فنزويلا تضيء عتمة فلسطين
يامن نوباني
حين يتعلق الأمر بفلسطين، تنتقي فنزويلا.. لا بل تتسيد، أقوى وأعمق وأصدق المواقف، تقول كلمتها ولا تخاف أحدا.
هكذا اعتادها الفلسطينيون وأحرار العالم، فشوارع كراكاس (العاصمة الفنزويلية) وباقي المدن الفنزويلية تشهد مظاهرات كبيرة نصرة لفلسطين في كل الأحداث.
ما بين 10-15 ألف تعداد الجالية الفلسطينية في فنزويلا، أغلبهم يسكنون فالنسيا وكراكاس، استطاعوا رغم التحديات التي واجهوها في البداية من اختلاف اللغة والثقافة والعادات، التعايش والاندماج مع المجتمع الفنزويلي.
ففي 12 تشرين الأول 2011 قال الرئيس الراحل لجمهورية فنزويلا البوليفارية هوغو تشافيز، خلال زيارة رئيس دولة فلسطين محمود عباس إلى فنزويلا: "قضية الشعب الفلسطيني هي قضية فنزويلا، فلسطين جزء من القومية الإنسانية".
مواقف لا تُنسى ولا تُحصى لقيادات فنزويلية عبرت فيها خلال السنوات الأخيرة عن عميق ارتباطها بفلسطين أرضا وشعبا، بإدانتها المتواصلة للاستيطان ومطالباتها الحثيثة بالتحرك لوقف جرائم الاحتلال، ومنح الفلسطينيين سيادتهم على أرضهم وحدودهم ومواردهم.
وفي شباط 2017 أكد رئيس جمهورية فنزويلا نيكولاس مادورو، التزام بلاده الاخلاقي والثوري، بتبني ودعم القضية الفلسطينية في جميع المحافل، كسياسة ثابتة على خطى القائد الراحل تشافيز.
وفي 2 كانون الأول 2015، ولمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، قالت وزيرة السلطة الشعبية للعلاقات الخارجية ديلسي رودريغيز: 'نؤكد اليوم، بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، على التزامنا تجاه هذا الشعب البطل، وفلسطين هي أمة تتعرض للاحتلال والعنف المتواصل من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وتدافع عن حقها في تقرير مصيرها، وهو حق طالما عبرت فنزويلا عن دعمها له في جميع المحافل الدولية.
وأضافت رودريغيز: "وطن بوليفار وشافيز (فنزويلا) سيناضل دائما مع فلسطين".
وفي تشرين الثاني 2011، أطلقت بلدية كراكاس، اسم الشهيد ياسر عرفات على إحدى الساحات وسط المدينة، ونصبت تمثالا من البرونز له في الذكرى الحادية عشرة على رحيله.
وفي نيسان 2017 أضاف الحزب الحاكم في فنزويلا (الحزب الاشتراكي الموحد) مادة إلى الدستور الفنزويلي للدفاع عن القضية الفلسطينية.
وفي الزيارة الأخيرة للرئيس محمود عباس إلى كراكاس، من شهر أيار الجاري، قال الرئيس الفنزويلي نيكولاسمادورو، يجب علينا أن نفعل أكثر من أجل فلسطين، وأنا تحت تصرفهم للعمل أكثر من أجل فلسطين، إنها صرخة من كراكاس، صرخة عدالة".
وتابع الرئيس الفنزويلي: "القدس فلسطينية منذ آلاف السنين وستبقى لآلاف السنين ايضا عاصمة لدولة فلسطين، القضية الفلسطينية أروع القضايا التاريخية، ونحب فلسطين من قلبنا، ونحب التاريخ الطويل لفلسطين".
واقترح مادورو أن تأخذ اللجنة الفلسطينية الفنزويلية على عاتقها التعامل بعملة الافتراضية البيترو في المعاملات التجارية، وأن يكون هناك صندوق ثنائي للتنمية الفلسطينية الفنزويلية، مضيفا: "سنقدم 20 مليون بيتور للتمويل الدائم والنقدي، من أجل التطور التكنولوجي والصناعي والشامل بين بلدينا، هذا ما نقوله يمكننا أن نفعل أكثر ويجب أن نفعل أكثر".
كما وقع مادورو، مرسومين رئاسيين، الأول لإنشاء الشركة المشتركة للتعدين، شركة بيت لحم المختلطة، وشركة في مجال التنقيب والتنجيم عن النفط والمعادن.
وقال: "سأكون في بيت لحم قريبا، لقد دعوت إلى هناك، لتحيا فنزويلا ولتحيا قضية العدالة فلسطين".
كما وقعت فلسطين وجمهورية فنزويلا البوليفارية، اتفاقيات في مجالات: الصحة، والأدوية، والصيدلة، والتعدين، والبترول، والفندقة، والسياحة، إضافة لإقامة مجلس رجال أعمال مشترك بين البلدين.
وفي 2016 قال ممثل دولة فنزويلا ماهر طه، خلال كلمته ضمن أعمال المؤتمر العام السابع لحركة فتح "أتينا لنشكركم على ايمانكم بالنصر، وعلى الفكر الثوري العظيم لياسر عرفات، العالم يعيش في أزمات وعدم الاستقرار والامبريالية تحاول زعزعة استقرار دول أميركا الجنوبية ولحلم اوغستو سانيدو وبوليفار."
واضاف طه: "نحن أنصار تشافيز لا يمكننا وفي مؤتمر لفتح، ألا نذكر سيرة الراحل فيديل كاسترو (الرئيس الكوبي الراحل) ذلك الرجل العظيم، ونحن صامدون بفضل ديمقراطيتنا وحريتنا، ونحن نتمنى لكم الحرية، ولن تكون عاصمة لفلسطين الا القدس، وفلسطين هي فنزويلا، وفنزويلا هي فلسطين."
