17 يناير 2009 – عائلة الأشقر
صبري مع أمه نجود الأشقر
ترفض مادلين النوم في غرفة منفصلة ولا تنام إلا في غرفتنا أنا ووالدها. تخاف أن تكون بمفردها. كنا ذات يوم نجلس في حديقة المنزل وطلبت منها أن تذهب إلى غرفة النوم لإحضار شيء ما إلا أنها رفضت أن تذهب دون أن أكون معها"
في حوالي الساعة الخامسة والنصف صباحاً بتاريخ 17 يناير 2009، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجوماً على المنطقة المحيطة بالمدرسة التابعة لوكالة الغوث في بيت لاهيا. تم قصف المنطقة باستخدام قذائف شديدة الانفجار وقذائف الفسفور الأبيض وهو مادة كيماوية حارقة تشتعل عند ملامستها للأكسجين ويعتبر استخدامه في المناطق المأهولة بالسكان المدنيين انتهاكاً لمبدأ التمييز والحظر المفروض على شن هجمات عشوائية. كانت نجود الأشقر تحتمي مع نحو 1600 مدني آخرين من المناطق المجاورة في المدرسة التابعة لوكالة الغوث عندما شن الهجوم. ونتيجة للقصف، أصيبت نجود بجراح خطيرة في رأسها كما أنها فقدت يدها اليسر. وفضلاً عن ذلك، قتل ابناها بلال، 6 أعوام، ومحمد، 4 أعوام، في الهجوم.
عندما تحدث المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى نجود في أعقاب الهجوم منذ حوالي ثلاث سنوات، كانت حياة نجود صعبة للغاية، لا سيما فيما يتعلق بعلاقتها مع زوجها محمد. "في البداية، كان زوجي يلومني لمقتل ابنينا. كان يهددني كل يوم بأنه سيتزوج إمرأة أخرى. ولكن الأمور بيننا أصبحت أفضل منذ ولادة ابنتنا حنين فهو يحبها كثيراً وهي أيضا تحبه،" تقول نجود.
كانت حنين، ابنة نجود التي تبلغ عاماً واحداً، بمثابة نعمة ونقمة في الوقت نفسه بالنسبة لنجود التي، على الرغم من سعادتها لأنها أنجبت مولوداً آخراً بعد فقدانها لبلال وحمد، إلا أنها تواجه مصاعب كبيرة للغاية في الاعتناء بنفسها وبمنزلها وبأطفالها نظراً لفقدانها ليدها والصعوبات الطبية التي واجهتها بعد الحادث. "اللحظات الأكثر إحباطاً بالنسبة لي هي اللحظات التي لا أستطيع فيها الاعتناء بابنتي حنين،" تقول نجود. "أحتاج إلى المساعدة من ابنتي مادلين طوال الوقت لتهتم بحنين. أشعر بالحزن الشديد على مادلين لأنها تضحي بدراستها لتهتم بالمنزل وبشقيقتها، ولكنني أحتاج إلى مساعدتها. لقد تأثر تحصيلها الدراسي نتيجة لهذا الوضع. وما زاد الوضع سوءاً هو أنني بعد الحادث لم أعد أجد الصبر لمساعدتها في دراستها."
كانت مادلين هي الأخرى في مدرسة وكالة الغوث في لحظة الهجوم ولا تزال تعاني بسبب ذكريات الهجوم على المدرسة وفقدانها لشقيقيها بلال ومحمد. "ترفض مادلين النوم في غرفة منفصلة ولا تنام إلا في غرفتنا أنا ووالدها. تخاف أن تكون بمفردها. كنا ذات يوم نجلس في حديقة المنزل وطلبت منها أن تذهب إلى غرفة النوم لإحضار شيء ما إلا أنها رفضت أن تذهب دون أن أكون معها،" تقول نجود.
تشارك نجود ابنتها مادلين الخوف من الماضي والقلق من المستقبل. "أحياناً عندما نسمع الأقاويل حول حرب جديدة أو اجتياحات إسرائيلية، تبدأ مادلين بالتحدث إلي حول ذلك وتبدأ بالحديث عما جرى في الاعتداء. أما أنا فلا أحتمل أن أتحدث إليها عما جرى وأطلب منها ألا تواصل الحديث عن ذلك،" تقول نجود. ولا تزال ذكريات الهجوم تدور في ذهن نجود لدرجة أنها لا تتحدث عن هذه الذكريات. "أحياناً يأتي إلي بعض الأشخاص ويطلبون مني أن أروي لهم ما جرى في ذلك اليوم ولكني أرفض الحديث عن ذلك لأنني لو تحدثت فإن الذكريات ستلاحقني طوال النهار والليل."
