مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

الأسيرة المحررة صمود كراجة تروي تفاصيل معاناتها في الأسر

التقت رئيس وحدة النوع الاجتماعي في وزارة الإعلام، ناريمان عواد، ورولا دويكات الأسيرة المحررة صمود كراجة في منزلها في قرية صفا في حديث مطول حول تجربة الأسر.

صمود كراجة، 23 عاماً من بلدة صفا في محافظة رام الله ابنة لأسرة مناضلة مكونة من تسعة افراد، حكوت 20 عاما قضت منها سنتين قبل اطلاق صراحها في الصفقة الاخيرة، منذ صغرها عاشت صمود تجربة نضالية مميزة حيث كانت قرية صفا موقعاً نضالياً هاماُ في مقارعة الاحتلال لقربها من مستوطنة موديعين؛فكانت قوات الاحتلال والمستوطنين يعتدون على سكان القرية بشكل دائم وخاصة خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، تقول صمود: " ما عشته جعلني افكر مليا في الاحتلال وما يفرضة علينا من اجراءات قمعية تعسفية ، فكانت المواجهات تحدث امام عيني كل هذا اثر في وفي الشعب الفلسطيني باكمله وادركت مدى ظلم الاحتلال وعدوانه".

وتضيف صمود: " بعدما رايت ما يعانيه شعبي، قررت ان امارس حقي الشرعي في الدفاع عن وطني. كنت حينها طالبة في جامعة القدس المفتوحة، والتحقت بجبهة العمل الطلابي، وكنت اشارك بجميع النشاطات السياسية، من مظاهرات واعتصامات، وبعد سنتين من التحاقي بالجامعة، تم اعتقالي بتهمة محاولة طعن جندي اسرائيلي على حاجز قلنديا، هنا بدات مرحلة جديدة من حياتي، وبدأت تجربة الاسر المريرة . وعلى الرغم من وعيي الكامل بالاساليب المتبعة مع الاسرى من خلال تجربة والدي واقاربي ، لكن خوض التجربة نفسها كانت صعبة وقاسية جدا".

معاناتها في الأسر:
" تعرضت منذ دخولي السجن لاساليب تحقيق كثيرة، وخضعت للتحقيق لمدة شهر كامل وعزل انفرادي، اضافة الى ذلك التهديدات المستمرة بهدم منزلنا واسر والدي ووالدتي، وتهديد أسرتي بأكملها. كنت اخاف كثيرا على مستقبل اخوتي، كان شعورا مؤلماً لا استطيع ان اصفه، ولكني صمدت وقاومت كل هذه التهديدات ". ووصفت صمود العزل الانفرادي بالمؤلم والقاسي :" لقد كانت اياما مؤلمة فكنت لا اعرف شيئا عن الوقت والايام، حتى وقت الصلاة ، كنت اخمن الوقت من خلال الوجبات، ومع انهم كانوا يقدمون وجبة العشاء في الساعة الرابعة مساء كنت اعتقد انها الثامنة، كان كل شيء مبهم ومجهول".

وأضافت بانها كانت تجلس لساعات وايام لا تسمع خلالها الا صوت السجانين يوجهون لها الشتائم والإهانات والالفاظ النابية، ويطرقون باب الزنزانة بشكل همجي وعنيف، كان احساسها بان الثلاثين يوما ثلاثون عاما لا تنتهي . وقالت: " وجدت داخل الزنزانة اعقاب سجائر فكتبت على الجدران الايام واصبحت اعدها لعلها تنتهي. ورغم طول فترة التحقيق وكل الاساليب التي استخدموها معي الا انهم لم يحصلوا مني على اي اعتراف، وحينها تم نقلي الى سجن "هشارون" ووجهت لي لائحة اتهام، هناك التقيت بالاسيرات، وكان اول لقاء لي مع الاسيرتين قاهرة السعدي ولينا الجربوني اللواتي كن لي بمثابة المثل الاعلى بصمودهن وصبرهن على الاسر، فكنت دائما اتساءل كيف ساقضي سنوات طويلة في السجن وعندما رايت قاهرة وهي دائمة التفكير باولادها الاربعة، والاسيرة إيمان الغزاوي وايرينا سراحنة التي لا تكف الحديث عن ابنتاها؛ فقد كانت واحدة في اوكرانيا والاخرى بفلسطين وزوجها اسير في سجون الاحتلال . وكانت كل منهن تسأل في كل لحظه ماذا يفعل اولادنا؟؟ هل اكلوا؟؟هل درسوا ؟؟ هل نجحوا في الامتحان ؟؟هل مرضوا؟؟ وأسئلة كثيرة أخرى .

" حتى باقي الاسيرات غير المتزوجات كن في قلق دائم على عائلاتهم وكن جميعا يتمنون الخروج من الاسر قبل فقدان اي عزيز على القلب مع ان عدة اسيرات فقدت احدى الوالدين كالاسيرة وردة بكراوي التي توفيت والدتها والاسيرة امنه منى التي فقدت والدها وهي في الاسر وغيرهن الكثير، ولينا الجربوني التي تتمنى حتى اللحظة أن تكتحل عيونها برؤية أمها( ثمانون عاماً) وان لا تفقدها وهي داخل الأسر . حينها تعلمت الصبر من باقي الاسيرات وادركت ان وضعي افضل من غيري على الرغم من انني كنت دائما متخوفة من حدوث اي مكروه لعائلتي .".

