قواعد الاشتباك..!!!
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
بعد تصعيد "حربي" شهده قطاع غزة المكلوم نهايات الشهر الماضي واتفقت آراء عديدة كما اشرنا غير مرة الى انه كان مدروسا ومحسوبا بدقة، بعد هذا التصعيد اعلنت حركة حماس انها وافقت على العودة الى التهدئة، بعد ان حققت هدفها بمنع الاحتلال من تغيير قواعد الاشتباك (.!!!) ولا نظن أن احدا يعرف ما هي هذه القواعد تماما والتي منعت حماس الاحتلال من تغييرها، والى اي حد كانت هذه القواعد فاعلة في لجم التغول الاحتلالي في سياساته العدوانية العنيفة، لا ضد قطاع غزة فحسب، وانما اينما كانت قواته وحواجزه العسكرية، ومستوطناته ومستوطنوه على امتداد الارض الفلسطينية المحتلة ..؟؟
لا شيء تغير في مشهد هذا التغول، ومسيرات العودة في القطاع المكلوم، مازالت تتعرض لرصاص قوات الاحتلال، وبهدف القتل والاعاقة، وعلى النحو الذي يؤكد ان الاحتلال ليس بوارد ان يغيير شيئا من "قواعد اشتباكه" لا مع "المقاومة" التي لا حضور لها سوى في خطابات الاستعراض الشعبوية، ولا مع مسيرات العودة، اربعة شهداء ومئات الاصابات الحرجة في الجمعة الماضية، ويكفي شهيد واحد كي نقول ان الخسارة فادحة، وتفرض ضرورة التنظيم الامثل والاقوى لمسيرات المقاومة الشعبية السلمية، كي تتحصن ضد بطش الاحتلال وتغوله الفاحش في سياساته العدوانية، شهيد واحد فوق الاحتمال، لكن حماس لا ترى ولا تأبه لذلك فحين ارتقى في مسيرة العودة منتصف الشهر الماضي، اكثر من مئة شهيد والاف الجرحى، تباهى القيادي الحمساوي محمود الزهار حينها وقال، ان العدد كان يمكن ان يكون اكبر لولا حماية "المقاومة" لمسيرة العودة (...!!! ) ويا لها من حماية كشفت ظهر ابناء القطاع المكلوم في مسيرتهم السلمية، وجعلتهم اهدافا لرصاص الاحتلال بلا هوادة ...!!
والحق ان حركة حماس لا تريد ان تغير اي شيء من "قواعد اشتباكها" مع الاحتلال، طالما ظلت في دروبها الاستعراضية، وفي انفاقها التفاوضية التي تحمل رسائل المساومة لتسويات لاتبحث سوى عن مخرج لأزماتها المتفاقمة، تحت عناوين الازمة الانسانية، وسبل حلها، ومازالت حماس تقول ان لديها عروضا عديدة بهذا الشأن قيد الدراسة ..!!
لا اشتباك بمعنى الاشتباك المقاوم، في قواعد الاشتباك الحمساوية مع الاحتلال، لا اشتباك اللهم إلا ضد ابناء حركة فتح، ابناء الحركة الوطنية الذين ما زالوا يتعرضون لأعنف اشكال المطاردة والاعتقال، لا تشتبك حماس مع سواهم، وقد اقتحمت حتى بيوت العزاء لشهدائهم لتمنع تأبينا تذكر فيه ضرورات الوحدة الوطنية التي تؤكدها وحدة الدم الذي يسفحه الاحتلال دون ان ينظر للهويات الحزبية لأصحابه .
لا ترى حماس كل ذلك لتبقي على قواعد اشتباكها التساومية مع الاحتلال، وما زال هذا الامر يجعل من الاحتلال اكثر توحشا وعدوانية فيكلفنا المزيد من الضحايا شهداء وجرحى، وصعوبات وازمات تتفاقم اكثر لأهلنا في قطاع غزة المكلوم، ومشاريع "الحلول الانسانية" التي تروج لها حماس بقيد الدراسة (..!!) ليست الا اوهاما تريد خديعة اهلنا في القطاع المكلوم الذين يتضورون امنا واستقرارا وتفتحا حقيقيا على الحياة بأمل المستقبل الحر والكريم ، تريد خديعتهم بوعود " انهار اللبن والعسل " الارضية هذه المرة، من اجل تمرير حلول الامارة الاخوانية التي تكرس سلطة الانقسام القبيح، وتهدد مستقبل القضية الوطنية بخطر التدمير الشامل ..!! فإلى متى تظل جملة الخديعة الحمساوية هذه حاضرة، وكيف لا ترى بعض الفصائل الوطنية هذه الجملة على حقيقتها فتواصل التعاطي معها بهذا الشعار أو ذاك، الى متى ..؟؟؟