مجدلاني: دورة المجلس الوطني ستقرر مصير المواجهة مع المشروع التصفوي الأميركي
عقد "الوطني" هو ضرورة واستحقاق تاريخي تأجل أكثر من مرة
رام الله- الحياة الجديدة- نائل موسى- وصف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي أحمد مجدلاني، دورة المجلس الوطني العادية عشية بدء أعمالها اليوم الاثنين، بأنها تاريخية وحاسمة، وسيتقرر في ضوءها مصير المواجهة مع المشروع التصفوي الأميركي.
وأوضح مجدلاني- وهو أيضا مرشح الجبهة لتمثيلها في اللجنة التنفيذية الجديدة المزمع أن ينتخبها الوطني- أن هذا الاستحقاق تأخر كثيرا بانتظار عقد دورة بمشاركة مختلف القوى والفصائل الوطنية، ولم يعد بالإمكان تأجيلها أو قبول رهنها بمشيئة وفيتو حماس التي تراهن على إضعاف منظمة التحرير ضمن مخطط البديل.
وأضاف: "هذه دورة القرار الوطني المستقل، ومن يتخلى فيها عن المشاركة يتخلى عن مسؤوليته في الدفاع عن القرار الوطني المستقل الذي تسعى العديد من القوى الإقليمية والدولية إلى النيل منه".
ورأى مجدلاني ان انعقاد المجلس الوطني في دورته العادية في أرض الوطن، وتحديدا في مدينة رام الله وبقاعة أحمد الشقيري مؤسس منظمة التحرير، له دلالة كبيرة في هذا الظرف التاريخي الذي تمر به القضية الفلسطينية والتحديات الكبيرة التي ألقتها الولايات المتحدة الأميركية عبر اعترافها بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، وقرار نقل سفارتها لها في منتصف الشهر المقبل بالتزامن مع ذكرى نكبة فلسطين.
وقال: "هذا التحدي وضع القضية الفلسطينية أمام مفترق طرق، وأيضا القيادة الفلسطينية التي اتخذت موقفا تاريخيا في رفضها للموقف الأميركي وإدانته ورفض التعامل معه، و شكلت سدا منيعا أمام محاولة تمرير عربيا وإقليميا وإسلاميا، وبالتالي الموقف الدولي الذي بني على الاعتراض الفلسطيني والخطة الفلسطينية التي طرحها الرئيس محمود عباس في مجلس الأمن الدولي كبرنامج للسلام الفلسطيني شكلت أيضا قوة دعم مهمة وقوة عطلت المشروع الأميركي المسمى بـ "صفقة القرن".
حماس تراهن على إضعاف المنظمة وتآكل مكانتها الشرعية لتكون بديلا
وتابع: "اليوم نحن أمام تحد كبير، وعقد المجلس الوطني هو ضرورة، واستحقاق تاريخي تأجل أكثر من مرة، كان ينبغي أن يتم منذ عدة سنوات، لكن دائما كنا نعطي المزيد من الفرص لانضاج الحوار الفلسطيني الداخلي، بغية الوصول إلى إنهاء الإنقسام، وإنهاء تبعات الانقلاب الذي قامت به حركة حماس في قطاع غزة عام 2007، لكن الواضح أن هذا الخيار المتخذ لم يصل إلى النتائج المطلوبة".
ورأى مجدلاني، أن حركة حماس كانت تراهن على إضعاف منظمة التحرير وتفككها وشلل هيئاتها القيادية، وتآكل مكانتها الشرعية ودورها الوطني، في الوقت الذي تسعى فيه حماس لأن تكون إطارا بديلا أو موازيا لمنظمة التحرير الفلسطينية.
صياغة رؤية سياسية تتصدى لتحديات المرحلة المقبلة
وحول المرحلة التاريخية التي تمر به القضية الفلسطينية ودور المجلس الوطني، أوضح مجدلاني، أن المجلس الوطني أمام تحد سياسي كبير، لما تواجهه القضية الفلسطينية من أخطار في مواجهة المشروع الأميركي التصفوي.
وأضاف: "كان لا بد من عقد المجلس الوطني الفلسطيني لتحقيق هدفين، الأول وهو المراجعة السياسية الشاملة للمسار السياسي الفلسطيني السابق في العملية السياسية واستخلاص الدروس والعبر منه، وصياغة رؤية سياسية برنامجية لتتصدى لتحديات المرحلة السياسية المقبلة وفي الجوهر منها المشروع التصفوي الأميركي، وأساس هذا البرنامج السياسي القادم هو القرارات التي اتخذها المجلس المركزي الفلسطيني في دورة اجتماعه المنعقد في منتصف يناير الماضي برام الله، وأيضا المبادرة السياسية التي أطلقها الرئيس محمود عباس أمام مجلس الأمن الدولي في 20 من شباط الماضي".
