نساء على الحدود
خضر الزعنون
تشكل مشاركة المرأة في الفعاليات والمسيرات السلمية على حدود قطاع غزة، ايقونة ودرعا مساندا للرجال في تحدي آلة الاحتلال العسكرية وجنود قناصته، المتمترسين خلف السواتر الترابية، ويستهدفون الشبان، والفتية العزل.
العشرات من النساء والفتيات يشاركن بشكل يومي في الفعاليات السلمية، التي تأتي بدعوة من الهيئة الوطنية العليا واللجان الشعبية في المخيمات بقطاع غزة، وهن يحملن أعلام فلسطين، ويعتمرن الكوفية، وأخريات يرتدين الثياب التراثية المطرزة بألوان العلم الفلسطيني، ويلوحن بالأعلام، ويرفعن شارات النصر، ويلونّ إطارات السيارات، في تحدٍ لانتهاكات جيش الاحتلال، وقناصته.
كفاح (50 عاما) من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، تشارك باستمرار في الفعاليات السلمية، التي تأتي في إطار إحياء الذكرى الثانية والأربعين لهبة "يوم الأرض"، منذ الثلاثين من آذار الماضي، على مقربة من السياج الفاصل شرق مدينة غزة.
وتقول كفاح: أحرص على المشاركة في المسيرة، وكل يوم اتوجه لمنطقة الحدود، لإثبات حقنا في أرضنا، وهذا الحق ما راح يضيع، بالرغم من أن العالم يعيش في غفلة، وإسرائيل تزيف التاريخ، وتسرق الأرض... ونحن نقول: هنا باقون مغروسون في أرضنا، وسنعود إليها.
وتضيف: أنا بأحب ألبس الثوب الفلاحي المطرز، وهذا تراثنا نحافظ عليه من سرقة الاحتلال، وأشارك في كل مسيرة، حتى يرانا العالم، وليعرف أن المرأة الفلسطينية دائما في الطليعة، لا تهاب القتل، أو إرهاب الاحتلال، هي صاحبة حق، كفلته القوانين والمواثيق الدولية، ومن حقنا مواجهته".
من جهتها، تشير الفتاة علياء (22 عاما) وهي تعتمر الكوفية على رأسها ووجهها، إلى أنها جاءت "الجمعة مع صديقاتها للمشاركة في إحياء يوم الأرض، ومسيرة العودة، وتكريم الشهداء، وقالت:معنا حقائب بها مياه معدنية نوزعها على المواطنين، الذين يتصدون للاحتلال بالحجارة، والزجاجات الفارغة".
وخلال "جمعة الكوشوك"، التي أعلنها نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي من غزة، وهي الجمعة الثانية، التي تمر في إطار فعاليات "يوم الأرض"، أصيبت العديد من النساء والفتيات غالبيتهن بالاختناق والاغماء، جراء استنشاقهن الغاز المسيل للدموع، الذي يهاجم به جنود الاحتلال المشاركين في المسيرات السلمية على الحدود الشرقية والشمالية في القطاع.
وتقوم بعض النسوة بتقديم الإسعافات الأولية للجرحى، من خلال عملهن كمتطوعات لدى مؤسسات محلية وأهلية، وبعضهن بشكل فردي، لإنقاذ حياة الجرحى والمصابين بتضميد جراحهم.
أما نجاح ( 55 عاما) من منطقة حي التفاح بمدينة غزة، طالبت نساء العالم بالوقوف إلى جانب المرأة في غزة، ومساندتها ورفع المعاناة عنها من بطش واعتداءات الاحتلال.
"على نساء العالم الحر أن يقفن بجانبنا، نحن نضطهد، ونقتل، ويقتل أولادنا، وبعضهم يتعرضون لإعاقات دائمة، بسبب الرصاص المتفجر، الذي يهتك العظام، ويصابون بتشنجات، وقيء، وغثيان من استنشاق الغاز السام"، تضيف نجاح.
وتوافقها الرأي الحاجة نبيلة (60 عاما) من نفس الحي، قائلة "نريد أن تقف معنا نساء العالم، نحن بشر مثلهم، وإسرائيل لا تفرق في القتل بين رجل ومرأة، وين أصحاب حقوق الإنسان، والذين ينادون بحقوق المرأة، ليأتوا ويروا بأم أعينهم ماذا تفعل إسرائيل بالمرأة الفلسطينية، من قتل وإصابة، وسجن، وترمل النساء، وتيتم الأطفال، لمتى نظل هكذا، بكفي بكفي، نشكو حالنا لله".
وتتواصل في القطاع للأسبوع الثاني على التوالي مسيرات العودة، في المناطق الحدودية، والتي تواجهها قوات الاحتلال وجنود القناصة بعنف، ما أدى إلى استشهاد 29 مواطناً وإصابة 2850 آخرين، بينهم 1296 بالرصاص الحي والمتفجر، و79 منهم حالتهم خطيرة، يتلقون العلاج في مستشفيات القطاع.