"بقالة العودة"
محمد أبو فياض
"العودة" بقالة بسيطة نصبها المواطن محمد أبو أمونة، في مخيم العودة قرب الخط الفاصل، شرق البريج وسط قطاع غزة، لبيع حاجيات الأطفال الضرورية، كالبسكويت، والشيبس، واللبان.
ما يميز البقالة من الخيام بيضاء اللون المقامة قرب الخط الفاصل منذ الشهر الماضي، هو اللون الأزرق، بالإضافة إلى عدم وجود باب لها، أي انها مشرعة في الهواء الطلق، يشاهد محتوياتها جميع المارة.
البائع الذي تعود أصوله إلى بلدة يبنا جنوب مدينة الرملة داخل أراضي عام 1948، اختار اسم البقالة نسبة إلى المخيم الذي نصبها فيه، وللتأكيد على أنه متمسك بالعودة الى بلدته الأصلية التي هجر منها أهله.
أبو أمونة متزوج، وأب لطفلين، يكاد لا يترك مقعده الخشبي المتهالك، ومعظم وقته يقضيه بالتحدث مع المارة، وذلك لقلة ما يبعيه، والذي يعتمد بالأساس على ساعات النهار، ويعود ببضع الشواقل التي لا تفي بالحد الأدنى لسد قوت عائلته الصغيرة.
"الجمعة، هو يوم الازدهار والعمل لدى البقالة لأن مخيم العودة يكون مكتظا، ويعج بالمواطنين، المشاركين في مسيرات العودة، ولكن باقي أيام الأسبوع تقل حركة البيع والشراء"، يضيف أبو أمونة.
طفلة صغيرة لا تتجاوز 4 سنوات قاطعت حديث مراسلنا معه لتشتري بشيقل واحد شيبس، فباغتتهما قنبلة غاز أطلقها قناصة من جيش الاحتلال المتحصن خلف سواتر ترابية إلى الشرق من بقالة العودة، من مسافة لا تبعد في أبعد تقدير 200 متر.
وقع الشيقل أرضاً من الطفلة، التي فزعت من صوت القنبلة الغازية التي عم غازها السام سماء المكان، غير أنها لم تهرب، وبقيت تحتضن كيس الشيبس، وأبو أمونة التقطه رغم احمرار عينيه، ودموعه التي انهمرت على وجنتيه من شدة الغاز، عدا عن حالة الاختناق التي اصابت من تواجد في المكان.
"كثيرة هي قنابل الغاز التي تسقط يوميا الى جوار بقالة العودة"، كما يقول أبو أمونة، الذي وجد في هذه البسطة، فرصة لتوفير ولو القوت البسيط لعائلته، التي تنتظر عودته سالما كل مساء، فهو يأتي مبكرا إلى بقالته كي يكسب رزقه كل صباح، لكنه لا يضمن العودة الى البيت كل مساء.