وخلص مجدلاني للقول، إن "هذه الدورة للمجلس الوطني تاريخية وحاسمة، سيتقرر في ضوءها مصير المواجهة مع المشروع التصفوي الأميركي، وهي أيضا دورة حماية المشروع الوطني في مواجهة التحديات الأميركية- الإسرائيلية التصفوية، ودورة القرار الوطني المستقل، ومن يتخلى فيها عن المشاركة يتخلى عن مسؤوليته في الدفاع عن القرار الوطني المستقل الذي العديد من القوى الإقليمية والدولية النيل منه".
الحفاظ على شرعية المنظمة وتجديد دمائها
وتابع: "أما الهدف الثاني، فهو تجديد الهيئات القيادية في منظمة التحرير، وأيضا ضخ دماء جديدة فيها، والحفاظ على شرعية الهيئات وتجديدها في آن واحد، وخصوصا انتخاب لجنة تنفيذية جديدة".
وقال مجدلاني، إن اللجنة التنفيذية المقبلة ستشهد تجديدا واسعا فيها، وقد يفوق 12 عضوا أو ما يعادل ثلثي أعضاء اللجنة التنفيذية الحالية، إضافة إلى تجديد في هيئة مكتب رئاسة المجلس الوطني، لأن هناك أخوة توفاهم الله، وعلاوة على ذلك فيما يتصل بالصندوق القومي الفلسطيني.
وكشف مجدلاني أيضا عن توجه- في إطار الحوار الداخلي الفلسطيني بمكونات منظمة التحرير والمجلس الوطني- لتفعيل الأطر والهيئات وخصوصا المجلس المركزي الفلسطيني، من حيث زيادة عدد أعضاؤه المستقلين الذين يتم انتخابهم مباشرة من المجلس الوطني إلى 50 عضوا، وأن يعقد المجلس المركزي دورات اعتيادية دورية كل 4 أشهر مرة لمتابعة العمل، والأهم من ذلك هو مشروع قرار يتم تداوله الآن لمنح كافة صلاحيات المجلس الوطني وتفوضيها للمجلس المركزي، وهذا الأمر ليس بجديد، من أجل سهولة عقده والتأمه لمتابعة التطورات السياسية ولمواجهة التحديات التي تفرضها هذه التطورات في المرحلة المقبلة.
كنا نتمنى مشاركة الجبهة الشعبية لفصائل المنظمة في تحمل أعباء المرحلة المقبلة
وبخصوص امتناع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن المشاركة في هذه الدورة، قال مجدلاني: "الرفاق أبلغوا في الحوار الثنائي الذي عقد مع الأخوة في حركة فتح بالقاهرة، أنهم لن يتمكنوا من المشاركة ولديهم بعض الاعتراضات المتمثلة في توقيت المجلس ومكانه، وكنا نتمنى عليهم أن يكون قرارهم بالمشاركة إلى جانب فصائل منظمة التحرير المشاركة في المجلس بما في ذلك الجبهة الديمقراطية الذين حسموا قرارهم بالمشاركة في المجلس".
وتابع: "قرار الجبهة الشعبية هي مسؤولة عنه وتتحمل المسؤولية عنه، كنا نتمنى مشاركتها لتكون جزءا من تحمل المسؤولية اتجاه المرحلة المقبلة".
وأوضح مجدلاني أن عضوية الجبهة الشعبية في المجلس الوطني ليست قابلة للنقاش وثابتة باعتبارها فصيل مؤسس من فصائل المنظمة، منوها إلى أن عضوياتها التمثيلية الأخرى سواء في اللجنة التنفيذية أو نيابة رئاسة المجلس الوطني ستكون محل بحث في المجلس الوطني، وبالتالي ليس مضمونا أن تكون هذه المواقع شاغرة في حال غيابها.
رؤيتنا كجبهة للمرحلة المقبلة تقوم على الواقعية والمعالجة السياسية الشاملة
وبخصوص رؤية جبهة النضال الشعي داخل أروقة المجلس الوطني وجدول أعماله، قال الأمين العام: "نحن بالعادة في المجالس الوطنية الفلسطينية السابقة نلجأ إلى أحد الخيارين، إما أن نتقدم بمذكرة تتناول القضايا المطروحة في جدول الأعمال وتوزع على أعضاء المجلس الوطني، وتحدد فيها رؤية جبهة النضال الشعبي وتحليلها الملموس للواقع، ومقترحات للمعلاجة السياسية والوطنية الشاملة، أما الخيار الثاني فهو أن يتقدم الأمين العام من خلال الكلمة التي يلقيها أمام المجلس، والتي تعبر عن رأي وموقف الجبهة في المواقف السياسية للمرحلة المقبلة.
وأعرب الأمين العام لجبهة النضال الشعبي، عن أمله بانجاز انهاء الانقسام والمصالحة الوطنية قبل عقد الدورة المقبلة للمجلس الوطني قائلا: "الآن هناك دورة للمجلس الوطني الحالي، ونتمنى أن نكون عند الإعداد للدورة القادمة قد أنجزنا انهاء الانقسام والمصالحة الفلسطينية، واستطعنا الذهاب لإجراء انتخابات الرئاسية والتشريعية، وبالتالي تكملة أعضاء المجلس الوطني بالتوافق كما جرت العادة في المناطق التي لا يمكن إجراء انتخابات فيها، وأن يجري التوافق على تشكيلة المجلس إذا لم نتمكن من إجراء الانتخابات التشريعية، لكن بكل الأحوال فنحن متفقون على أن لا يزيد أعضاء المجلس الجديد عن 350 عضوا".
