اللعب بالحرب
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
اتفقت آراء عديدة ومن مصادر مختلفة ان التصعيد "الحربي" الاخير الذي شهده قطاع غزة، إنما جاء لتثبيت التهدئة وفق التفاهمات التي ابرمت بين حركة حماس واسرائيل عام 2014 برعاية مصرية، وما يجعل هذه الآراء منطقية وصائبة ان التصعيد الاسرائيلي العدواني، وبذريعة الرد على ثلاثين قذيفة هاون حمساوية لم تصب شيئا يذكر (...!!) هذا التصعيد لم يستهدف إلحاق أية خسائر بشرية بين صفوف عناصر حركة حماس...!!!
ومن اللافت للنظر ان "التهدئة" سرعان ما تحققت وهذا ما اعلنه عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية، والذي اكد انه تمت العودة لتفاهمات 2014 وهذه المرة كما قال بعد "تدخل العديد من الوساطات".!!
والسؤال المشروع هنا: هل الامر يتعلق بالعودة الى تفاهمات التهدئة فحسب، ام ان وراء الاكمة ما وراءها ..؟؟ ووفقا لكل ما قيل عن التصعيد إنه كان مدروسا بدقة من طرفي معادلته، يمكن لنا الاستنتاج ان التهدئة التي تريدها حماس في اللحظة الراهنة، هي المخرج الآخر لانسحابها من مسيرة العودة، لعلها بذلك تفتح الباب على مصراعيه امام مشروع "الهدنة طويلة الامد" ...!!!
وبلا شك فإن العودة لتفاهمات 2014 ليست عودة التمليذ ومراجعاته لدروسه، وما تغير خلال السنوات الاربع الماضية، في الرؤية والموقف وموازين القوى، وما تخللها من رسائل متبادلة بين حركة حماس واسرائيل، لا يسمح كل ذلك بأن تظل تفاهمات 2014 على حالها، وما من "تفاهمات" مقدسة كما نعرف عند اسرائيل اليمين العنصري المتطرف، وهذا ما يفسر الرفض الاسرائيلي لشروط متبادلة للتهدئة والقبول فقط بوقف اطلاق انار طالما حماس ملتزمة بذلك.
ما يثير الاسف والألم معا، ان حركة حماس سرعان ما تستجيب للتفاهمات مع دولة الاحتلال..!! لكنها ومنذ احد عشر عاما، تماطل في الاستجابة لمتطلبات واستحقاقات المصالحة الوطنية، بل انها في الاشهر القليلة الماضية، لم تترك وسيلة، لا لتعطيل المصالحة فقط، وانما لنسفها تماما إلا ولجأت اليها ...!!
ونعرف ونريد لحركة حماس ان تعرف انه ما من "تفاهمات" مع دولة الاحتلال، ولا اية مشاريع احادية اخرى، بقادرة على معالجة اوضاع قطاع غزة المكلوم على نحو انساني ووطني فاعل وسليم، لا بديل عن الوحدة الوطنية في هذا الاطار، لا مخرج ولا علاجات ناجعة من دونها، ولا تنازل والحالة هذه عن المصالحة الوطنية، ولا تلاعب ولا تبديل في متطلباتها واستحقاقاتها.
متى تدرك حماس ذلك، وتكف عن تفكيرها الاخواني، وتكف عن تضييعها للوقت، الامر الذي ما زال يكلف اهلنا في القطاع المكلوم مزيدا من المعاناة ...!!
متى تدرك كل ذلك حقا، وتكف عن اللعب بالحرب، لأجل مصالحها الحزبية الضيقة بغاياتها المستحيلة ..؟؟ والحرب كما نعرف بالنسبة لدولة الاحتلال ليست لعبة، بقدر ما هي حقل وجوده وسياسته وايدلوجيته، وغذاء فكرته العنصرية بشراهتها الاستحواذية، ولهذا نحن نطالب اليوم بالحماية الدولية للجم الاحتلال واغلاق الطرق امام حقله الخطير.
لن نتراجع عن هذه الاسئلة، وبالمعنى الذي يؤكد اننا لن نحيد عن طريق المصالحة الوطنية، لأننا وكما اكدت مركزية فتح في اجتماعها الليلة قبل الماضية لن نتخلى عن اهلنا في قطاع غزة ولن نسمح باية مشاريع تصفوية ان تمر.