الاميركي القبيح مرة أخرى
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
لم تعرف اميركا باداراتها الحاكمة يوما، أي شيء من اخلاق الفرسان ولا اي شيْء من اخلاق التعاطف والتسامح والتفهم الانسانية، فلطالما كانت ومازالت تستقوي على الشعوب الفقيرة والصغيرة..!! استقوت لحظة تشكلها الدموي العنيف على شعوب القارة الاميركية الأصلية الذين سمتهم هنودا حمرا، بالبنادق التي كانت من اخطر أسلحة القتل حينها والتي لم تكن تملكها شعوب القارة، والابشع استقوت عليهم بالمعرفة الاجرامية، حين سربت البطانيات الملوثة بجرثومة الجدري وكانت وقتها جرثومة مميتة، للعديد من قبائل هذه الشعوب فأبادت الملايين منهم - اقرأوا منير العكش في كتابه البليغ "حق التضحية بالاخر : أمريكا والابادات الجماعية" - ولم تكن اليابان أقوى من الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، لكن ثقافة "الكاوبوي" العنيفة حملت قنبلة "الولد الصغير" النووية - يا له من اسم(..!!) - وألقتها على هيروشيما، فأبادت في ثوانيها الاولى اكثر من تسعين الفا من سكان المدينة، الذين ما كانوا على جبهات الحرب...!! ولم تكتف أميركا بذلك فذهبت بقنبلة نووية اخرى سمتها "الرجل البدين" والقتها على مدينة ناغازاكي فقتلت ثمانين الفا من سكانها و"غيمة الغراب" النووية تغطي سماء المدينة المنكوبة..!! وما من متسع هنا للحديث عن التدخل العسكري الاميركي العنيف، في الحرب الكورية مطلع خمسينيات القرن الماضي، وهو التدخل الذي جعل الروائي الاميركي "وليم ريدرر" فيما بعد ان يكتب روايته الشهيرة "الاميركي القبيح" اما حرب فيتنام، فللنابالم الاميركي فيها، والذي يعتبر استخدامه جريمة حرب، الدور الأبشع في هذه الحرب بعد ان استخدمته القوات الاميركية على نطاق واسع وبشكل كبير ...!!
والواقع سيظل من الصعب علينا هنا، سرد جميع حكايات "الاميركي القبيح" الطافحة بالدم والعنف الممنهج، وثقافة الاستقواء والتنمر على الشعوب الصغيرة، والتي تتمظهر اليوم على نحو بالغ القبح باستقوائها على شعبنا الذي لا يملك ايا من ترساناتها الحربية والاقتصادية، فتتغول في العدوان عليه، بامتثال الادارة الاميركية لكل متطلبات العمل الصهيوني، لا بل ان هذه الادارة، وهي تنقل خلافا لكل قرارات الشرعية الدولية سفارتها من تل ابيب الى القدس المحتلة، بعد ان اعلنتها عاصمة لدولة الاحتلال (...!!) باتت ادارة صهيونية تماما وهي تتغنى وتتباهى بهذا الموقف وهذا السلوك الذي اجهز على عملية السلام التي يريدها المجتمع الدولي وشرعته القانونية والاخلاقية لتسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
وهنا ينبغي ان نقول: عندما تكون دولة كبرى كالولايات المتحدة، راعية للاحتلال وساعية لتأبيده، خلافا لكل القوانين والقرارات والشرائع الدولية، فإن ذلك يستدعي من المجتمع الدولي اولا ان يقف موقفا واحدا ضد هذا السلوك، وهذه السياسة عديمة الأخلاق الانسانية، التي تهدد بفرض شريعة الغاب على المجتمع الدولي بأسره ..! ان الادارة الاميركية في اللحظة الراهنة، وهي تذهب بعيدا في تكريس سياسات الغطرسة والعنصرية، واحتضان الاحتلال بكل سياساته الدموية، لهي خطر على مستقبل الأمن والاستقرار الذي تطمح له البشرية جميعها، وعلى المجتمع الدولي ان يتصدى لذلك قبل ان يستفحل داء هذه السياسات العنصرية والعدوانية وقبل ان تنتشر حرائقها التي ستأتي على الاخضر واليابس معا.
اما بالنسبة لنا نحن الفلسطينيون فنحن في خندق المواجهة الاول والمباشر، سنواصل التصدي لهذه السياسات وتمظهراتها ايا كانت، وقلنا وسنقول ونؤكد انه حتى لو نقلت الادارة الاميركية جميع مقراتها من واشنطن الى القدس المحتلة فإن ذلك لن يفت في عضدنا ولن ينال من عزيمتنا وارادتنا الحرة واصرارنا على مواصلة طريق الحرية حتى الاستقلال، وليعلم العالم اجمع والادارة الاميركية اولا، ان سلام فلسطين وحده الذي سيتحقق، فهو سلام الحق والعدل والكرامة، ولا سلام سواه ولا سلام بديلا عنه ولا صفقة لهذا القرن سوى صفقته، وللاميركي القبيح صفقة الطاعون الساقطة.