"التعزيز والانتشار" لانقاذ الضفة
جيفارا سمارة
عام 2018 كان شاهدا على ولادة أشكال جديدة رسمية وشعبية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وحماية الأراضي المهددة بالاستيطان، وتعزيز صمود المواطنين، خاصة في المناطق المصنفة "ج"، التي تشكل ما نسبته 60% من أراضي الضفة.
على المستوى الرسمي، أقرت الحكومة خطة لإنقاذ المناطق المصنفة "ج" من أراضي الضفة، وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير وليد عساف: إن "الخطة تعتمد على تفعيل وتعزيز المقاومة الشعبية، ورصد ميزانية مستعجلة لها بقيمة 6 ملايين دولار بمرحلتها الأولى، لتعزيز صمود المواطنين في تلك المناطق".
وشعبيا، شهد قطاع غزة، مسيرات سلمية ما زالت مستمرة وتتصاعد وتيرتها منذ يوم الجمعة الماضية، رغم قيام قوات الاحتلال بقمعها وارتكاب مجزرة بحق المشاركين فيها، راح ضحيتها 17 شهيدا، وإصابة أكثر من ألف آخرين.
المشترك بين الحراكين في جناحي الوطن الانتقال من ردة الفعل الى الفعل على الأرض، ما اكسبهما زخما وتأييدا انعكس على المواقف الدولية والاقليمية الداعمة للحق الفلسطيني والمنددة بجرائم الاحتلال بحق شعبنا وأرضه ومقدساته.
الوعد المشؤوم الذي قطعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن القدس فتح شهية حكومة المستوطنين على رسم مزيد من خطط سرقة أراضي الضفة، وآخرها ما كشفت عنه صحيفة "واشنطن بوست" قبل نحو شهر، وهو خطة لوزيرة القضاء الإسرائيلية إيليت شاكيد لضم الضفة الغربية، وإمكانية تعاون الرئيس ترمب مع هذه الفكرة.
وأوضح عساف أن الحكومة بدأت بتطبيق الخطة في المناطق الاكثر تهديدا بالسرقة والاستيطان (السفوح الشرقية، ومسافر يطا، وبني نعيم، والرشايدة، وتقوع، ومناطق خلف الجدار، وشرق طوباس، وعوريف، ومادما، وبورين، والمزرعة الغربية، ومفترق زعترة، ويتما، وقبلان، وبيتا والزاوية، وكفر الديك، ودير بلوط، ومحيط منطقة قلقيلية، وجيوس، وعصيرة القبلية، وجيبيا، وعين يبوس)، إضافة إلى عدد من المناطق في محيط مستوطنات (يتسهار، وبراخا، وافتار، وحلميش).
وبيّن أن الخطة تشمل حراثة الاراضي الواقعة خلف الجدار بنسبة 50%، والاراضي المحاذية للمستوطنات بنسبة 100%، وفي السفوح الشرقية بنسبة 50%، والسفح الشرقية التي تمتد من سوسيا ومسافر يطا جنوبا مرورا ببادية القدس وصولا الى شرق طوباس.
وأشار إلى ان الخطة تركز على مد نفوذ القرى في تلك المناطق عبر إنشاء شبكات مياه وكهرباء وطرق، واستصلاح الأراضي وزراعتها، وبناء بيوت زراعية على التلال المهددة بالاستيطان لأصحاب هذه الاراضي، على غرار ما حدث في بلدة قصرة في نابلس.
وشدد عساف على أهمية توحيد الجهود لمساندة الخطة، خاصة تعزيز وتفعيل دور المقاومة الشعبية السلمية، في مواجهة مشاريع التهويد والاستيطان لإنقاذ ما يمكن انقاذه في من مناطق "ج"، وخلق أمر واقع فلسطيني في هذه الاراضي، وحمايتها من الاستيطان.
وأكد أن الاحتلال يسعى إلى تطبيق مشروع التهجير القسري في السفوح الشرقية والاغوار، ويمنع تحول التجمعات الفلسطينية في تلك المناطق إلى قرى منظمة لها مخطط هيكلية.
مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، أكد في أحد تقاريره، أن إسرائيل تنفذ مخططا لتهجير نحو 200 تجمع سكاني فلسطيني في المناطق المصنفة "ج"، كما تمنع بناء المنازل أو المباني العامّة، والخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والطرق المعبّدة، في تلك المناطق، بعد هدم الكثير من المنازل والألواح الشمسيّة لإنتاج الكهرباء وآبار المياه والطرق، وفي بعضها يُجري الجيش تدريبات عسكريّة في مراعي السكّان وأراضيهم الزراعيّة أو حتّى بين منازلهم.
ويتركز المخطط في ثلاث مناطق بالضفة، وهي جنوبيّ جبال الخليل، ويسكنها نحو ألف شخص ونصفهم تقريبًا قاصرون، ومنطقة "معاليه أدوميم"، وهجر منها مئات البدو من عشيرة الجهالين، ومنطقة الأغوار وتضم 20 تجمّعا رعويّا، أعلنها الاحتلال "مناطق إطلاق نار".
وبحسب هيئة مقاومة الجدار، استولى الاحتلال خلال عام 2017 على نحو 2,100 دونم من أراضي الفلسطينيين، إضافة الى مئات الدونمات من خلال توسيع الحواجز الإسرائيلية وإقامة نقاط مراقبة عسكرية لحماية المستعمرين.
وأوضحت الهيئة أن الاحتلال يستغل ما يزيد عن 85% من مساحة فلسطين التاريخية، والبالغة حوالى 27 ألف كيلومتر مربع، ولم يتبق للفلسطينيين سوى حوالى 15% فقط من مساحة الأراضي.
وبينت أن عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية بلغ في نهاية 2016 في الضفة الغربية، 425، منها 150 مستعمرة، و107 بؤر استعمارية.
وشهد عام 2017 ازدياد بناء وتوسيع المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية، إذ صادق الاحتلال على بناء حوالى 16 ألفاً و800 وحدة سكنية، ثلثها في مدينة القدس المحتلة، كما صادق على إقامة أربع مستعمرات جديدة، واحدة جنوب محافظة نابلس، وثلاث في الأغوار.