زيتون التحدي في الأرض المحرمة
الحارث الحصني
لم يستهلك الفلسطينيون، في قرية بردلة، بالأغوار الشمالية، الكثير من الوقت للتفكير في أنسب رد على قلع وقص قوات الاحتلال الاسرائيلي، أمس الأربعاء، لأكثر من 300 شجرة زيتون لأحد المواطنين في القرية.
فقبل 47 يوما، أخطرت ما تسمى "بالإدارة المدنية" ورقيا، عددا من المواطنين بتجريف قطع أراض مزروعة بالزيتون، وأخرى أراضي "بور"، أي غير مزروعة.
لكنه مرّ وقت على هذا الإخطار. ويوم أول أمس الثلاثاء، أبلغ مسؤول البنية التحتية في ما يسمى "بالإدارة المدنية"، أحد أعضاء مجلس قروي بردلة وهو ضرار صوافطة، نية الاحتلال باقتلاع عشرات أشجار الزيتون، وتجريف أراض زراعية.
وفعلا، ومنذ ساعات صباح أمس، حضرت ثلاث جرافات، وعدد من الجيبات العسكرية، ترافقها "الإدارة المدنية" إلى المنطقة وشرعوا بقص واقتلاع أشجار الزيتون.
يقول مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس معتز بشارات، هذه الأراضي مخطرة قبل أكثر من أربعين يوما(...)، يوم أول أمس أبلغوا المواطنين شفويا بنيتهم التجريف.
"هم طلبوا مني اقتلاع الشجر بنفسي قبل أن يقتلعوها هم(..)، أنا لا أقتلع.. أنا أزرع فقط". قال صاحب أشجار الزيتون، حسين صوافطة.
واليوم، شارك عدد من المواطنين في فعالية زراعة 320 شجرة زيتون في فعالية "التحدي"، بدلا من تلك التي اقتلعها الاحتلال أمس. ومُولت الفعالية من اتحاد جمعيات المزارعين الفلسطينيين، والجمعية العربية لحماية الطبيعة، بالتعاون مع محافظة طوباس، وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وفصائل العمل الوطني في المحافظة.
وقال رئيس اتحاد جمعيات المزارعين الفلسطينيين، رأفت الخندقجي، "هذه الفعالية ضمن حملة المليون شجرة الثالثة، وقد أطلق عليها فعالية التحدي، كرد أولي وسريع على اعتداء الاحتلال ضد الطبيعة في الأغوار".
وأضاف، "نرسل رسالة للمحتل بأنهم لو قلعوا شجرة سنزرع عشرة(...)، نحن باقون في أرضنا ولا مجال للترحيل".
وخلال أكثر من ساعة تواجد جنود الاحتلال في المنطقة، وطلبوا مرارا وتكرارا من المشاركين الابتعاد عن المكان.
يصرخ أحد المتطوعين في فعالية الزراعة، وهو أيمن بني عودة، بأعلى صوته: "إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا "...لا يهم لو قمعونا.
وتبلغ مساحة الأرض التي كانت مزروعة بأشجار الزيتون 4 دونمات تقريبا، وأعاد الفلسطينيون زراعة الأشجار المدمرة فيها.
يقول مدير مديرية هيئة مقاومة الجدار والاستيطان شمال الضفة الغربية، مراد شتيوي، "نسعى لزراعة كل الأراضي المستهدفة في المناطق المسماة "ج"، ونعمل على توفير كل وسائل الدعم في معركة الأرض ضد الاحتلال".
وبدأ الفلسطينيون في السنوات القليلة الماضية بزراعة الأشجار المروية بمختلف أنواعها، معتمدين على وجود المياه رغم المشاكل التي تواجههم في موضوع المياه.
واقفا بجانب إحدى أشجار الزيتون المقتلعة، قال حسين لمراسل "وفا"، من بين الأشجار التي دمرها الاحتلال أمس سرق تقريبا 100 شجرة، ثم بدأ برش مادة كيماوية لمنع نمو الشجرة مرة أخرى".
ويضيف، "هذه الأشجار تتراوح أعمارها بين 4-7 سنوات، في السنوات الماضية بدأ بعضها بالإنتاج، هذا العام تقريبا كلها مثمرة(...)، سأضع مكان كل شجرة، شجرة أخرى، اليوم هذا أفضل رد على هذه الانتهاكات".
يقول ضرار، الاحتلال يتذرع بأنها أرض دولة، لكنها هذه الأرض يزرعها الفلسطينيون بالزيتون منذ سنوات.
ويستند الاحتلال كثيرا على في تجريفه للأراضي على أنها أراضي دولة. وللمصادفة يقع بجانب الأرض المستهدفة بئر ارتوازية، حفرها الاحتلال لتزويد المستوطنين بالمياه.
وبجانب أشجار الزيتون المستهدفة، جرفت آليات الاحتلال أيضا أجزاء من أرض زراعية تركها أصحابها هذا العام دون زراعة.
يقول عضو المجلس القروي في بردلة إبراهيم صوافطة، "هذه سياسة واضحة يقوم بها الاحتلال في الأغوار الفلسطينية ككل، هم يريدون طرد المواطنين من هذه المناطق، وإضعاف اقتصادها".
وتعد الزراعة في الأغوار الشمالية من مقومات الاقتصاد الفلسطيني، لما تنتجه سنويا من خضار، وبعض أنواع الفواكه.