"التكية" وبرامج الإغاثة .. ملاذ الفقراء في رمضان
جعفر صدقة
يجوب مئات المتطوعين أحياء وحواري المدن الفلسطينية، في الضفة الغربية وقطاع غزة، يوزعون الطعام على آلاف الاسر المحتاجة، في أبهى مظاهر التكافل الاجتماعي خلال شهر رمضان.
في كل مدينة فلسطينية تقريبا، تكية تقدم الطعام يوميا خلال شهر رمضان، وبعضها تمتد خدماتها على مدار العام، كـ"تكية إبراهيم الخليل" وسط البلدة القديمة في المدينة، التي لا تستهدف الفقراء فقط، إنما تقدم الطعام لسكان البلدة القديمة الذين يواجهون محاولات التهجير الإسرائيلية، وأيضا لزوار الحرم الإبراهيمي وزوار المدينة بشكل عام، لتأخذ بذلك خدماتها بعدا وطنيا بامتياز في تعزيز صمود "المرابطين" في البلدة القديمة وحول الحرم.
"أسست التكية لتقدم الطعام للمرابطين حول الحرم والعلماء والزوار، وتحولت من تكية فرسان إلى تكية مرابطة وتعزيز الصمود، فهي تقدم الطعام يوميا للقاطنين في البلدة القديمة، والفقراء والزوار، لتستحق الخليل وصفها بأنها المدينة التي لا يبيت بها جائع"، قال مدير أوقاف الخليل إسماعيل أبو الحلاوة.
يصر "الخلايلة" على أن التكية أسسها النبي إبراهيم عليه السلام، ومرت بمراحل مختلفة من التطور، سواء في بنيتها، أو في خدماتها، ورغم تغيير مكانها لأكثر من مرة بين العهود، إلا أنها بقيت داخل البلدة القديمة، على مشارف الحرم الابراهيمي، الذي يضم ضريح النبي إبراهيم نفسه، وزوجه وولده، وإضافة إلى قدسيته، شكل على مر التاريخ مقصدا للعلماء والزوار من كافة الأمصار الإسلامية.
وقال أبو الحلاوة لـ"وفا"، "التكية الإبراهيمية في الخليل هي رسالة سيدنا إبراهيم عليه السلام ووصيته، وتمثل نهجه في تقديم الطعام، وهي مستمرة حتى الآن لصدق نواياه".
في عهد جوهر الصقلي، أبو الحسن جوهر بن عبد الله، أشهر قادة الدولة الفاطمية، وُضع نظام جديد للتكية الإبراهيمية، ضمن أعمال خلدت اسم هذا القائد كبناء القاهرة وإقامة الأزهر الشريف، إضافة إلى فتوحاته في المغرب ومصر بلاد الشام والحجاز، فيما أعيد تأهيل التكية حديثا، ببناء مطبخ وصالات انتظار لمتلقي الطعام، ونظام للتوزيع الصحي والآمن للطعام.
وقال أبو الحلاوة: "التكية تقدم الطعام لنحو ثلاثة آلاف شخص على مدار العام، يرتفع هذا العدد بشكل كبير في شهر رمضان لخصوصية الشهر الفضيل ولكثرة الزوار، حيث تزداد التبرعات".
إعداد الطعام في التكية يبدأ في ساعة مبكرة من صباح كل يوم، ويبدأ التوزيع الساعة العاشرة والنصف صباحا ويستمر حتى الثانية عشرة ظهرا.
وقال أبو الحلاوة "نوزع وجبات مكتملة للأسر، وبطريقة تمكن العائلة من تكييف الطعام في البيت حسب رغبتها".
"التكية الإبراهيمية" واحدة من منظمة تكايا منتشر في كافة المدن الفلسطينية، بعضها ثابت طوال العام وتحديدا في القدس (وسط الضفة الغربية) والخليل (جنوب) ونابلس (شمال)، وأخرى يتم تفعيلها خلال شهر رمضان، ازدادت أهمية ما تقدمه للأسر المحتاجة مع التآكل المستمر في الدخل وضعف القدرة الشرائية واتساع دائرة الفقر وارتفاع معدلات البطالة.
إلى جانب التكايا، تظهر في رمضان برامج تنفذها منظمات غير حكومية، توزع طرودا غذائية على الأسر، تشمل سلة من السلع الأساسية، أبرز نماذجها هذا العام "نداء إغاثة" أطلقته مؤسسة التعاون في قطاع غزة، يشمل الطعام والدواء وأنظمة إنارة تعمل بالطاقة الشمسية.
وقالت مدير عام مؤسسة التعاون تفيدة الجرباوي، إن الحملة تهدف إلى جمع مليون دولار لتزويد الأسر المحتاجة بالطعام، ومليون آخر لتزويد المرضى بالدواء، إضافة إلى ربع مليون لأنظمة الإنارة.
وأضافت: "حملة الطعام تستهدف أربعة آلاف أسرة محتاجة في قطاع غزة بطرود غذائية، حتى الآن تمكنا من جمع نصف مليون دولار، ووصلنا إلى حوالي 320 أسرة منها، وما زلنا نطمح للوصول إلى الـ800 أسرة المتبقية".
وتابعت الجرباوي: "كان من المقرر أن تنتهي الحملة بحلول عيد الفطر المبارك، لكننا مددناها حتى نهاية حزيران أملا في تحقيق أهدافها كاملة بالوصول إلى كافة الأسر المستهدفة. نهيب بأهل الخير التبرع لكي نتمكن من الوصول إلى باقي الأسر".
الطرود الغذائية التي توزعها "التعاون" ضمن هذه الحملة تشمل مواد أساسية كالخضار والفواكه والبيض والأرز والزيت، قالت الجرباوي إنها توزع بالتعاون مع ثلاث مؤسسات تعمل على الأرض في قطاع غزة: اتحاد لجان العمل الزراعي، ومؤسسة العمل التنموي "معا"، وجمعية "يبوس" الخيرية.