الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

بشرى كانون.. جميل ضبابات

يستيقظ دوما باكرا، حوالي الساعة السادسة صباحا، ويحاول أن يعرف حال الطقس بفضل النور الذي يتغلغل إلى غرفته من رواق المنزل.
اليوم مثلا، هناك غيوم هش خفيف ورطب، آت من دون شك من جهة الغرب، لكن عبد الرحمن قاسم الذي يسكن هنا في شمال غور الأردن يعرف أنه سرعان ما ستبدد هذه الغيوم ما أن تطل الشمس وتفرض " فرحها" على هذه المنطقة الرعوية.
وقال الرجل الذي يرعى المواشي ويتابع تقلبات الطقس من ساعة إلى أخرى "إن الشتاء يبشر بالخير. المطر كاف لإنبات الربيع".
وثمة زخات مطرية هطلت على مدار الأيام الماضية بشرت بموسم جيد. إنها هنا بالنسبة لقاسم وللعائلات الرعوية المنتشرة على طول هذا الشريط الغوري بشرى سارة يحملها شهر كانون الثاني.
ضحكات الأطفال في الخضرة النابتة للتو، وقرقعة السكاكين والصحون في منزل عبد الرحمن، وهناك، في مكان ما أكثر انخفاضاً في الشارع، يصعد رعاة نحو تل نبتت مؤخرا أعشاب غورية على سفحه. والهواء مشبع برائحة الشتاء.
وقالت امرأة كانت قريبة من النزل "الشتاء جيد. الناس فرحون وأمس أمطرت جيدا. انظر هذا الصباح ما زالت الأرض وحلاً".
يكرر المعنى ذاته رعاة آخرون على امتداد المضارب. وينتظر السكان هناك برودة الشتاء "على أحر من الجمر" إذا تحمل معها بشرى طول المطر في فصل قصير للغاية مقارنة مع الصيف.
واقفا جانب ضفة أشهر وادي المالح، وهو أشهر الأودية التي أصابها الجفاف في السنوات الماضية، قال عارف دراغمة رئيس المجلس المحلي الذي يشمل نحو 16 مضربا رعويا "الآن يمكن الإحساس بالأمان. حتى وقت قريب كان الكل متخوف من قلة الأمطار. نتمنى أن يستمر الهطول حتى نيسان".
وهطلت خلال الأيام الماضية على الأراضي الفلسطينية ودول مجاورة الأمطار والثلوج في ابرد منخفض لهذا العام.
وتسببت الأمطار الغزيرة التي هطلت على مختلف مدن الضفة الغربية في إغلاق عدد من الطرقات، وسجلت الشرطة والدفاع المدني العديد من حوادث السير التي نتج عنها إصابات طفيفة بين المواطنين.
 وأحدثت بعض التقارير بلبلة من احتمالية سقوط ثلوج من عدمها، لكن عبد الرحمن وغيره هنا من الرعاة والمزارعين غير معنيين إلا بسقوط المطر وعدم هبوب رياح قوية تقتلع مساكنهم من أوتادها.
ويأتي الشتاء أحيانا قاسيا كما الصيف، في هذه المناطق التي تفتقر للبنية التحتية. وقال قاسم "مرت سنين صعبة. لكن عندما يأتي المطر يختلف الحال"، وهو بذلك يشير إلى انحباس الأمطار في بعض السنين الماضية وهو ما اثر على نمو الأعشاب التي تعتبر مصدر أعلاف رئيس للمواشي.
وفي المنطقة هناك قطعان جرارة من المواشي. وهناك ثمة مزارعون يعتمدون على زراعة الحبوب التي يعتمدون في ريها على مياه الأمطار.
وقال دراغمة "هناك نحو 30 ألف رأس من الماشية الضأن والماعز، وهناك نحو 2000 رأس من الأبقار هنا. كلها بحاجة إلى مطر السماء".
وقال قاسم فيما كان يخرج إلى المرعى بعد ساعة من طلوع الشمس "لولا الماء لن نسكن هنا. الماء روحنا". وتشكل مسألة المياه في منطقة الغور أكبر عقبة تواجه الوجود الفلسطيني في أكثر المناطق حرارة، حيث سيطرت سلطات الاحتلال على موارد المياه وحرمت الفلسطينيين منها.
وقالت دراسة "تقييد الوصول في الأغوار" حول المياه نشرت أمس ونفذها مركز العمل التنموي، بأنه منذ عام 1967 سعت إسرائيل لتدمير 140 مضخة ماء كما صادرت أكثر من 162 مشروعاً مائياً للزراعة أنشئ في ظل إدارة الحكم الأردني.
  فبعد أن كان في الأغوار 774 بئراً تقلص العدد إلى 328 في عام 2005.
ووفق اتفاق أوسلو عام 1995 يحق للفلسطينيين 20% من المياه في الضفة الغربية، لكنهم لم يستفيدوا في الواقع إلا من 17% فقط دون مراعاة الزيادة السكانية التي تضاعف إلى 50% خلال 15 عاماً، مع العلم أن الإسرائيليين يحصلون على كمية مياه تعادل أربعة أضعاف ما يحصل عليه الفلسطينيون. وقد سبّب نقص المياه للقطاع الزراعي في غور الأردن، ما يقارب 60 ألف دونم من الأراضي غير المزروعة.
كما خسر قطاع الزراعة 12 ألف وظيفة محتملة للعمالة الزراعية الفلسطينية. مع الإشارة إلى أن المستوطنين في غور الأردن الذين يشكلون خمس الفلسطينيين هناك، يستهلكون ستة أضعاف المياه التي يستهلكها الفلسطينيون.
 تشكل الأراضي الزراعية فيها ضمن مناطق "ج" 62%، فلا يستطيع المزارعون الفلسطينيون توسيع إنتاجهم ويتطلب دخولهم لأراضيهم أذونات خاصة، تسمح لهم بزيارتها من السادسة صباحا حتى السادسة مساءً. ووفق تقرير البنك الدولي فإن 60% من الأراضي الزراعية غير متوفرة للفلسطينيين، وفقط ربع الأراضي الصالحة للزراعة مستغلة من قبلهم، وذلك على عكس أراضي المستوطنات في الأغوار التي تستغل 95% من أراضيهما، وتعتبر 50% منها تحت إشراف مزارعي المستوطنات.
وبالنسبة لأراضي الرعي، فإن 80% من أراضي الرعي موجودة في الأغوار، وإن ما نسبته 100% من الأراضي هي مناطق جـ، ونتيجة للإغلاقات العسكرية والمناطق المغلقة فقد تضررت فئة الرعاة بشكل كبير.
وذاته قاسم وكثير من سكان هذه المناطق كانوا شهود عيان على جفاف الينابيع ونضوبها وانحسار مياه الأودية التي كانت تغذي المنطقة. وهم يعشون في مضارب هشة وسط كم كبير من المستوطنات والمعسكرات.
لذلك يتابع الرجل وغيره من الرعاة حركة الغيوم ويتشممون اتجاه الريح الغربية التي تجلب بشرى الأمطار. "هذه غيوم ممطرة. قد تمطر أرجو ذلك" قال قاسم فيما تابع الهش على مواشيه في الجبال المحيطة.

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025