قلقيلية.. حين غيرت نكسة 1967 وجه المدينة
يامن نوباني
تعد قلقيلية ( 51.683 نسمة) المنسية من أوراق وأقلام تروي نكسة حزيران 1967، المدينة الأكثر تعرضا للمحو والحرق والسلب والتهجير، والوحيدة التي تعرضت لنكبة مشابهة لعام 1948.
15 ألف مواطن، سكان قلقيلية في الخامس من حزيران 1967، رحلوا وهجروا بالكامل، حتى فرغت المدينة بأكملها، واستبيحت من قبل الاحتلال، الذي هدم ما يقارب 852 بيتا، وتصدع 187 بيتا، وأحرق 153 بيتا، حيث وصل عددها إلى 1192 بيتا، من أصل 1996 بيتا.
وقُدر حرق 153 بيتا و57 دكانا، والعشرات من المنشآت والمحال التجارية وبخاصة الأفران، بذلك تكون نسبة البيوت والمحال والمنشآت التي تهدمت، وحرقت، وتضررت نحو 80%، وقدر عدد شهداء المدينة في النكسة بـ72 شهيدا، منهم شهداء من الجيش الأردني.
جاء ذلك كله بعد تهديد وزير جيش الاحتلال "موشي ديان" عام (1953)، قائلا: سأحرث قلقيلية حرثاً.
وفي مقال للشاعر المتوكل طه في مجلة العودة عدد61، تحت عنوان: قلقيلية مدينة الذهب الأصفر: عرفت قلقيلية باسم بحر الدم، لكثرة ما تعرضت له من هدم، ونسف وذبح من ثورة القسام 1936 وحتى هزيمة حزيران 1967.
بدأت رحلة تهجير الأهالي عبر ترويعهم وتهديدهم بارتكاب المجازر بحقهم، فغادرها قسم مشياً على الأقدام وبما توفر من وسائل نقل بدائية إلى القرى والبلدات المحيطة، بعضهم قضى ليلته الأولى في الجبال والكهوف، وشهدت المدينة قصفا من مستوطنات مجاورة تقع في أراضي 1948، يوم الخامس من حزيران، ومحاولات لتقدم جنود مشاة ومدرعات، وشهدت المدينة مقاومة عنيفة من المواطنين والجيش الأردني. وفي اليوم التالي تواصل القصف بوطأة أشد، وتدخل الطيران الحربي الاسرائيلي في المواجهة هادما نصف المدينة، التي كان قد غادرها معظم ساكنيها، ومن تبقى من الأهالي أجبر على مغادرتها بقوة السلاح عبر نداءات مكبرات الصوت بعدما جمعهم الاحتلال في وسط المدينة.
رحل الاحتلال إلى جسر الأردن عددا من الحافلات التي تحمل أهالي قلقيلية، وبحسب حازم نسيبة في :تاريخ الأردن السياسي المعاصر ما بين "1952-1967" فإن عدد الذين وصلوا من قلقيلية الى الأردن بلغ 5554 نسمة. كما وقعت هجرات أخرى بعد ذلك في معظمها فردية بحثا عن العمل إلى دول عربية اخرى كسوريا والإمارات والعراق ولبنان.
فيما وصل الآلاف إلى مدينة نابلس، وقراها، وبعضهم نزح إلى طولكرم، ولأن العدد الأكبر كان قد وصل نابلس، عرض الاحتلال على الأهالي المهجرين اقامة مخيم لهم بالقرب من عسكر، لكن العرض قوبل بالرفض التام. كما تم تجهيز مخيم من قبل الصليب الأحمر في الأردن بمنطقة غور نمرين. وحصل بعضهم على معونات ومساعدات عاجلة من الاونروا. ومهجرين مكثوا لدى أقاربهم.
وبحسب سجلات البلدية فإن العائدين للمدينة بعد 23 يوما من النزوح، بلغ 9446، من اصل 15 ألف.
لم تنتهِ نكسة قلقيلية، فالمحافظة إلى جانب القدس وسلفيت أكثر المحافظات مصادرة وعزلا واستيطاناً، مقام على أراضيها 13 مستوطنة اضافة الى 3 مستوطنات مشتركة مع محافظة سلفيت وفيها 4 بؤر استيطانية. بينما يعزل جدار الفصل العنصري الذي أقيم عامي 2002-2003 أكثر من ثلث مساحة المحافظة، وفي تلك المرحلة أغلق 600 محل تجاري وبلغ عدد النازحين من المدينة 10% من سكانها، ووصلت نسبة البطالة الى 47%.
شارك أبناء قلقيلية في عدة معارك، أولها معركة قلنسوة 1948، ومعركة بيار عدس في 27 شباط 1948، معركة رمات هاكوفيش في 6 نيسان 1948، ومعركة كفر سابا في 18 أيار 1948، ومعركة بيارة الداعور في الخامس من ايلول 1948. (قلقيلية وحرب حزيران 1967.. ازدهار الرابي 2001)
وفي العهد الأردني كانت أبرز المحطات: معركة المركز في 10 تشرين أول 1956، وقدر عدد شهدائها بـ70 شهيدا، منهم 54 شهيدا أردنيا، ونسف الاحتلال محطات الوقود في 27 أيار 1965، ونسفه 12 بئرا ارتوازيا في 5 أيلول 1965.
تقع قلقيلية عند نقطة متوسـطة بين التجمعات السكانية والحضارية الممتدة على طول الساحل الفلسطيني، وتقع في المنطقة الوسطى من فلسطين التاريخية، تبعد عن ساحل البحر الأبيض المتوسـط 14 كـم وعلـى ارتفاع يتراوح بين 60 و70م، وتبعد عن مدينة نابلس حوالي 33 كم، وعن القدس حوالي 75 كم.
وموقع قلقيلية الجغرافي منحها أهمية خاصة؛ حيث أصبحت نقطة التقاء بين مدن شمال فلسطين وجنوبها وغربها؛ وربطـت نـابلس وما حولها شرقاً، بيافا وقراها غرباً. وهي نفس الأهمية التي حظيت بها قديماً يوم كانت محطة بارزة للقوافل التجاريـة.
وبحسب جهاز الاحصار المركزي لعام 2017 يوجد في قلقيلية 17.556 مبنى، فيما بلغ عدد سكان المحافظة 112.400 نسمة، 51.683 يسكنون المدينة، فيما يعيش 60.717 في 34 تجمعا سكانيا، تبلغ مساحة محافظة قلقيلية 166 كم².