الأبراج العسكرية.. حصار واستيطان
أمل حرب
كتلة خراسانية بشكل اسطواني، يبلغ ارتفاعها ثمانية أمتار بمساحة اجمالية تبلغ ثلاثة أمتار مربعة، تعلوها نوافذ صغيرة، محاطة بجدار إسمنتي فوقه شبك فولاذي يحيطه من كل الاتجاهات، مزودة بمولدات كهربائية وكاميرات مراقبة؛ هذه هي الأبراج العسكرية الإسرائيلية التي يتحصن بها جنود الاحتلال.
وتحتل الأبراج العسكرية الإسرائيلية المرتفعات والقمم الجبلية ومداخل المدن والبلدات والمخيمات والطرق الالتفافية، حتى وصلت إلى داخل التجمعات السكانية الفلسطينية، وتراقب تحركاتهم حتى في منازلهم، وتنغص عليهم حياتهم، وتحكم الإغلاق على حرية الفلسطينيين حيث وجدوا، مخالفة كل الأعراف الدولية وحقوق الإنسان.
خبير الأراضي والاستيطان عبد الهادي حنتش، يقول لـ"وفا" إن الأبراج العسكرية لا تختلف عن البؤر الاستيطانية، حيث تم بناؤها بطريقة استراتيجية لتحاصر التجمعات السكانية الفلسطينية، وتضعها تحت المراقبة على مدار الساعة.
وأضاف إن الاستيطان بني في الضفة الغربية على شكل دوائر، وهذه الدوائر تحاصر السكان الفلسطينيين، والأبراج لم توضع عبثاً من قبل الاحتلال الإسرائيلي بل قاموا بدراستها دراسة عميقة واختاروا أماكن مناسبة لها، حتى أصبحت جزء من الاغلاقات على الضفة الغربية، وبالتالي نجد أن معظم مداخل البلدات في الضفة الغربية بشكل عام، ومحافظة الخليل بشكل خاص تحتلها الأبراج العسكرية التي تحد من حركة السكان وتنغص عليهم عيشهم، فغالبا ما يصاحب هذه الأبراج بوابات حديدية سيما إذا كانت على المداخل المؤدية للتجمعات السكانية.
وأوضح أن الأبراج العسكرية تخنق محافظة الخليل من كل اتجاه، وتحاصر شارع 35 الذي يبدأ من معبر ترقوميا مرورا بالبرج العسكري المقام على مدخل بلدة إذنا الشمالي "اللية" حتى شارع ستين الالتفافي، وتستمر شمالا من مدخل بلدة سعير، والنبي يونس، وبلدة بيت أمر، ومخيم العروب حتى التجمع الاستيطاني "عصيون" كل هذه القرى والبلدات محاصرة بالأبراج العسكرية.
وتابع "بالاتجاه إلى الجنوب تبدأ الأبراج الاحتلالية من مدخل يطا الشمالي "مفترق زيف"، والذي يكشف أيضا مدخل مدينة الخليل الجنوبي، وصولا للبرج المقام على مدخل مخيم الفوار "مثلث دورا"، وبرج واد الشاجنة ومفترق خرسا الطريق الرابط بين دورا وريفها الغربي ومفترق بيت عوا، فضلا عن الأبراج التي يقيمها الاحتلال داخل مدينة الخليل وهي كثيرة خاصة على رؤوس الجبال بحيث تكون البلدة القديمة تحت رحمة الأبراج".
وأشار حنتش إلى أن وضع الأبراج في محافظة الخليل جعل منها "كانتونات"، حيث يوجد فيها ما يقارب 30 برجا، معظمها وضعت في المناطق المصنفة (أ) على غرار منطقة خرسا وفي حدود بلدية دورا، مخالفة بذلك كافة المعاهدات المتفق عليها.
ويقول "هنالك مخطط إسرائيلي بإقامة خمسة بوابات في المنطقة وضع منها أربعة أبواب بابان مغلقان لا يسمح للمواطنين المرور عبرها، وإذا وضعت ثلاث بوابات إضافية حسب المخطط ستكون قرى الجنوب مثل بلدة الظاهرية، بما فيها قرى جنوب دورا منطقة محاصرة، والمخطط الجديد الذي أضافوه سيكون له خطورة بالغة على حركة المواطنين من القرى الغربية إلى القرى الجنوبية من دورا".
وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي وضع خطة لتوسيع شارع رقم 3265 للاستيلاء عليه حسب الخطة، وهناك جسر معلق يرتبط بشارع آخر والذي سيتم شقه كشارع استيطاني، كما تم وضع بعض البيوت المتنقلة "الكرافانات" والخيام، ووجود هذا الشارع يعتبر مرحلة ثانية من المخطط الذي أعلن عنه قبل أيام.
وأضاف "في منطقة قُب الجانب التي تقع غرب الحرم الإبراهيمي وعلى رأس جبل حارة أبو سنينة وهي أعلى منطقة تشرف على مدينة الخليل والقرى المجاورة للمدينة، وضع برج بشكل استراتيجي لمحاصرة سكان المنطقة، حيث تعتبر الأرض المقام عليها البرج أرض مصادرة وأعلنها الاحتلال أنها من أملاك (الدولة الإسرائيلية) حسب القوانين الاحتلالية".
وتابع "عند متابعة قضايا الاستيطان نجد عدة نقاط أهمها أن الأبراج العسكرية جزء لا يتجزأ من خطط الاحتلال، وستزداد الأبراج في الفترة المقبلة لأن الاحتلال لديه خطط أخرى مرتبطة بهذه الأبراج وهو مخطط الأنفاق، حيث يوجد في الضفة الغربية 33 نفقا منها خمسة في الخليل هي (منطقة جبعة صوريف، وعند النبي يونس، وعند مفترق سعير، ومفترق يطا، والخامس عند مفترق الفوار).
وحول مساحة الأراضي المصادرة لصالح الأبراج العسكرية، أوضح أن موقع البرج العسكري يحدد مساحة الأرض؛ فبعض الأبراج لا تأخذ سوى أمتار معينة، والبعض الآخر يأخذ 1000 متر مربع.
وحول طرق مقاضاة الاحتلال لإزالة الأبراج من أراضي المواطنين، رأى حنتش أنه لن ينجح أي شخص كان بإزالة أي برج عسكري في المحاكم الإسرائيلية، كون محاكم الاحتلال لا تأبه لهذه الاعتراضات، بالرغم من أنها مخالفة للقانون الدولي.