"عساكر" في معرض الكتاب
يامن نوباني
ماذا يفعل العساكر بين الكتب؟ أربعة شبان بزي عسكري تابع لجهاز الأمن الوطني الفلسطيني يتجولون يوميا بين أجنحة معرض فلسطين الدولي للكتاب في دورته الـ11!، هل العساكر مثقفون؟ هل تعنيهم الكتب والمراجع والدراسات؟.
ما بين 500 دار نشر أو توكيل، شاركت في المعرض، كان هناك ما بين 6-8 عساكر يتناوبون يوميا على الجلوس في جناح مكتبة الشهيد الفريق عبد الرزاق المجايدة، إحدى دوائر وحدة البحوث والدراسات في جهاز الأمن الوطني الفلسطيني والتي تم إنشاؤها قبل أربع سنوات، في مشهد ود وتآلف بين القارئ والمثقف والعسكري.
عدا عن غرابة المشهد، كانت كتب الجناح مميزة وفريدة ونادرة، وذات قيمة سياسية وعسكرية وأمنية وتاريخية ونفسية ووطنية وعلمية وثقافية. ويُقدر حجمها بألفي كتاب.
وضمت الرفوف عناوين ومضامين: عمليات المقاومة الفلسطينية– فتح بالذات– في سبعينات القرن الماضي، كتب في القانون الدولي، أجهزة الأمن الاسرائيلية (الجيش، الاستخبارات، الأجهزة السرية)، القضية الفلسطينية، الصهيونية واليهودية، مذكرات شخصية لقادة العدو، حروب لبنان مع الاحتلال، الصراع في الشرق الأوسط، بيروت والمقاومة الفلسطينية، شخصيات قيادية فلسطينية، اغتيالات بحق قادة المقاومة الفلسطينية، الارهاب، الاعلام العسكري، الانتفاضة الأولى.
الرائد راشد حامد، مدير وحدة البحوث والدراسات في قوات الأمن الوطني، قال لـ"وفا": الفكرة من وجود المكتبة توفير المعلومات المختلفة لكافة شرائح المجتمع المدني بالإضافة إلى مجتمع القوات من أجل توصيل المعرفة لكل من يحتاجها، وهذه الخدمة ستقدم إلى جانب خدمة الأمن من قبل قوات الأمن الوطني الى الجمهور.
وحول نوعية الكتب والمحتويات، بين حامد: عمدنا منذ البداية على توفير العناوين غير المتوفرة في السوق الفلسطينية والتي يصعب الحصول عليها سواء ورقيا أو الكترونيا وقمنا بجلبها من دول محيطة مثل مصر والأردن وتونس وتركيا وغيرها. العناوين في كافة الميادين المختلفة في العلوم السياسية والاجتماعية الإنسانية البيئة القانون الجغرافيا والتاريخ، ونلاحظ التنوع فيها، المكتبة غير موجهة لا سياسيا ولا أمنيا هي مكتبة تسعى إلى نقل المعرفة ثقافيا واكاديميا للجميع دون تمييز. اشترينا الكتب على نفقة القوات، جاءنا جزء من بعض الأصدقاء والمعارف بشكل شخصي لكن الأساس على نفقة القوات وليس تبرعات أو منحا.
وأضاف: نحن بصدد إنشاء شراكات إقليمية ودولية في مجال المعرفة والكتب والمكتبات، إضافة إلى أننا أعضاء في الاتحاد العربي لجمعية المكتبات والمعلومات، وأعضاء في الجمعية الفلسطينية للمكتبات والمعلومات وشاركنا في مؤتمرات دولية "جمعية المكتبات والمعلومات الدولية" بالإضافة إلى شراكات مع جهات أخرى منها "الفهرس العربي الموحد" الذي لا يقل عن 4 ملايين دراسة وكتاب متاح لنا الكترونيا من خلال اسم ورقم سري خاص في مكتبتنا باشتراك سنوي، لدينا شراكات وعلاقات تبادل معرفة مع الكثير من مكتبات وجمعيات في الوطن العربي، وأهمها الجمعية العمومية (التونسية، القطرية، السعودية، السودانية، المصرية، الأردنية)، ولدينا خطة استراتيجية قادمة سنعلن عنها قريبا فيما يخص موضوع المكتبات والمعلومات.
