جرحى يقاومون
زكريا المدهون
على عكازتين حديديتين يسير محمد أبو عيدة (26 عاماً)، على طول شارع ترابي محاذ للحدود الشرقية لمدينة غزة للمشاركة في فعاليات "مسيرة العودة" التي انطلقت في الثلاثين من الشهر الماضي.
أبو عيدة يقطن حي الصبرة جنوب مدينة غزة، أصيب قبل ثلاثة أشهر في نفس المنطقة المتواجد فيها حالياً برصاصة متفجرة أطلقها عليه قناص من جيش الاحتلال الاسرائيلي، ما أدى الى تهتك في قدمه اليمنى.
يصّر ذلك الشاب الذي يسير بصعوبة على المشاركة في الفعاليات الوطنية رغم إصابته الصعبة، قائلاً: "لو قطعت أقدامي، وحتى آخر نفس سأقاوم الاحتلال للحصول على جميع حقوقنا."
ويبدد هدوء المنطقة القريبة من "المنطقة الصناعية" شرق مدينة غزة بين الفينة والأخرى، أصوات طلقات نارية يطلقها جنود إسرائيليون تجاه شبان يحاولون الاقتراب من السياج الفاصل.
أبو عيدة الذي يلوح بشارة النصر، أصيب في الاحتجاجات الشعبية على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الاسرائيلي.
وأكد "أن القدس عربية فلسطينية وهي عاصمة دولة فلسطين الأبدية."
مواطنون من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين يتوافدون على حدود غزة الشرقية للمشاركة في فعاليات "مسيرة العودة" التي يتخللها نشاطات ثقافية ورياضية وتراثية مختلفة.
على ملعب ترابي صغير بجوار خيام العودة التي نصبت في "منطقة ملكة" شرقي حي الزيتون، أطفال يلهون بكرة القدم غير مكترثين بتعزيزات قوات الاحتلال وطائرات الاستطلاع التي تجوب سماء المنطقة.
غبار أبيض ينبعث من تحت أقدام عشرة الأطفال الذين يتسابقون نحو الفوز وتسجيل الأهداف.
محمد أبو الخير (13 عاماً) من منطقة النصر غرب مدينة غزة، يحاول الذود عن مرماه قدر المستطاع غير أبه باتساخ ملابسه.
"جئت للمشاركة في مسيرة العودة، أريد العودة الى أرض أجدادي في يافا"، قال أبو الخير الذي يضع على رأسه تاجا ورقيا كتب عليه "أنا راجع".
تدخلت إيمان المصري من "مؤسسة حشد للهيئة الدولية" التي ترعى نشاطات الأطفال قائلة: "تقريباً كل يوم نأتي إلى هنا وننظم فعاليات سلمية مختلفة كلعب كرة القدم وممارسة أنشطة رياضية وثقافية مختلفة."
خمس مناطق حدودية على طول الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة المحاصر منذ أكثر من عقد من الزمن، تحتض مخيمات ومسيرات العودة السلمية.
وخلال تجوالنا في منطقة الحدود الشرقية لغزة، يمكن بكل وضوح ملاحظة قوات الاحتلال وهي تدفع بتعزيزات إضافية عبارة عن "جرافات" ضخمة لوضع سواتر ترابية.
براميل بلاستيكية كبيرة مطلية باللون الأبيض وضعت بجوار خيام العودة في "منطقة ملكة"، كتب عليها "مياه حلوه ومياه مالحة".
سيارة إسعاف انطلقت مسرعة بعد إطلاق قوات الاحتلال النيران صوب شبان عند بوابة "ناحل عوز" لكنها عادت أدراجها دون تسجيل نقل أية حالة.
بين الخيام جلس الناطق الإعلامي لمسيرة العودة باللغات الأجنبية الدكتور أسعد أبو شرخ، يتناقش مع مجموعة من الشبان والشابات حول جدوى فعالية مقاطعة البضائع الإسرائيلية.
"المسيرات ممتازة وعمل جماعي منظم، وهي في أطار المقاومة الشعبية، ضمن مربع العمل الوطني الذي أقرته منظمة التحرير الفلسطينية" قال أبو شرخ.
وشدد أبو شرخ على أن المقاومة الشعبية يجب أن تستمر ويلتف حولها الشعب الفلسطيني في كل العالم، لأن الشعارات التي ترفعها تطالب بحق العودة والتعويض وتنفيذ القرار الأممي 194 والقرار 3236 والتي تنص على حق شعبنا في تقرير المصير والسيادة والاستقلال.
الأسرى لم يغيبوا عن فعاليات العودة حيث علقت صورتان كبيرتان للأسير نائل البرغوثي والأسيرة الجريحة إسراء الجعابيص وغيرهم من الأسرى.