الشهيد الأصم
محمد أبو فياض
زُف الأصم تحرير محمود سعيد وهبة (18 عاما) يوم أمس، شهيدا، قبل أن يزف عريسا الصيف المقبل.
تحرير ارتقى شهيدا بعد معاناة استمرت أكثر من 20 يوما، بسبب إصابته الحرجة في المخ، التي أصيب بها في الأول من نيسان الجاري، على يد قناص إسرائيلي شرق خزاعة، شرق خان يونس، حينما كان يحمل علم فلسطين، وبقيت سماعة أذنيه خلفه على الأرض.
قبل نحو شهر، أبلغ والده الأسير المحرر الذي قضى في سجون الاحتلال 13 عاما، ومن خلال لغة الإشارة، التي هي وسيلة التواصل الوحيدة بينهما، أنه يريد الزواج الصيف المقبل، ولوح بخاتم خطوبة يرغب بتلبيسها الصيف المقبل لصماء مثله كانت معه في المدرسة.
والده وافق نزولا عند رغبة نجله البكر، وعلى الفور سارع تحرير الى ابلاغ زوجة المستقبل عبر أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي في الجوال، ففرحت هي الأخرى.
وبدأ الوالد في التحضيرات للزواج، وتجهيز غرفة داخل المنزل لنجله، غير ان القدر كان أسرع مما كانت تتمناه العائلة.
كان تحرير يمتاز بعلاقات واسعة، وكان ذكيا، ويهوى الجلوس لساعات طويلة على الحاسوب، وكانت تجمعه صداقات عديدة مع أصدقائه، جميعهم ساروا خلفه في جنازته.
عودة إلى الوراء.. وتحديدا قبل استشهاده بيوم واحد، ذهب الوالد لإعداد فنجان قهوة، في الوقت الذي غادر تحرير المنزل، بعد ابلاغ شقيقه الأصغر أنه ذاهب للعمل في محل لبيع المأكولات الشعبية "الفول والفلافل والحمص" بالجوار، فطمأن الوالد على أنه لن يذهب للخط الفاصل.
بعد الظهر، بينما كانت العائلة تتناول طعام الغداء، جاء أحد الجيران، وسألهم عن لون وطبيعة ملابس تحرير، فوصفها الأب له، فأبلغه ان تحرير استشهد، فسارعت العائلة الى المستشفى الأوروبي، وهناك أبلغهم الطبيب خطورة الحالة، وهو في حالة موت سريري، حتى ارتقى شهيدا في الثالث والعشرين من الشهر الجاري.