"المشمش" يتجول بحلاوته في سلفيت
عُلا موقدي
نهاية أيار ومطلع حزيران من كل عام، تنتشر في مدينة سلفيت عربات وبسطات باعة المشمش "الحموي"، الفاكهة التي أضافت للمحافظة عنوانا مشهورا إلى جانب "محافظة الزيتون".
في شارع الداخلية، الذي يتوسط المدينة، تُرى على الجانبين، العلب البلاستيكية والأواني التي تحمل "مشمشا" من سلفيت، مشهودا له طيب المذاق، وجمال الشكل، ويستخدم لصنع المربيات، و"قمر الدين".
يمر موسم المشمش وينتهي سريعا في سلفيت، كحال باقي المناطق، ففترة نضوج ثمرة المشمش تبقى لما يقارب أسبوع واحد فقط، لذلك تتكرّر مقولة: "آخر أيامك يا مشمش !" والمثل الشعبي يقول "جمعة مشمشية"، دليل على أن موسمه قصير، ويقال ايضاً "في المشمش" دلالة على محدودية الفرص او فقدان الأمل من تحقيقها.
مدير زراعة سلفيت ابراهيم الحمد، يقول: جو سلفيت العام وفّر البيئة المناسبة لثمار المشمش، فالمنطقة مطرية، نسبة الهطول فيها مرتفع من 600- 700 ملم سنوي، وبالتالي الأشجار لا تحتاج إلى ري، إلا في بداية زراعتها، أي بالسنة الأولى، ثم تعتمد على مياه الأمطار.
ويضيف، ما يقارب 30 دونما في المدينة مزروعة بأشجار المشمش، وهي نسبة ضئيلة جداً مقارنة في السنوات العشرين الماضية، المساحات قلت بسبب إهمال المزارعين، كانت الأشجار تنتشر على مساحات واسعة لكنها اليوم محصورة في بساتين معينة.
ويكمل: في كل عام نوزع أشتال المشمش بأسعار رمزية جدا، وخلال السنوات القادمة ستدخل في طور الإنتاج، وسنقوم بتعويض النقص في كمية الإنتاج، وهناك توجه من خلال مشروع تخضير فلسطين على إعادة تشجير سلفيت بالمشمش الحموي، واللوزي، وأنواعه المختلفة، نركز جهودنا في المناطق القريبة من الجدار، ونتابع مع المزارعين بإرشادات زراعية، وتوعية كاملة.
المعيقات التي تواجه المزارعين في القطاع الزراعي، أن هذا العمل يحتاج إلى جهد كبير، وشجرة المشمش، كغيرها من الأشجار تتعرض إلى الإصابة بالعديد من الآفات، خاصة ذبابة الفاكهة التي تتسبب في تساقط الثمار، والخنازير البرية التي تحاول أكل الثمار، وتكسير الأفرع.
تمتلك بعض العائلات أشجار المشمش في أراضيها الصغيرة ويساهم منتوجها في دعم دخلهم السنوي حيث يتراوح سعر الرطل من 60-70 شيقلا، ووفقا للأهالي فإن الأسعار مناسبة مقارنة بالجهد المبذول عليه، فهو يحتاج إلى رش، وحراثه، وتقليم، وخلال الموسم تتعاون العائلة كاملة في قطف الثمار، وتوزيعها على الباعة، إلا أنها تشتكي من شح كمية الانتاجية، نظرا للطلب المرتفع عليها.
يعتبر شجر المشمش من أشهر أنواع الأشجار المثمرة التي انتشرت في على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، فسورية تحتل المراكز الأولى عربيا وعالميا في زراعة المشمش، واشتهرت حماة بزراعتها.
وجاء في بعض الكتب أن للمشمش الحموي قديماً صيت ذائع، حتى أصبح من هدايا الأكابر، والأعيان، والنواب، والأمراء، وأطلق عليها "المشمش السلطاني"، و"المشمش الكافوري"، لذلك كان سعرها ضعف باقي الأصناف الأخرى.
وفي مقال بعنوان: "موسم المشمش في فلسطين"، يكتب محمد نمر مفارجة: المشمش شجرة مثمرة ذات حجم متوسط يتراوح طولها بين 2 و3 متر، وتصل الأشجار المعمرة منها ما يزيد عن ثمانية أمتار وتسقط أوراقها في الخريف وتزهر في الربيع وفي الصيف تنضج ثمار المشمش و لون المشمش يكون أصفرا أو برتقاليا عليه مسحة حمراء، ويزرع على نطاق واسع في بلاد الشام وتحديدا سوريا التي تشتهر بالمشمش الحموي.
ويستدل من خلال كبار السن والمزارعين أن سلفيت اشتهرت في العقدين الماضيين باللوزيات، والتفاح السكري، والبرقوق، والمشمش، حتى أنها كانت تصدّر إلى المحافظات المجاورة، والأردن.
ووفقا لجهاز الاحصاء المركزي تبلغ نسبة الأراضي المزروعة في محافظة سلفيت 68.6 كم2 أي ما نسبته 33.6 من المساحة الكلية.