دير استيا القديمة.. تشييد بزيت الزيتون
يامن نوباني
في دير استيا القديمة (7 كم شمال غرب سلفيت)، أزقة تاريخية مبلطة، أشجار ترامى ظلها فاستمتع به المارة، ورود مزروعة في أصص متنوعة، ونبات يشق الجدران العتيقة، حمام وعصافير تأتي لأعشاشها أو تنطلق منها، قصور وبيوت رُمم بعضها وتجري محاولات لترميم أخرى، وبيوت استقر بها المقام منازل طيور.
في وسط دير استيا القديمة، بيت مهجور تعود ملكيته لعائلة "أبو حجلة"، صاحب القصر هو ثري من أثرياء دير استيا، وهم "سبعة" تميزت منازلهم وقصورهم بوجود شعار فوق المدخل الرئيس، غالبا ما يكون نوعا من الطيور، حمامة أو صقرا.
للبيت المبني منذ ما يقارب 350 عاما، حكاية غريبة، فخلال أعمال ترميم طابقه الثاني، نفذت المياه من بئره، فطلب صاحبه من العمال استخدام بئر الزيت، لإتمام تشييد البناء، وخاصة الأقواس، يقول سعيد زيدان، رئيس بلدية دير استيا.
وأضاف زيدان: اليوم يعيش أبناء وأحفاد صاحب البيت في نابلس وبيت حنينا، حيث يعيش ما يقارب الـ12 ألف نسمة من أهالي دير استيا في الخارج، والتي كانت إحدى "الكراسي" في فلسطين، البالغة بحدود 24 قرية، وكان آل قاسم يحكمون في دير استيا.
هناك نحو 80 بئر مياه في داخل بيوت البلدة القديمة وما يقاربها في البلدة ككل. تعتبر ثالث بلدة من حيث إنتاج زيت الزيتون في الوطن، بعد دير الغصون وعصيرة الشمالية، وتنتج سنويا (في سنة الماسي)، 40 ألف تنكة زيت، كل تنكة تزن 17 كيلوغرام. كما اختيرت من بين أجمل عشر قرى فلسطينية، تمهيدا للمشاركة في مسابقة أجمل عشر قرى في حوض المتوسط. يقول زيدان.
وحول استثمار تلك القصور قال زيدان: "نعمل على اعادة إحياء دير استيا القديمة، وجذب السياح للبلدة ووادي قانا، وتتميز دير استيا بمكونات طبيعية كثيرة، حيث هناك العشرات من ينابيع المياه والمُغر والكهوف والخرب. لذا قمنا مؤخرا بتحويل قصر أبو حجلة لفندق سياحي "بيت ضيافة"، وهو أول مكون سياحي في البلدة والأول من نوعه في محافظة سلفيت، وسيتم افتتاحه رسميا خلال الصيف الجاري بفعالية ضخمة نستعد لها في هذه الأيام، نستعد هذا العام لإقامة مهرجان ليالي دير استيا، وهو الأول من نوعه ونسعى لأن يكون تقليدا سنويا، ويستمر لثلاثة أيام متتالية".
وأضاف: مرت ثلاثة عصور على البلدة القديمة، وهي العصر الروماني قبل اكثر من 2000 عام، وعصر المماليك قبل 600 عام، والعهد العثماني قبل 350 عاما. وتبلغ مساحتها 66 دونما، لها أربعة مداخل، وأربع مضافات عربية كانت للتسامر واستقبال الضيوف المارين من البلدة، الذين كان يتم إكرامهم وإيواؤهم عند الغروب، قبل أن يكملوا مشوارهم في الصباح.
لا يُذكر وادي قانا، إلا وتذكر معه دير استيا، ولا يُذكران إلا ويكون الاستيطان ثالثهما. فالبلدة تحيطها ست مستوطنات اسرائيلية، وهي: رفافا، ياكير، جينات شمرون، كرني شمرون، نوفيم، عمانوئيل. حيث 37% من أراضي البلدة تصنف منطقة (ب) وتعني: سيطرة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية إسرائيلية فلسطينية مشتركة، و63% من منطقة (ج) خاضعة للسيطرة المدنية والأمنية الإسرائيلية.
وقال زيدان: نملك محمية من أكبر محميات فلسطين الطبيعية، تمركزت فيها القوات الأردنية قبل عام 1967، ثم استولى عليها الاحتلال الاسرائيلي، مساحتها 12 ألف دونم، لكننا على أرض الواقع نتحكم ب5آلاف دونم منها، اضافة لقيام الاحتلال بشكل شهري تقريبا بمضايقة المزارعين وطردهم من أراضيهم، وممارساته التهجيرية ضد الوادي، بهدم بعض السقايف والسلاسل الحجرية وقطع الأشجار.
وتابع: في وادي قانا، 12 ينبوع ماء تجري بشكل مستمر على مدار السنة، وأكثر من أربعة آلاف شجرة برتقال وليمون، ولوزيات وزيتون.
وبين: "تعتبر دير استيا من أجمل عشر بلدات في فلسطين، واختيرت من ضمن 12 بلدة تعتبر كمركز تاريخي في فلسطين وكان ترتيبها المركز الخامس، في العام الماضي زارنا وفد ايطالي وقبل عضويتنا في شبكة أجمل قرى العالم، وبعد أن نتم عامنا الخامس كعضو مراقب سنصبح أعضاء دائمين. يزورنا أسبوعيا أكثر من 200 زائر، ويصل عدد زائري وادي قانا في بعض المناسبات وأيام الجمعة إلى المئات، والذين يتوافدون من مختلف مناطق الضفة الغربية للتنزه والتمتع بجمال الطبيعة".
بلغ عدد سكان دير استيا 3.696 بحسب التعداد السكاني لعام 2017. وتبلغ مساحتها الكلية 36 ألف دونم. وهي ثالث أكبر بلدة فلسطينية من حيث المساحة، بعد طوباس وعقربا.
في العهدين العثماني والبريطاني تبعت دير استيا مدينة نابلس، وبعد عام 1967 ألحقت بطولكرم، وبعد قدوم السلطة الفلسطينية عام 1993 تم تحويل بلدة سلفيت لمحافظة، وأصبحت دير استيا إحدى قراها وتجمعاتها الـ19.
يوجد في دير استيا مقامان: الشيخ خاطر والشيخ حسين. وثلاث خرب آثرية، وهي: طفسة، قانا، شحادة. ومغُر الكهكان، المغيبة، صغيرة. وأهم ينابيع المياه فيها: المغيبة، وواد المعاصر، وعين الحية، وعين الحور، وعين الجوزة، وعين الفوار، وعين البصة، وعين التنورة، وعين البنات.