ملاحظات واجبة
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية، أخبار صحفية تصدر عن مكتبه، تتحدث عن اتصالاته الهاتفية، بشأن تطورات الأحداث الراهنة، ومنها مثلا انه اجرى اتصالا مع أمين عام الجامعة العربية ليشير الى أهمية التوجه الى محكمة الجنايات الدولية، لمقاضاة الاحتلال جراء جريمته قتل المواطنين في مسيرة العودة، ويا لها من اشارة(..!!) ويا له من اكتشاف لأهمية هذه المحكمة، لأصحاب "مشروع المقاومة" الذي طالما كانت بياناته تتوعد الاحتلال بالردود المزلزلة ...!!
كأن هنية لا يقرأ أخبارا، ولا يدرك واقعا سياسيا، أو لعله لا يطيق أخبار الحراك السياسي النضالي، الذي يقوده الرئيس أبو مازن، الحراك الذي يسمع له العالم، ويتعامل معه بوصفه حراك الشرعية الفلسطينية، أو لعل هنية وهذا الأرجح، يتوهم انه بحركات من هذا النوع، قادر على تسويق نفسه "البديل" الذي تريده "صفقة القرن" التصفوية، وغير ذلك من الواضح ان هنية لا يعرف من السياسة غير شؤون المناكفة والمشاغبة والاستعراض الدعائي المحموم حتى لو كان مشهد الدم الفلسطيني الذي يحرض على الوحدة الوطنية طاغيا..!!
ولا يطرح هنية في كل هذا السياق، لا فكرة جديدة، ولا موقفا مغايرا عن مواقف الرئاسة، فالذهاب الى الجنايات الدولية قرار الشرعية منذ زمن، والذهاب الى مجلس الأمن الدولي قرارها ايضا، وكذلك الذهاب الى مختلف المحافل الدولية، اضافة الى قرارها اعتماد المقاومة الشعبية السلمية، التي حرص الرئيس أبو مازن وما زال يحرص على تكريسها خيارا نضاليا قادرا على حماية المشروع الوطني، وتحقيق أهدافه العادلة والمشروعة، وبقدر ما يطرح هنية نفسه كبديل، في استغلال معيب لدماء الشهداء الطاهر، بقدر ما يؤكد انه ضد المصالحة الوطنية، وهذا ما يفرض طرح السؤال المنطقي والمشروع، عن الذي اتخذ القرار داخل حماس، لتنفيذ محاولة الاغتيال الآثمة، التي تعرض لها رئيس حكومة الوفاق الوطني، ورئيس جهاز المخابرات العامة قبل أسبوعين في غزة ..؟؟ والواقع لعل أصدق ما اتخده هنية من موقف في هذه القضية، انه لم يتصل برئيس الحكومة ولا برئيس جهاز المخابرات ليهنئهم بسلامتهم من هذه المحاولة الاجرامية، وبأي وجه كان ممكنا له ان يجري مثل هذا الاتصال، لو لم يكن على الأقل على علم بقرار هذه العملية الارهابية ..؟؟ وقديما قال راعي الإبل: "البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير ...!!!".
لن يكون بمقدور أخبار هنية الصحفية هذه، ان تمنحه اية شرعية تجعله وحركته صوتا مسموعا داخل أروقة المؤسسات العربية أو غيرها، ولن توفر له ابدا امكانية ان يكون وحركته، بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية، وما زالت وستبقى صناديق الاقتراع هي التي تمنح المكان والمكانة، لا في أطر الشرعية الوطنية الفلسطينية، فحسب، وانما كذلك في مختلف الأطر العربية والدولية، ناهيكم عن المسيرة والسيرة النضالية لاصحاب الشرعية بواقعيتها المشرقة، التي أثمرت وما زالت تثمر مزيدا من الخطوات الراسخة التي تتقدم في طريق الحرية ذاتها، واذ نحن مقبلون بعد قليل على انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، فإن الواقع يعلن بمنتهى الوضوح، ان دروب الشرعية وحدها هي التي تظل سالكة، ولن يكون بمقدور الأخبار الصحفية، التسويقية والدعائية، ان تشق دروبا غيرها، ولن يكون بمقدورها أبدا ان تصنع زعامة وطنية، طالما انها لا تقرب الوحدة الوطنية، وتظل ساعية نحو مشروع الدويلة المؤقتة وهي تلوح بذات أصحابها بديلا يخدم هذا المشروع التصفوي..!!