وفضلاً عن فقدان يدها، لا تزال نجود تعاني من آلام شديدة في رأسها. عندما تحدث إليها المركز منذ ثلاثة أعوام، قالت بأنها كانت تضع غطاء الرأس أينما كانت حتى في منزلها لأنها فقدت شعرها بسبب الحروق البالغة التي أصيبت بها. "الآن نما شعري مرة أخرى ما عدا في مناطق صغيرة بسبب الجروح التي أصبت بها. عندما تمشط مادلين شعري، فإنني أتعذب بسبب الألم."
تشعر نجود بالألم بشكل خاص حيال فقدانها لابنيها بلال ومحمد. "لا يمكنني أن أنسى ابنيّ. إن عشت مائتي ألف عام فلن أنساهما،" تقول نجود. كان بلال ومحمد يشكلان ركناً كبيراً من أركان الاستقرار والدعم في حياة نجود. "عندما كنت أغضب من زوجي، كنت أغادر المنزل وأتوجه إلى منزل عائلتي. كان بلال ومحمد يحاولان تهدئتي ويطلبان مني أن أبقى. الآن عندما أتشاجر مع زوجي، أذهب إلى غرفتي وأفكر فيهما." كان بلال يساعد والده محمد الذي يعاني من إعاقة سمعية وكلامية في التواصل مع الآخرين خارج المنزل ولذلك كان لفقدان بلال أثر مدمر على محمد، زوج نجود.
تنتظر نجود الآن مولوداً جديداً وتأمل بأن تتحسن صحتها وأن ترزق بولد في المستقبل لتسميه بلال. "انتظرت أنا وزوجي قدوم بلال بفارغ الصبر. كان عزيزاً علينا ومقرباً إلينا. أتمنى أن أرزق بولد لأمنحه اسم شقيقه."
يذكر بأن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تقدم بشكوى إلى السلطات الإسرائيلية بالنيابة عن عائلة الأشقر بتاريخ 18 مايو 2012. وتلقى المركز رداً أولياً يفيد باستلام الشكوى الأصلية. على الرغم من متابعة المركز لهذه القضية وإرساله استفسارات متكررة بهذا الشأن، إلا أن المركز لم يتلق أية معلومات أخرى بشأن أية تحقيقات جارية أو غير ذلك.
في حوالي الساعة الخامسة والنصف صباحاً بتاريخ 17 يناير 2009، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجوماً على المنطقة المحيطة بالمدرسة التابعة لوكالة الغوث في بيت لاهيا. تم قصف المنطقة باستخدام قذائف شديدة الانفجار وقذائف الفسفور الأبيض وهو مادة كيماوية حارقة تشتعل عند ملامستها للأكسجين ويعتبر استخدامه في المناطق المأهولة بالسكان المدنيين انتهاكاً لمبدأ التمييز والحظر المفروض على شن هجمات عشوائية. كانت نجود الأشقر تحتمي مع نحو 1600 مدني آخرين من المناطق المجاورة في المدرسة التابعة لوكالة الغوث عندما شن الهجوم. ونتيجة للقصف، أصيبت نجود بجراح خطيرة في رأسها كما أنها فقدت يدها اليسر. وفضلاً عن ذلك، قتل ابناها بلال، 6 أعوام، ومحمد، 4 أعوام، في الهجوم.
عندما تحدث المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى نجود في أعقاب الهجوم منذ حوالي ثلاث سنوات، كانت حياة نجود صعبة للغاية، لا سيما فيما يتعلق بعلاقتها مع زوجها محمد. "في البداية، كان زوجي يلومني لمقتل ابنينا. كان يهددني كل يوم بأنه سيتزوج إمرأة أخرى. ولكن الأمور بيننا أصبحت أفضل منذ ولادة ابنتنا حنين فهو يحبها كثيراً وهي أيضا تحبه،" تقول نجود.
