رحل وبقي عكازه شاهدا
حسام المغني
لم تشفع الإصابة التي يعاني منها الشاب أحمد نبيل أبو عقل لدى الاحتلال، ليكون بعيدا عن مرمى قنّاصتها المتمترسين خلف الكثبان الرملية على امتداد الحدود الشرقية لقطاع غزة.
الشهيد أبو عقل (25 عاما)، كان يقف مستندا على عكازين عندما باغتته رصاصة قنّاص إسرائيلي حاقد استقرّت في رأسه أثناء مشاركته في الفعاليات السلمية لمسيرة العودة قرب السلك الفاصل شرق بلدة جباليا شمال قطاع غزة الجمعة الماضية.
وكان الشهيد أصيب قبل جمعتين بعيار ناري في قدمه نقل على إثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج، ومكث فيها عدة أيام، ولكن ذلك لم يحول دون عزمه على المشاركة في المسيرة الجمعة الماضية.
ومنذ بدء فعاليات مسيرة العودة السلمية قبل شهر من الآن دأبت قوات الاحتلال المتمركزة على طول السلك الفاصل شرق القطاع على استهداف المشاركين وكل ما هو متحرّك بالرصاص الحي وقنابل الغاز السام، ما أدى إلى استشهاد 35 شهيدا، وإصابة الآلاف بينهم أطفال ونساء وطواقم طبية وإعلامية.
وأفاد شهود عيان لـ"وفا"، بأن الشهيد أبو عقل لم يكن يشكل خطرا على الاحتلال حتى يتم استهدافه بهذه الطريقة البشعة، كونه يعاني من إعاقة ولا يستطيع التحرك إلا مستندا على عكازين خشبيين.
وأضافوا: ان قناصة الاحتلال لديهم معدات حديثة ومتطوّرة تستطيع من خلالها رؤية كل من يتواجد في المنطقة بوضوح، لكنهم يتعمّدون إيقاع أكبر عدد من الإصابات في صفوف المتظاهرين دون تمييز بين طفل أو امرأة أو شيخ.
وأكدوا أن غالبية الإصابات التي رأوها كانت في الأطراف السفلية، وهذا إن دلّ على شيء إنّما يدل على نيّة مبيّتة لدى الاحتلال في جعل مجتمعنا مجتمعا معاقا.
وأعاد مشهد استهداف الشهيد أبو عقل إلى الأذهان مشهد اغتيال الاحتلال للشاب ابراهيم أبو ثريا بعيار ناري مباشر في الرأس أثناء مشاركته وهو على كرسيه المتحرّك -كونه مبتور القدمين- في فعاليات جمعة الغضب في الخامس عشر من ديسمبر 2017، احتجاجا على قرار الولايات المتحدة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها.
ورغم كثافة النيران والغاز السام الذي تطلقه قوات الاحتلال في محاولة منها لإخماد جذوة الهبّة الجماهيرية السلمية لمسيرات العودة، إلا أن أعداد المشاركين في ازدياد حتى تحقيق الأهداف المرجوّة منها، وفي مقدمتها حق شعبنا في الحرية والاستقلال والعيش بكرامة في وطن له كباقي شعوب العالم.
يشار إلى أن مسيرات العودة بدأت صباح الجمعة 30 آذار الماضي في ذكرى يوم الأرض وتستمر حتى الخامس عشر من أيار المقبل الذي يصادف يوم النكبة، حيث يتجمهر عشرات آلاف المواطنين في عدة مواقع قرب السياج العنصري الفاصل بين قطاع غزة وأراضي عام 1948، فيما تواجهها قوات الاحتلال بالقوة والذخيرة الحيّة وقنابل الغاز السام، ما أسفرَ عن استشهاد العشرات وجرح الآلاف.
وأعادت تلك المسيرات الأنظار مجددا إلى حق شعبنا المشروع الذي كفلته القوانين الدولية والشرائع السماوية في العودة إلى دياره التي هُجِّر منها قسرا عام 1948.