وقالت صمود انها خاضت تجربة الاضراب عن الطعام مرتين واحدة كانت لمدة تسعه ايام بشكل فردي لكي يتم نقلها لسجن الدامون ،والثانية بشكل جماعي للمطالبة بالافراج عن الاسرى من العزل الانفرادي. وكانت الاسيرات اول المضربات عن الطعام واخر من يفكون الاضراب.

البوسطة.. رحلة عذاب:
عندما تحدثت صمود عن " البوسطة " اغرورقت عيناها بالدموع ووصفتها برحلة العذاب المميت، وقالت: " خرجت للمحكمة 21 جلسة خلال السنتين". في كل مرة كانت تخرج فيها للبوسطة تودع باقي الاسيرات وكانها لن تعود ثانية لشدة ما يحدث معها في الطريق إلى المحكمة. "كانوا يوقظوننا في الثالثة صباحاً في البرد الشديد وننتقل من سجن لسجن ومن بوسطة لبوسطة ( الحافلة الخاصة بنقل الأسرى)، من الدامون إلى هداريم إلى الرملة والنقب وغيرها".

واضافت:" كانوا يخرجوني من سجن الدامون لاصل بعد اسبوع الى عوفر مع ان المسافة الفعلية بين الدامون وعوفر ثلاث ساعات ، حيث كانت البوسطة تتنقل بين عدة سجون لجمع الاسرى الذين لديهم محكمة، يتم خلالها التنقل من باص الى اخر ومن سجن الى اخر وكنا نقضي اياما ونحن جالسون في الباص الذي يقلنا. وكان اشدها قسوة في فصل الشتاء كنت اتجمد بردا ولا استطيع ان احرك شيء من جسدي ، والذي كان يزيد الوضع سوءا الوحدة المسوؤلة عن البوسطة المسماة "بالنحشون" فقد كانوا قساة بطريقة غيرعادية لدرجة انني كنت اشعر انهم ليسوا من البشر وكل شئ كنا نطلبه يرفض حتى لو كان طلبنا ان نشرب الماء او نذهب الى الحمام".

ومع كل المرارة التي وصفت بها صمود البوسطة لكنها شعرت بالسعادة لانها من خلال رحلة العذاب هذه تعرفت على فلسطين المحتلة بمدنها وقراها فتقول :" رايت قبة الصخرة المشرفة، أحسست بقدسية المدينة من خلف تلك النافذة الصغيرة التي كانت في الحافلة، و ورأيت البحرالذي لم اره طيلة حياتي" .

واستذكرت صمود لحظات زيارة عائلتها؛ حيث حضروا ثلاث مرات فقط خلال السنتين، مدة كل زيارة 45 دقيقة كانت اصعبها الزيارة الاولى لانها وعائلتها لم يتكملوا مع بعض ولكن دموعهم تكلمت.

الرعاية الصحية:
اكدت صمود ان المتابعة الصحية سيئة للغاية؛ فادارة السجون لا توفر اي رعاية صحية للاسيرات ولو بالحد الادنى، مع ان اغلبهن يعانين من امراض مختلفة، كالدسك والغضروف. واذا شعرت اي اسيرة باي الم يقدمون لها اكامول دون اجراء اي فحص اوتحليل؛ فكان الاكامول الوصفة العلاجيه لكل الامراض حتى المزمنة والخطيرة منها. وتتذكر صمود الاسيرة امل جمعة فتقول:" عندما جئت إلى السجن التقيت بالاسيرة والمناضلة أمل جمعة التي كانت تعاني من مرض خطير،وتنزف بشكل دائم. وبعد شهر اجرت عملية استئصال للرحم بسبب اصابتها بمرض السرطان وتردي حالتها الصحية وعدم متابعتها من إدارة السجون.

في مستشفيات السجون لا يوجد ممرضين لرعاية الأسرى خاصة الأسرى المقعدين. أذكر أحد الأسرى المحررين " اكرم سلامة" الذي كان يعاني من مرض القلب والسكري لكنه رغم حالته الصحية السيئة كان يقدم المساعدة لكافة الأسرى المرضى داخل الاسر".

وفي نهاية اللقاء شكرت صمود كراجة كافة الجهود الرسمية والاهلية لمتابعة قضية الأسرى ولكنها عتبت على وزارة المرأة لعدم متابعتها الحثيثة للأسيرات الفلسطينيات وتكليف محامين مختصين للالتفات لاحتياجاتهن الخاصة. وتتساءل صمود:" لماذا لم تهتم الجهات المعنية بالاسيرة وفاء البس من غزة والتي منعت من الزيارة لمدة 6 سنوات ولم يكن يصل اليها ملابس او أية احتياجات اخرى؟؟ ".

كما عتبت على وسائل الاعلام التي لا تهتم بالاسيرات الفلسطينيات الا لحظة خروجهن من الاسر ولا تتابع قضاياهن بشكل متواصل ـ واخيرا طالبت صمود كراجة السلطة الوطنية الفلسطينية توفير رعاية خاصة للاسيرات المحررات ، وخاصة بعد قضاء سنوات داخل الاسر فهن بحاجة الى من يقف الى جانبهم وان تفتح كل المؤسسات الفلسطينية اذرعها للاسيرات لتقديم المساعدة والدعم النفسي والعلاجي والتعليمي والوظيفي.

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024