أبقار نفقت والسبب لغم
الحارث الحصني
يعتمد المزارع فايز أبو مطاوع في كسب رزقه على قطيع من الأبقار يصل تعداده إلى 120 بقرة، يربيها في منطقة الساكوت المحاذية لنهر الأردن الفاصل بين الضفتين بالأغوار الشمالية.
لكن انتشار بعض حقول الألغام، وبعض الأجسام المتفجرة من مخلفات الاحتلال في أراضٍ يفترض أن تكون رعوية في الساكوت، يجعل الرعي هناك في دائرة الخطر الموت، وهو ما حدث يوم أمس الأحد.
والساكوت بلدة فلسطينية، كانت قائمة قبل النكسة (1967)، وعمل الاحتلال بعيد احتلاله لباقي فلسطين التاريخية، على تدميرها وطرد سكانها منها، وفيها يمكن مشاهدة بعض آثار لأبنية قديمة هُدمت في المكان.
وزرعت إسرائيل المنطقة الحدودية بعد عام 1967 بآلاف الألغام في عدد من الحقول، التي أتلَفت لاحقا جزءا منها، وتبقى اليوم بعض الحقول المحاطة بأسلاك بالية.
وأمس الأحد انفجر أحد الأجسام المتفجرة في إحدى المناطق الرعوية، بقطيع الأبقار الذي يملكه أبو مطاوع ما أدى إلى نفوق ثلاث منها، وإصابة أبقار أخرى.
وهذه ليست المرة الأولى التي تنفجر فيها ألغام مزروعة في تلك الأراضي بالماشية التي تجوب الأراضي الرعوية في المنطقة، ففي منتصف شباط الماضي، انفجر لغم ببقرة في المنطقة ما أدى إلى بتر ساقها وإحداث تشوهات في جسمها.
وتناقل ناشطون حقوقيون في الأغوار صورا لعدد من الأبقار المصابة والنافقة بسبب الانفجارات.
ويقول محمد أبو مطاوع نجل فايز، وأحد الرعاة الذين كانوا بالمنطقة: "كنا نرعى يوم أمس في أرض زُرعت بالقمح وحُصدت مؤخرا، وانفجر اللغم فيها ما أدى إلى نفوق ثلاث بقرات من أبقار والدي، لم يعد هنا أمان حتى للرعي، كلها أراض خطرة، نحن لا نعرف أين مكان الألغام بالضبط سوى التي عليها أسيجة داخل الحقول".
ويضيف: "هذه كارثة طبيعية(...)، كل بقرة يتجاوز ثمنها 10 آلاف شيقل".
ويقول الناشط الحقوقي عارف دراغمة، تشكل حقول الألغام ومخلفات الاحتلال، واحدة من أكثر الأسباب المميتة في الثروة الحيوانية بالأغوار، عدا عن انتهاكات المستوطنين المتكررة.
ويعتمد عدد من المواطنين في منطقة الساكوت على تربية الماشية، ويجوبون في مثل هذه الأوقات سهول القمح المحصودة، مستغلين بقايا المحاصيل البعلية.
وهذه الأراضي استرجعها مواطنون في السنوات الماضية، بعد أن ثبتت ملكيتها بحكم أوراق "الطابو" التي بحوزتهم، وبدأوا بزراعة بعض تلك الأراضي بمحاصيل مروية، وأخرى بمحاصيل بعلية منذ سنتين.
وتعد هذه المناطق المفتوحة بالنسبة لهم كنزا كونها توفر لهم الرعي دون الحاجة لشراء الأعلاف الباهظة، لكنهم يبقون حذرين بسبب الألغام، والأجسام المتفجرة المنتشرة.
ويقول أبو مطاوع، "هذا العام تجاوزت خسائرنا 50 ألف شيقل بسبب نفوق عدد من الأبقار بسبب الألغام، صرنا نخشى الرعي في المناطق الزراعية رغم أنها تبعد عن حقول الألغام نصف كيلو متر تقريبا، وتجميع خسائر الأبقار بسبب الألغام مع ثمن شراء الأعلاف سيكون مرهقا لنا".
وبعد الانفجار الذي حدث أمس، حضرت قوة من جيش الاحتلال، واحتجزت عددا من الرعاة الفلسطينيين، واقتادتهم لمنطقة مجهولة قبل أن تفرج عنهم في وقت لاحق.