"فرانكفونية" في رام الله
ردينة النحاس
الجيل الأول لمدرسة "ليسيه الفرنسية" لعام 2018، هم أطفال روضة يجلسون في مقاعد تتناسب مع اعمارهم التي تتراوح ما بين سنتين ونصف وخمس سنوات، في غرفة صفية ملونة يستمعون بشعف لمدرستهم الفرنسية التي تتحدث بلغتها الام.
"ليسيه" هي أول مدرسة على مستوى محافظات الوطن كافة، تمنح شهادة البكالوريا الفرنسية الدولية المعترف فيها عالميا، والتي توفر بعد انهاء المرحلة الدراسية فرصة الالتحاق ببرنامج الدراسات العليا في جامعات عالمية في الدول الأوروبية والعربية كافة، هذا ما قالته مديرة العلاقات العامة لينا محيسن.
وحول فكرة انشاء المدرسة، أوضحت أن إنشاءها جاء ضمن اتفاقية بين الرئيس محمود عباس ونظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون، وذلك لاهتمام الحكومتين بتوفير نظام تعليمي متطور بمنهجية دولية، يمكّن أطفال فلسطين من اكتساب مهارات تساعدهم على فتح آفاق في المستقبل.
وأوضحت محيسن لـ"وفا"، أن "ليسيه" تأتي تحت مظلة وزارة التربية والتعليم الفرنسية، ولديها ما يزيد عن 500 مدرسة حول العالم، وتتبع منهجية المدرسة الأم، وتعتمد بالتدريس على ثلاث لغات، هي: الفرنسية، والإنجليزية، والعربية.
وأشارت إلى أن المدرسة استوعبت أطفالا من عمر سنتين ونصف حتى 5 سنوات، وسيتدرجون في المراحل بشكل تدريجي، حتى الصفوف الثانوية والتخرج، والهدف أن يتأسسوا على اللغة الفرنسية، علما أن مدة التدريس خلال العام الدراسي هي 10 أشهر.
وتتابع: ما يميز المدرسة عن غيرها اتباعها نظاما بيئيا وتعليميا متكاملا يشجع الانفتاح على ثقافات أخرى، وتضفي جوانب جديدة على شخصية الطلبة، وتعزز المهارات الأكاديمية، والثقافية.
وتطرقت إلى المتحدثين باللغة الفرنسية على مستوى العالم، بقولها: أصبح أكثر من 270 مليون شخص يتحدثونها، وفرصة اكتساب أطفال فلسطين لهذه اللغة سيساهم في بناء جسر تواصل مع العالم الخارجي، يمكنهم الحصول على فرص أكبر سواء في الحياة العلمية، أو العملية، وهناك شريحة لا بأس بها في محافظة رام الله من خريجي مدرسة "ليسيه".
واشارت إلى أنه من ضمن الاتفاقية، ابتعاث كادر تدريسي بخبرة أكثر من عشرين عاما، حيث يتواجد طاقم فرنسي لتنفيذ برامج التعليم المطابقة لوزارة التربية والتعليم الفرنسية، إضافة الى منهاج معد من قبل التربية الفلسطينية، الذي يعزز جوانب عديدة في شخصية الطالب.
وعن المدرسين الفلسطينيين، قالت: يدرّسون كأساتذة مساعدين، بينما المدرسيون الأساسيون هم من الفرنسيين، وآخرين دوليين، مشيرة إلى أن الكادر المتوفر هو الخاص بمرحلة رياض الأطفال، ويغطي احتياجات الطلبة، ومع بداية كل عام دراسي يتم توفير وابتعاث كادر من التعليم للصفوف التي سيتم افتتاحها.
وعن المبنى الخاص برياض الأطفال، أوضحت: أنه تم تجهيزه وفقا للمواصفات العالمية، وشروط السلامة والأمان، فهو مزود بالمستلزمات، والأدوات التعليمية، ووسائل التعليم الإبداعية، والمخطط تم الاشراف عليه من قبل طاقم فرنسي جاء خصوصا لذلك، الى جانب التعاون المحلي وفق المعايير الدولية، وهذا المبنى مجهز ليخدم هذا العدد والعمر، ولاحقا سيتم انشاء صفوف للمراحل الإعدادية.
ونوهت إلى وجود شريك استراتيجي، هو شركة بريدج (Bridge)، التي تقوم بمهام إعداد تقارير بشكل دائم لوزارة التربية والتعليم الفرنسية بشكل أسبوعي، حتى يتم التأكد أن المدرسة تعمل ضمن الأنظمة والمعايير التي تنص عليها الوزارة الفرنسية.
وعن التحديات التي واجهت القائمين على المدرسة، تحدثت عن صعوبة اقناع الحكومة الفرنسية بافتتاح مدرسة "ليسيه" بفلسطين، كونها قابعة تحت احتلال، وليس سهلا احضار طاقم فرنسي، في منطقة تعتبر "غير آمنة" على حد تعبيرهم.
وتابعت: فلسطين من أعلى النسب الموجودة بالمنطقة من ناحية التعليم، وهذا جزء من اصرارنا على تحدي الواقع الذي نعاني منه.
ونوهت إلى ان التسجيل للعام الجديد بدأ من الآن حتى نهاية نيسان الجاري، وسيتم تنظيم مخيم صيفي في شهري تموز وآب، للفئة العمرية من 4-10 سنوات، وسيتم احضار فريق دولي ليتابع فعاليات ونشاطات النادي، الذي ستتخلله برامج متنوعة ونشاطات من خلال اللعب، وستكون من ضمنه مواضيع تشمل اللغات الثلاث، وسيتم استقبال طلاب من المدرسة وخارجها، وسيتيح للأهل التعرف على المدرسة والخدمات المقدمة للطلاب.
وحسب نتائج الإحصاء العام الذي نفذته بريطانيا في فلسطين خلال عام 1922، كان هناك 716 متحدثا باللغة الفرنسية، وكان هناك متحدثون بتسع وثلاثين لغة أخرى.