وفي 2013 أعلن وزير الخارجية الفنزويلي الياس حوا، دعم بلاده في أن تصبح "فلسطين المحتلة" عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة.
حوا الذي انشأ لجنة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، قال: "ان النضال من أجل القضية الفلسطينية هو ميراث تركه لنا الرئيس الراحل "تشافيز".
عشرات اللقاءات في كافة المجالات (السياسية، والزراعية، والاقتصادية، والثقافية، والسياحية، والتعليمية)، جرت في السنوات الأخيرة بين فلسطين وفنزويلا، عمقت الصداقة والتعاضد واللحمة بين البلدين.
وهو ما دفع بوزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الى القول ان: "فنزويلا ستكون الباب الذي يمر من خلاله ضوء الحقيقة إلى "فلسطين".
وفي آب 2017 تبرعت دولة فلسطين بشحنة أدوية لجمهورية فنزويلا البوليفارية، وفي كانون الأول 2017 افتتحت الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي، مكتبا اقليميا لها في العاصمة الفنزويلية كاراكاس.
وفي أيلول 2015، أصدرت وحدة المراسم لشؤون الحصانات والامتيازات في وزارة الشؤون الفنزويلية قرارا يفيد بعدم الحاجة لإصدار تأشيرات فنزويلية لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والعادية الفلسطينية.
وفي تشرين الثاني 2014، أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، عن تقديم ألف منحة جامعية لدولة فلسطين خلال عام 2015، تحمل اسم 'دفعة ياسر عرفات'، وفي 2015 أعلنت فنزويلا تقديم منح لدراسة الطب للطلبة الفلسطينيين المقيمين في لبنان.
وفي تشرين الثاني 2014 أرسلت فنزويلا 300 طن من المساعدات الانسانية إلى قطاع غزة، كما جمعت الجاليتان الفلسطينية واللبنانية أكثر من 10 ملايين دولار، لصالح شراء معدات وتجهيز مستشفيات بالقطاع بالكامل، مثل مستشفى القدس والأمل وغيرها من المستشفيات، وسبقها في أيلول 2014 ارسال 55 طنا من المواد الغذائية والطبية الإغاثية العاجلة إلى غزة، وابدت فنزويلا استعدادها لاستقبال أطفال غزة الجرحى نتيجة العدوان الاسرائيلي.
وفي كانون الأول 2012 وقعت فلسطين، 10 اتفاقيات مع فنزويلا، في المجالات السياسية، والاقتصادية، والصحية، والزراعية، والسياحية، والثقافية، والرياضية، نصت إحداها على إلغاء تأشيرات السفر بين البلدين لحاملي الجوازات الدبلوماسية، والأخرى تنص على إلغاء تأشيرات السفر لحاملي الجوازات العادية.
وفي خطابه أمام الأمم المتحدة في 17 تشرين الأول 2011، نقل الراحل تشافيز كلمات لرئيسة حكومة الاحتلال آنذال غولدا مائير، عن عنصرية الصهيونية كرؤية، وان لا وجود لشيء يطلق عليه فلسطين او الفلسطينيون"، للتدليل على بشاعة الاحتلال وعنصريته.
واضاف تشافيز: "من الضروري العودة إلى الخلفية منذ أواخر القرن التاسع عشر طرحت الصهيونية عودة الشعب اليهودي إلى فلسطين وإقامة دولتهم، وكان هذا الطرح يتطابق ومصلحة الإمبريالية الغربية، ومنذ العقد الثاني للقرن العشرين بدأت الصهيونية تنفذ مشروعها التوسيعي بينما كانت تستفيد من الاحتلال الاستعماري البريطاني، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية كانت تتأزم مأساة الشعب الفلسطيني حيث جرى طرده من أرضه".
وتابع: "انتهك قرار 181 القانون الدولي وتجاهل بشكل سافر إرادة الأكثرية الساحقة للعرب، هكذا كان حق تقرير مصير الشعوب تتحول إلى حبر على ورق منذ عام 1948 إلى حد اليوم، واصلت الدولة الصهيونية استراتيجيتها الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني".
واردف تشافيز: "ها هي إسرائيل توجه وتحدد السياسة الدولية الأميركية تجاه الشرق الأوسط، كان مع إدوارد سعيد الحق كله، وهو يرمز الوعي الفلسطيني والعالمي، عندما كان يؤكد أن أي اتفاقية سلام تقام على أساس التحالف مع الولايات المتحدة سيكون تحالفا يعزز سلطة الصهيونية أكثر مما يواجهها".
وقال تشافيز: "ليس نزاعا دينيا: انه نزاع سياسي، بختم استعماري وإمبريالي. انه ليس صراعا يرجع إلى آلاف السنين إنما هو معاصر، انه صراع لم يلد بالشرق الأوسط إنما في أوروبا، يجب إقامة الدولة الفلسطينية في الحدود السابقة لعام 1967، مع القدس الشرقية عاصمة، والحقوق الوطنية، وحل قضية اللاجئين المشردين بالعالم أجمع، كما ينص على ذلك القرار 194 .
واضاف تشافيز: "لا يصدق أن "إسرائيل" موجودة بفضل قرار الجمعية العامة، ولا يهتم ولا يبالي بقرارات الأمم المتحدة، ان الازدواجية الأميركية التي تنتهك بها القانون الدولي، تسمح لإسرائيل أن تفعل ما تشاء، وهكذا تتحول إلى أهم شريكة في إبادة الفلسطينيين على أيدي الوحشية الصهيونية.
وختم تشافيز: "السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط تنطلق من زاوية إسرائيل".