبي في خان يونس، جراء إصابتها في قدمها اليمنى بنيران قوات الاحتلال يوم الجمعة أيضا.
تعاني مريم من تهتك وتدمير في أنسجة وعظام قدمها، ومازالت تتألم من جرحها، حيث خضعت لعملية جراحية معقدة تكللت بالنجاح، قد تمكنها من السير من جديد على قدمها لكن بعد فترة من الزمن تحتاجها للحصول على العلاج اللازم.
المصادر الطبية أكدت لـ "وفا"، أن معظم الجرحى أصيبوا في الأطراف بنيران قناصة، بشكل متعمد بقصد إعاقة أوشل المصاب.
أجواء المستشفيات لا تختلف كثيرا عن حال الشارع الغزي، حالة من السخط والغضب على حجم التصعيد الإسرائيلي، ممزوجة بآثار سلبية جدا لحصار جائر تفرضه إسرائيل على القطاع.
مدير قسم الحوادث والطوارئ أخصائي جراحة العظام والمفاصل في مجمع ناصر الطبي، أيمن الأسطل أكد، "أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعمدت تكبيد الفلسطينيين أكبر عدد ممكن من المعاقين، مستخدمة الرصاص الذي يحدث تهتكا في العظام والأنسجة لدى المصابين.
وقال مواطنون تجمهروا في بنك الدم في المستشفيين، "إن واجبهم الوطني والديني يدفعهم للتبرع بالدم كنوع من المشاركة في الدفاع عن الأرض والقضية من خلال إنقاذ حياة المصابين، معظمهم لم يتمكن لظروف خاصة به من المشاركة في المسيرة والمواجهات فوجد التبرع بالدم وسيلة لتعويض ذلك".
وتابعوا، "أن هذه ليست المرة الأولى، التي يهرع فيها المواطنون، لتلبية نداء التبرع بالدم، للمساهمة في إنقاذ من يقدمون أرواحهم لأجل الوطن، بل هي أفضل وسيلة للتضامن مع الجرحى".
وقال المواطن خالد قبلان، الذي تبرع بدمه للمصابين في المستشفى الأوروبي "هذه ضريبة الوطن ويجب على الجميع التبرع بالدم لإخواننا في ظل الهجوم غير المبرر من قوات الاحتلال على شعبنا الاعزل".
فيما أكد الشاب بلال القهوجي، أن "التبرع بالدم يجعله يشعر بسعادة غامرة، خاصة أنه يقدم المساعدة للجرحى الذين يقدمون أرواحهم لأجل الأرض وتحريرها، فهذا واجب وطني".