وعن أثر وانعكاس المكتبة أوضح حامد: تعديل السلوك في أي مؤسسة سواء حكومية أو غير حكومية بحاجة إلى وقت ولن يتم بخطوة واحدة. منذ البداية كان هناك إقبال على فكرة وجود مكتبة في قوات الأمن الوطني بطلب من اللواء نضال أبو دخان، الآن هناك توجه ملحوظ لكثير من أفراد الأمن الذين يرتادون المكتبة ويطلبون العناوين ويسألون عن المراجع واصبح لدينا حراك شبه يومي داخل القوات، هدفنا داخل القوات وخارج لكن تسهيلا للمواطن كي لا يواجه صعوبات في حصوله على كتب من خلال توجهه إلى مقر أمني وإجراءات امنية سنوفرها للجمهور الكترونيا حتى يسهل عليه الدخول إلى المكتبة من خلال آلية عمل سنعمل على قسائم اشتراك للمواطنين لتعبئة بياناتهم وسيكون الاشتراك مجانيا. ونحن نعمل على مد جسور المحبة والتعاون مع المجتمع المدني، فهو الحاضنة للجهاز الأمني، والجهاز الأمني يعمل في بيئة المجتمع المدني ووجد لتوفير خدمة مجانية لشعبه.
وختم حامد: هذه الحالة الأولى في العالم، أن يمتلك جهاز أمني مكتبة متاحة للجمهور، هناك مكتبات خاصة وسرية....الخ، نحن متاحون للجمهور، للإعارة والبحث والدراسة، ونشارك في مؤتمرات خارجية ومعارض كتب دولية.
الرائد يوسف أبو زيد، قال لـ"وفا": بدأت قوات الأمن الوطني في تشكيل مركز أبحاث مختص لأبحاث والدراسات الأمنية، كون معظم القائمين عليها من حملة الشهادات العليا (ماجستير ودكتوراه)، ومن هنا كانت لدينا فكرة عملية تكميلية للأبحاث والدراسات أن تكون لدينا مكتبة وطنية.
وأضاف: توفير المعلومات لكافة شرائح المجتمع المدني بالإضافة لمجتمع القوات، وهي خدمة إلى جانب خدمة الأمن مجانا، الخدمات الثقافية والأمنية والمعرفية والبحثية لطلبة الجامعات والمدارس والمعاهد ومراكز البحوث والدراسات ولكل من يحتاج المعرفة.
وبين: المكتبة لا تقتصر على الكتب الأمنية، فيها كتب علمية وثقافية مختلفة. حصلنا على معظمها من معرض الكتاب الدولي في القاهرة، والقسم الآخر من معرض الكتاب الدولي في عمان، إضافة إلى بعض المؤسسات مثل مركز الأبحاث والدراسات المحلية.
وقال: الهدف من انشاء المكتبة تزويد الباحثين الفلسطينيين في قوى الأمن بالمصادر والمراجع في أبحاثهم، خاصة أن معظم الدراسات ذات طابع سري. معظم رواد المكتبة عسكريون، ومن يعمل في قوى الأمن الفلسطيني يكون عنده اطلاع واسع على القضايا التي تهم القضية الفلسطينية وخاصة الأمنية لأننا ما زلنا نعيش حالة حرب مع إسرائيل ولم نصل إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، الفكرة تحصين الإنسان الفلسطيني في قوى الأمن الفلسطيني بكافة المعلومات الأمنية والعسكرية، حتى نعرف العدو بماذا يفكر، لذلك معظم الكتب عسكرية.
وحول الكتب، قال أبو زيد: بعض الكتب نادرة في السوق، حصلنا عليها من القاهرة معظم هذه الكتب يحظر بيعها في المكتبات. والخطوة القادمة، توسيع المكتبة لتشمل شتى أنواع الكتب، نظام الاستعارة مفتوح لكل مواطن فلسطيني عسكري أو مدني، بشرط أن يكون معه معرف لضمان إرجاع الكتب.