كانت حنين، ابنة نجود التي تبلغ عاماً واحداً، بمثابة نعمة ونقمة في الوقت نفسه بالنسبة لنجود التي، على الرغم من سعادتها لأنها أنجبت مولوداً آخراً بعد فقدانها لبلال وحمد، إلا أنها تواجه مصاعب كبيرة للغاية في الاعتناء بنفسها وبمنزلها وبأطفالها نظراً لفقدانها ليدها والصعوبات الطبية التي واجهتها بعد الحادث. "اللحظات الأكثر إحباطاً بالنسبة لي هي اللحظات التي لا أستطيع فيها الاعتناء بابنتي حنين،" تقول نجود. "أحتاج إلى المساعدة من ابنتي مادلين طوال الوقت لتهتم بحنين. أشعر بالحزن الشديد على مادلين لأنها تضحي بدراستها لتهتم بالمنزل وبشقيقتها، ولكنني أحتاج إلى مساعدتها. لقد تأثر تحصيلها الدراسي نتيجة لهذا الوضع. وما زاد الوضع سوءاً هو أنني بعد الحادث لم أعد أجد الصبر لمساعدتها في دراستها."
كانت مادلين هي الأخرى في مدرسة وكالة الغوث في لحظة الهجوم ولا تزال تعاني بسبب ذكريات الهجوم على المدرسة وفقدانها لشقيقيها بلال ومحمد. "ترفض مادلين النوم في غرفة منفصلة ولا تنام إلا في غرفتنا أنا ووالدها. تخاف أن تكون بمفردها. كنا ذات يوم نجلس في حديقة المنزل وطلبت منها أن تذهب إلى غرفة النوم لإحضار شيء ما إلا أنها رفضت أن تذهب دون أن أكون معها،" تقول نجود.
تشارك نجود ابنتها مادلين الخوف من الماضي والقلق من المستقبل. "أحياناً عندما نسمع الأقاويل حول حرب جديدة أو اجتياحات إسرائيلية، تبدأ مادلين بالتحدث إلي حول ذلك وتبدأ بالحديث عما جرى في الاعتداء. أما أنا فلا أحتمل أن أتحدث إليها عما جرى وأطلب منها ألا تواصل الحديث عن ذلك،" تقول نجود. ولا تزال ذكريات الهجوم تدور في ذهن نجود لدرجة أنها لا تتحدث عن هذه الذكريات. "أحياناً يأتي إلي بعض الأشخاص ويطلبون مني أن أروي لهم ما جرى في ذلك اليوم ولكني أرفض الحديث عن ذلك لأنني لو تحدثت فإن الذكريات ستلاحقني طوال النهار والليل."
وفضلاً عن فقدان يدها، لا تزال نجود تعاني من آلام شديدة في رأسها. عندما تحدث إليها المركز منذ ثلاثة أعوام، قالت بأنها كانت تضع غطاء الرأس أينما كانت حتى في منزلها لأنها فقدت شعرها بسبب الحروق البالغة التي أصيبت بها. "الآن نما شعري مرة أخرى ما عدا في مناطق صغيرة بسبب الجروح التي أصبت بها. عندما تمشط مادلين شعري، فإنني أتعذب بسبب الألم."
تشعر نجود بالألم بشكل خاص حيال فقدانها لابنيها بلال ومحمد. "لا يمكنني أن أنسى ابنيّ. إن عشت مائتي ألف عام فلن أنساهما،" تقول نجود. كان بلال ومحمد يشكلان ركناً كبيراً من أركان الاستقرار والدعم في حياة نجود. "عندما كنت أغضب من زوجي، كنت أغادر المنزل وأتوجه إلى منزل عائلتي. كان بلال ومحمد يحاولان تهدئتي ويطلبان مني أن أبقى. الآن عندما أتشاجر مع زوجي، أذهب إلى غرفتي وأفكر فيهما." كان بلال يساعد والده محمد الذي يعاني من إعاقة سمعية وكلامية في التواصل مع الآخرين خارج المنزل ولذلك كان لفقدان بلال أثر مدمر على محمد، زوج نجود.
تنتظر نجود الآن مولوداً جديداً وتأمل بأن تتحسن صحتها وأن ترزق بولد في المستقبل لتسميه بلال. "انتظرت أنا وزوجي قدوم بلال بفارغ الصبر. كان عزيزاً علينا ومقرباً إلينا. أتمنى أن أرزق بولد لأمنحه اسم شقيقه."
يذكر بأن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تقدم بشكوى إلى السلطات الإسرائيلية بالنيابة عن عائلة الأشقر بتاريخ 18 مايو 2012. وتلقى المركز رداً أولياً يفيد باستلام الشكوى الأصلية. على الرغم من متابعة المركز لهذه القضية وإرساله استفسارات متكررة بهذا الشأن، إلا أن المركز لم يتلق أية معلومات أخرى بشأن أية تحقيقات جارية أو غير ذلك.