النكسة في ذاكرة الخطيب
صلاح الطميزي
عبد المجيد صبحي الخطيب في عقده السابع من العمر، بحسرة ومرارة يروي تفاصيل ذكريات نكسة حزيران من العام 67 المؤلمة، ولا يزال يتحمل عناء صموده في منطقة تل الرميدة التي تحاصرها قوات الاحتلال وسط مدينة الخليل.
يسرد الخطيب الذي عمل في ذلك الحين مع المقاتلين المتطوعين للدفاع عن فلسطين ما جرى حينها، بالقول: الوضع الإقليمي المحيط قبل الحرب بأشهر كان ينذر بحرب وشيكة، وذلك كان واضحا بالمنشورات الإسرائيلية التي نشرتها قوات الاحتلال قبل الحرب، لتمهد للحرب والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.
ويقول: العاهل الأردني الملك حسين بن طلال تنبه حينها إلى هذه المؤامرة التي تحاك للسيطرة على الأراضي الفلسطينية، وكسر قوة العرب، حيث عقد قبل الحرب بستة أشهر مؤتمرا في القاهرة ضم قادة العرب، وضم عددا من الدول العربية، بما فيها مصر، وسوريا، وتمخض عنه تشكيل لجان للتجنيد الاجباري للشباب العربي، ليدافعوا عن عروبتهم، في حال اعلنت إسرائيل الحرب، واستباحت الأراضي الفلسطينية.
ويتابع: في الخامس من حزيران من عام 67، حلت بنا النكسة، وباشرت إسرائيل منذ ساعات الفجر بضرب المطارات في سوريا، ومصر، والأردن، واحتلت سيناء، والضفة الغربية، والقدس، وجزءا من الأردن، وضربت جسر الملك حسين، وجسر المجامع الذي يربط فلسطين بالأردن، وسوريا، ووصلت قوات الاحتلال بتعزيزات عسكرية، يساندها سلاح الجو الإسرائيلي إلى محافظة الخليل.
ويشير إلى أن الاحتلال اعتمد خلال الحرب على الاشاعة، الأمر الذي ساهم في ترويج ما يريدونه في بث حالة الخوف والهلع بين الأهالي، ما جعلهم يبحثون عن أماكن اعتقدوا انها آمنة، فمنهم من أخذ الكهوف ملجأ للحفاظ على أسرته، وآخرون ذهبوا الى البراري، والكروم، ومنهم من استطاع اجتياز الحدور الى بعض الدول العربية كالأردن، التي أقامت مخيمات للجوء، ليقيم فيها الفلسطينيون الذين اعتقدوا أن عودتهم الى ديارهم مسألة وقت.
عبد المجيد الخطيب بقي مرابطا صابرا مع جده في تل الرميدة منذ ذلك الحين، وكان منزل جده أول ما تم اقتحامه من قبل الاحتلال، رغم التهديد المتكرر بقتله هو واسرته، إلا أنه بقي مرابطا في أرضه، قائلا: لن انزح منها او اتركها وسأبقى أعيش وحدي في هذه المنطقة، التي تعتبرا نكسة تضاف الى نكسات شعبنا الفلسطيني.
ويضيف: "التزمنا بيوتنا 15 يوما، ولم يسمح الاحتلال لنا بالخروج الا ساعتين يوميا، لجلب احتياجاتنا، وبعد هذه المدة زودونا ببطاقات هوية صادرة عن بلدية الاحتلال، وكانت قرية السموع شمال شرق الخليل أولى القرى الفلسطينية التي احتلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي".
وتشير الأرقام إلى أنه ترتب على نكسة عام 67 تهجير نحو 300 ألف فلسطيني من الضفة الغربية المحتلة، وقطاع غزة، معظمهم نزحوا إلى الأردن، ومحو قرى بأكملها، وفتح باب الاستيطان في القدس، والضفة الغربية المحتلة.
ولا تزال إسرائيل ترفض التقيد بقرار مجلس الأمن الدولي الذي يدعوها للانسحاب الكامل من المناطق العربية التي احتلتها عام 67، بما فيها القدس الشرقية، وقيام دولة فلسطينية كاملة السيادة.
ورغم صدور قرارات أممية بشأن الحق الفلسطيني بأرضه، الا أنها بقيت حبرا على ورق، وبقيت فلسطين ضحية للضعف العربي.