"دار الضرب".. عظمة الطبيعة في قراوة بني حسان
عُلا موقدي
على بعد 1 كم جنوب شرق قراوة بني حسان بمحافظة سلفيت، تقع "دار الضرب" أو قبر الملك "بيرظون"، والتي تعتبر واحدة من أجمل آثار محافظة سلفيت، تبلغ مساحتها ما يقارب أربع دونمات، وترتفع عن سطح البحر حوالي 375 مترا.
يسمى الموقع بأسماء مختلفة، منها دار الضرب "دار صك العملة" أي مكان صك النقود، والخرائط البريطانية تسميها (Dar ed-Darb) أي دار الدرب بمعنى الطريق، كما يطلق عليها البعض البتراء الصغيرة أو بتراء سلفيت.
وقال مدير مكتب السياحة والآثار في محافظة سلفيت منتصر موسى لـ"وفا"، إن هذا الموقع أكتشف أثناء مسح غرب فلسطين، ويعتقد أنه يعود للفترة الرومانية، والأعمدة والزخارف والرسومات الأثرية المنحوتة بدقة في الصخر حتى اليوم، تعتبر شاهداً على هذه الحقبة الزمنية.
وبين موسى، وحسب المسوحات الأثرية لهذا المكان، فإنه عبارة عن مقبرة كبيرة مقطوعة في الصخر لأحد الشخصيات الحاكمة المهمة، ارتبط مع المواقع المجاورة من الساحات والأحواش والتي استخدمت لأغراض الدفن أيضا، خاصة في الفترتين الهلنستية والرومانية.
وتشير أطروحة الماجستير والتي حملت عنوان (عوامل تهديد المواقع الأثرية في الضفة الغربية) لأكرم أبو الهيجا، أن أول مسح نفذ في الفترة من 1871 إلى 1878 قام به كلـــود كونـــدر وهو ضابط بريطاني كان مسؤولاً عن عملية مسح فلسطين بالنيابة عن صندوق استكشاف فلسطين مع تشارلز وارين، وألفا كتاباً من عدة أجزاء عنوانه مسح فلسطين الغربية((Palestine Western Of Survey، وكان ذلك أول مسح ورسم لخرائط دقيقة لكامل الجزء الجنوبي من بلاد الشام، وشمل عدة فصول، كل فصل تضمن جغرافية المنطقة ومعالمها الطبيعية، وقسم يتعلق بالآثار ووصف للمواقع الأثرية فيها، مع التركيز على ما يدعونها بالفترة التوراتية والرومانية والصليبية.
"تتشابه أعمدة وحجارة هذه المنطقة مع سبسطية التي أطلق عليها المؤرخون اسم "عاصمة الرومان"، وبالطبع لا يمكن التأكد من هذه المعلومات بشكل مؤكد إلا بعد إجراء حفريات منظمة بالموقع والتي من خلالها يمكن التعرف على معلومات هامة ومعرفة تاريخ المنطقة "، يضيف موسى مدير السياحة والآثار".
وأكد موسى، أن صك العملة على الأغلب أخذت من المجتمع المحلي، ودار صك العملة يكون موقعا آمنا داخل قلعة أو مدينة مسوّرة وتكون تحت إشراف الحاكم نفسه لأنها تعتبر خزينة الدولة.
يرتاد الزوار هذا المكان عند زيارتهم لمحافظة سلفيت، وتسعى الجهات المختصة إلى جعله واحداً من المعالم الحيوية في المحافظة، نظراً لمطامع المستوطنين واستهدافهم له، فهم يستهدفونه بزياراتهم المتكررة وخاصة من خلال رحلاتهم المدرسية.
وبحسب موسوعة فلسطين، لمصطفى مراد الدباغ، فان في القرية بقايا بنايات قديمة تدل على قدم هذه القرية، مثل بناية البرج التي تقع في وسط القرية وهي متينة جداً وعرض بعض جدرانها ثلاثة أمتار، وأنشئ عليها عام 1944 مضافة للقرية، وبناية الجامع حيث ينسبه أهل القرية لأيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويحتوي على قبة شامخه ومحراب وأروقة وعمدان، وتقع بالقرب منه بركة قديمة مبنية بالحجارة وتحتوي على أعمدة مربعة.
وما زالت بقايا الأعمدة والأبنية فيها ظاهرة حتى اليوم، ويعتقد أنه المحل كان في العصر الروماني مقبرة فخمة وما زال يجاوره الكهوف الكثيرة المنقورة في الصخر، ويوجد أيضاً بقايا أبنية قديمة في أطراف هذه القرية ومنها "قصر صباح" إلى الشرق منها وهو عبارة عن بقايا "محرس" وقصر "منصورة" وخربة "الفرديس" في شمالها.
وفي الوقائع الفلسطينية جاء أن قراوة بني حسان تحتوي على جامع مهدم "الجامع العمري"، وبركة مبينة بالحجارة ذات أعمدة مربعة وبرج مهدم، وأنقاض مبان وصهاريج ومعاصر ومدافن ومحاجر.
وتقع قرية قراوة بني حسان على تلة مرتفعة، وتبعد عن مدينة سلفيت 13 كيلو متر لجهة الغرب، ويعود تاريخ القرية إلى ألفي سنة تقريباً، يبلغ عدد سكانها 5513 نسمة بحسب بيانات جهاز الإحصاء المركزي لعام 2017، ويعتمد سكان القرية في معيشتهم على زراعة القمح والزيتون، والعمل في التجارة والصناعة.