الشاعر أبو عبيد.. "أنا قبلهم في البلاد"
معن الريماوي
ينغمس في كل تفاصيل الواقع الفلسطيني، فلسطين شغله وليس له شغل سواها، قلمه لا يخلو من وصف مدنها وقراها من خلال قصائده، لم تخل معظم دواوينه الشعرية من الشوق والحنين لها.
قلمه لم ينسَ مصائب النكبة والنكسة والمذابح والتهجير القسري، واقتلاع الأشجار وهدم البيوت. ففلسطين عينه التي يرى بها، وسمعه الذي يسمع به، وقلبه الذي ينبض به، فهو القائل " ووجهٌ ليافا، لحيفا، لعكا، وأشجارُنا المقمراتُ.. أنا قبلَهم في البلادِ أنا سيدٌ للبلادِ".
وقال "مدن فلسطين تعيش في قلبي وفي خاطري وعقلي، لأنني عشت طفولتي وشبابي على ترابها الطاهر فهي عشقي. أكتب عن الحنين للبلاد الذي يملأ نفوس المغتربين عن الأوطان، وعن الشوق الذي تأججه القلوب حبًا للوطن.. فلا يتصور أن فلسطينيا يسكن فلسطين بمدنها وقراها وأرضها وتغيب عن خياله. فهي كيانه ووجوده وهويته وانتماؤه.".
هو الشاعر سائد أبو عبيد، من مواليد بلدة عرابة جنوب غرب مدينة جنين، انخرط في صفوف العمل الوطني، أصيب برصاص الاحتلال عام 1989، وتم اعتقاله بعد عام من الإصابة، أمضى مدة عام في سجون الاحتلال، وبدأ يكتب الشعر في السجن، وفي العام 1992 نشر العديد من القصائد الوطنية في الجرائد والمجلات الفلسطينية والاذاعات، ثم انضم إلى قافلة الشعراء في جنين، وأخذ ينظم الأشعار الوطنية مغردا بهوى البلاد.. وهو الآن عضو اتحاد كتاب وأدباء فلسطين. أصدر ديوانا شعريا يحمل اسم "وشوشات جرح"، وآخر يحمل اسم "عطش الروح" وديوان "تراتيل روح وماء"، وهو الآن بصدد اصدار ديوان شعري آخر بعنوان "ورد في زمن يابس".
وتابع، "المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية شواهد حية تقدم قرابينا لعشقها الخالد، هي خوابي المحاصيل التي تطعمنا وأطيارنا من حنطة العشق السرمدي الباقي للأزل. المخيمات الفلسطينية القلائد على صدر الأرض بمفاتيح البيوت التي ما هدمها معول النسيان".
كانت البداية بالنسبة له في وصف حياة الفلسطيني، ووصف الموت الذي يجره لنا جنود الاحتلال في بيوتنا، وعن هذا الضياع والمنفى الطويل الذي عاشه شعبنا في الغربة. البداية كانت بالنسبة له فلسطين والنهاية ستظل لفلسطين الحبيبة والأم الخالدة الباقية بحنانها وتحنانها.
"الشاعر الذي لا يكتب عن فلسطين أراهُ آثمًا يعيشُ بضلالةٍ قاتمة، حيث لا اتضاح لأيقونة الضوءِ في كاتبٍ أو شاعر، الا في الكتابة والكتابة بعمق عن فلسطين وشعبها الذي يفرش الضوء رغم يباسِ الليل في دروب هذا الزمنْ. أن تكون شاعرا فلسطينيا يعنى أن تتقدس بتفاصيل الحياة الفلسطينية بفرحها وحزنها بنزفها وانصباب العطر في حقولها". أضاف أبو عبيد.
ما زال يواكب القضية الفلسطينية منذ 28 عاما حتى اليوم، لا يترك حادثة صغيرة ولا كبيرة الا ويكون له رأي فيها. يخلد الساعات واللحظات التي تمر القضية بها، من فرح أو حزن، ويتابع ما آلت اليه الأحداث والتغيرات التي تجري في المنطقة.
وتابع، "أنا بالطبع منتبه بقلبي وإحساسي الى ما يجري، والى هذا القتل المعربد في حياتنا والآخذ أجساد وأرواح شبابنا وزهراتنا الجميلة، منتبه لأن الانتباه فرض علينا كي نرسم الحالة بأنين الحروف الباكية على موتنا المؤبد والصارخة كما أنفاس الثائرين في طرقاتنا اللاعنة وجود هذا الباغي على حقنا".