موزع الجريشة
محمد أبو فياض
يسارع المسن وليد الحطاب أبو يوسف من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، بعد صلاة عصر كل يوم، لطهي شوربة "الجريشة" بلحم الضأن، بكميات كبيرة ليوزعها على الفقراء والمحتاجين في مدينة غزة، عند موعد الإفطار.
و"الجريشة" إحدى الأكلات الرمضانية الشعبية، والمشهورة في قطاع غزة خاصة في شهر رمضان.
وورد ذكر مادة الجريش في كتب التراث العربي، وفي التراث الشعبي، وتنتج بعد أن يطحن القمح يدويا إما باستخدام الرحى أو المجرشة (الجاروشة)، والمَجْرَشَةُ اليَدَويَة شبيهة بالرحى الحجريَّة، إلا أن قرصها الدائري من حجرتين لا تتطابقان تمام المطابقة، فالمجرشة تكون عادة خشنة السطح، أما الرحى فتكون ملساء أو يوضع بين خرزتي الرحى قطعة خشبيـة ترفعها عن بعض وهي تجرش الحبوب ولا تحولها إلى طحين.
ويقول الحاج أبو يوسف لـ"وفا": "أبدأ عملية طبخ الجريشة بلحم الضأن بنفسي يوميا، بعد ربع ساعة من صلاة العصر، وتستمر عملية الطهي حتى السادسة والنصف، وأنتهي من عملية التوزيع الساعة السابعة في أبعد تقدير، كي يحصل المستفيد على الوجبة ساخنة وتحافظ على طعمها اللذيذ.
ويضيف "تتم عملية الطهي على الحطب، لا على الغاز، لأن الطهي على الحطب يزيد من لذة الطعام فهي أكلة شعبية تكتسب طعما خاصا من الحطب".
ويشير إلى أنه بدأ هذا العمل في شهر رمضان الماضي، وسيستمر في ذلك ما بقي على قيد الحياة، تقربا إلى الله عز وجل.
ويبين أنه يقوم بعملية التوزيع بمعاونة عدد كبير من المواطنين من فاعلي الخير والمتبرعين، لأن هناك اقبالا كبيرا جدا من المنتفعين والمستفيدين من هذه الوجبة، والعدد يزداد كل يوم، وأعمل على زيادة الكمية كل يوم كي تفي بحاجة المحتاجين والمعوزين، الذين زاد عددهم بشكل كبير مقارنة بالعام الماضي.
وتحدد كمية الوجبة لكل مستفيد حسب عدد أفراد العائلة، فكلما زاد عدد أفراد العائلة المنتفعة زادت كمية الوجبة الممنوحة لهم وبالعكس.
ويصف أبو يوسف شعوره وهو يقوم بعملية الطبخ وتوزيع الوجبات على المحتاجين، بالفخر والحب بالرغم أنها وجبة شعبية بسيطة، إلا أنها تسد رمق عائلات محتاجة في ظل حصار قاتل يفرضه الاحتلال على قطاع غزة منذ ما يزيد عن العقد من الزمان.