زعم البعض أن انعقاد المجلس الوطني يعمق الانقسام تضليل سياسي واعلامي
وقال مجدلاني: "إن الحديث وزعم البعض أن انعقاد المجلس الوطني يعمق الانقسام، هو ادعاء يخلو من الواقعية والصراحة، وبصراحة هو يحمل الكثير من التشويه والتضليل السياسي والاعلامي".
وأوضح: "المتغيب الوحيد عن المشاركة وتشكيلة المجلس الوطني الحالي هم الرفاق في الجبهة الشعبية، وهم أعلنوا بوضوح أنهم يتمسكون بمنظمة التحرير الفلسطينية وبوحدانية تمثيلها، ويرفضون أي أطر بديلة أو موازية، أما حركتا حماس والجهاد الإسلامي فهم ليسوا أعضاء في منظمة التحرير أو المجلس الوطني، وبالتالي هم من حيث المبدأ ليسوا مدعويين للحضور والمشاركة، وإذا كانوا طرفا غير مدعو وخارج المشاركة، فلا يمكن الادعاء أن هناك انقساما في المجلس الوطني أو في منظمة التحرير".
رسائل حمساوية سياسية تتقاطع مع الإدارة الأميركية
وقال مجدلاني: "حركة حماس عملت كل ما من شأنه تعطيل المصالحة الوطنية، وإفشال الاتفاق الأخير الذي حدث في القاهرة بتاريخ 12/10/2017، بل حاولت اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله واللواء ماجد فرج، في خطوة الهدف منها إيصال رسالة لضرب كل جهود المصالحة وإنهاء الانقسام".
وحذر مجدلاني من رسائل توجهها حماس للإدارة الأميركية عبر سلوكها السياسي وتصريحات مسؤوليها، قائلا: "حماس أرسلت أكثر من رسالة وإشارة للتقاطع مع المشروع التصفوي الأميركي على لسان أكثر من قيادي حمساوي، في الوقت الذي أعلنت فيه قيادة منظمة التحرير الفلسطينية تعليق كل الاتصالات مع الادارة الأميركية وقطع كل الصلات معها، وفي ذات الوقت حركة حماس تعلن استعدادها للحوار مع الإدارة الأميركية في الوقت الذي لم تتراجع الإدارة الأميركية عن قرارها باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارتها إليها".
مسيرات الأرض جزء شبابي وشعبي جماعي وحماس تسعى لخطفها وحرفها
وبشأن الحراك الجماهيري لمسيرات الأرض في قطاع غزة، أكد مجدلاني أن كل القوى السياسية الفلسطينية والمجتمعية في قطاع غزة تنخرط بشكل فعّال في هذه المسيرات الأسبوعية.
وأضاف: "هذه المسيرات أوصلت رسالة واضحة للعالم، وأعلن شعبنا خلالها رفضه لأي حلول يمكن أن تفرض عليه، وعرّت الاحتلال الاسرائيلي من خلال عمليات القتل التي يقوم بها المتظاهريين المدنيين السلميين".
وتابع: "نحن كجبهة نضال، منخرطون في هذا الفعل الشعبي، لأنه تعبير عن نهج سياسي نحن أقريناه منذ سنوات طويلة، ونعتبر أيضا أن هذا الحراك هو حراك وطني لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي".
وحذر من محاولات حركة حماس تجيير هذه المسيرات الشعبية لمصالحها الخاصة عبر فرض معادلة جديدة توقف من خلالها حماس هذه المسيرات مقابل ما تسميه "وقف الحصار عن قطاع غزة".
وأوضح، أن حركة حماس ركبت موجة مسيرات الأرض التي انطلقت في قطاع غزة لمناسبة يوم الأرض، منوها إلى أن هذه المسيرات انطلقت بمبادرات شبابية في قطاع غزة.
وأضاف: "حماس اكتفشت فجأة أن المقاومة الشعبية السلمية هي خيار سياسي، في الوقت الذي كانت ترفض هذا الخيار وتخوننا على اتخاذ هذا الخيار، وتعتبر أننا نتنازل أو نتراجع أو نتخلى عن الكفاح المسلح".
وأردف، "نحن سعداء أن حركة حماس وصلت إلى القناعة السياسية بأن المقاومة الشعبية السلمية هي خيار سياسي ملموس من الممكن أن يكون فعال في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، ويمكن أن يكون أيضا الآن شكلا نضاليا بارزا في الظرف الراهن".
وأعرب الأمين العام لجبهة النضال الشعبي عن اعتقاده بأن حركة حماس تريد أيضا أن ترسل رسالة للعالم وللإدارة الأميركية أنها تخلت عن العنف وعن الكفاح المسلح، وأنها تعتمد المقاومة السلمية، وبالتالي هذا أيضا يأتي في سياق سعيها لفتح صفحة من العلاقات مع الادارة الأميركية.