العودة الرابعة لشاطئ الطنطورة المهجرة
يامن نوباني
ليلة 22 أيار، ونهار 23 أيار 1948، احتلت عصابات "الهاغاناة" الإرهابية الصهيونية قرية "الطنطورة" 24 كم جنوب مدينة حيفا، وارتكبت مجزرة راح ضحيتها 230 شهيدا، عرفت باسم "مجرزة الطنطورة"، حيث أجبرت العشرات منهم على حفر خنادق، قبل أن تطلق النيران عليهم، وتدفنهم في تلك الخنادق، وفي مقابر جماعية.
قبل ذلك التاريخ، اشتهرت الطنطورة بمحطة سكة القطار الساحلية، واشتهر أهاليها بصيد السمك، وما تبقى منها اليوم، مقام المجيرمي، وبيت "آل اليحيى"، ومدرسة بنيت أوائل الأربعينات.
للعام الرابع على التوالي، تنُظم جمعيّة "فلسطينيّات" بالتعاون مع أهالي شهداء مجزرة الطنطورة، وناشطين وناشطات، نشاطا وطنيا وسياسيا لإحياء الذكرى الـ 70 لشهداء المجزرة، وذلك يوم الجمعة 25 أيّار 2015 الساعة السادسة مساءً، على شاطئ القرية المهجّرة.
ويشمل النشاط مسيرة تقليدية تخليدًا للشهداء، تنطلق من المقبرة الجماعيّة، حيث موقف السيارات لمستوطنة "دور"، وتنتهي في ساحة بيت آل يحيى، المعلَم الصامد والباقي على شاطئ القرية، يليها فعالية دينية وفقرة تكريم للشهداء، لاستحضار أجواء شهر رمضان المبارك، في الطنطورة، ورفع اَذان المغرب، بعد غياب وصمت دام 70 عاما، ليجتمع بعدها المشاركون حول مائدة الإفطار الرمضاني. ويختتم النشاط بأمسية ثقافية فنية ملتزمة تؤنس وحشة وظلمة الطنطورة، وتنير خلايا الذكريات مع الفنانة ريم تلحمي.
كما سيتم تكريم الناجين الشاهدين على المجزرة، المرحومين الذين ودّعونا هذا العام، وانتقلوا لجوار الرحمن وهم: محمد رزق الله عشماوي، وحسين أحمد عبد الرحمن عشماوي، ومحمد عبد الرازق عشماوي، على دورهم في كسر الصمت عن أحداث وتفاصيل المجزرة المنسيّة والرهيبة.
وجمعية "فلسطينيات" باشرت في 20 أيار عام 2015 بإحياء ذكرى شهداء الطنطورة، لأول مرة، من خلال مسيرة وطقس وطنيّ سياسيّ، ومنذ ذلك الوقت تقوم الجمعية سنويا، بتنظيم النشاط بموعده.
وقال مدير جمعية فلسطينيات، المحامي جهاد أبو ريا: بعد ثلاثة أعوام متتالية من الالتفاف الشعبي الوطني والسياسي الواسع لكسر الصمت عن المجزرة، تحيي فلسطينيات بالتعاون مع أهالي الشهداء وأهلنا بالفريديس، هذه السنة أيضا ذكرى الشهداء، من خلال نشاط حافل يرمي لتوثيق شهادات الناجين من المجزرة، وتوثيق أسماء الشهداء، وتخليد ذكراهم، وترسيخ الذكرى والرواية في الوعي الجماعي، لما في ذلك من قيمة وطنيّة، وحضاريّة، وتاريخيّة."
ودعا عضو اللجنة التحضيريّة لإحياء ذكرى شهداء المجزرة سامي العلي الفلسطينيين في الجليل، والمثلث، والنقب، والضفة، والقدس، وجميع الفعاليات والأحزاب السياسية والوطنية والحركات الاجتماعية والدينية والشبابية الفلسطينيّة، للمشاركة الفاعلة في النشاط الهام، الذي يؤسس لإحياء ذكرى شهداء فلسطين أجمعين في يوم سنوي وطقس جمعي وطني عام.
وأضاف: واجبنا الوطني تجاه شهدائنا الأبرار يلزمنا بإنجاح النشاط وتنظيمه بصورة تليق بمقامهم تخليدًا لذكراهم وتكريمًا لذويهم، ومن أجل ذلك، يوم الجمعة القريب، راجعين للطنطورة".
وأشار أبو ريا، إلى أن "فلسطينيات" تأسست سنة 2013، وتهتم بقضايا العودة والنكبة وتثبيت حقنا في الداخل، والاهتمام بالأسرى، والنشاطات الوطنية، ودعم عائلات مهددة بالتهجير في عكا، مثل: الحاجة سلوى زيدان، كما وقفت ضد تحويل خان العمدان في عكا، وهو مبنى حضاري، وتاريخي، إلى فندق احتلالي.
وتحيي فعاليات وطنية مختلفة في قرى مهجرة، مثل: قرية الشجرة المهجرة، حيث تم تكريم الشاعر الراحل أبو عرب، والشهيد ناجي العالي، واقامة أمسيات ثقافية ورمضانية في دير ابان.
وبين أبو ريا إلى أن لفت الانتباه الى قضية العودة للقرى المهجرة واحياء ذكراها، وهي قضية اساس يشارك فيها لاجئين من الخارج والضفة، وسيشارك فيها هذا العام المئات من أهالي القدس، بالإضافة إلى فرقة كشفيه وفرقة البراق والفناة ريم تلحمي.
وقال: اضافة لمجزرة الطنطورة التي راح ضحيتها 230 شهيدا، وقعت مجازر أخرى لا تقل رهبة وعنفا، فمجزرة طيرة حيفا من أبشع المجازر، حيث تم اللحاق بالفلسطينيين المهجرين على طريق قرية اللجون واحراقهم بالنفط، وهم أحياء، استشهد فيها حوالي 30 شخصا. ومجازر الدوايمة وبلد الشيخ، التي حطمت فيها العصابات الصهيونية رؤوس الفلسطينيين الآمنين في بيوتهم بالفؤوس، وبالعصي.
تميز موقع الطنطورة باعتباره ممرا إلى حيفا، وبعض المراكز الأخرى، كون جزء من أراضيها يصلها بالطريق الساحلي السريع، ووجود محطة قطار للخط الساحلي، وأقيم على أرضها كيبوتس "نحشوليم" 1948، ومستوطنة "موشاف دور" 1949، وتم تجريف المقبرة الجماعية، وبُني فوقها مواقف للسيارات.
يحد الطنطورة من الغرب البحر المتوسط، ومن الشرق بلدة الفريديس، ومن الجنوب قرية كبارة المهجرة، وعرب الغوارنة - جسر الزرقاء، ومن الشمال يحدها قرية عين غزال المهجرة وقرية كفر لام الساحلية المهجرة.
تبلغ مساحة أراضي الطنطورة 14520 دونما، قدر عدد سكانها سنة 1929 حوالي 750 نسمة، وفي عام 1945 حوالي 1490 نسمة، قبل أن تقوم المنظمات الصهيونية المسلحة بهدم القرية، وتشريد أهلها، البالغ عددهم عام 1948 حوالي 1728 نسمة.