كلنا أبو مازن
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
لا تكشف شرعنة الاحتلال لقرصنة الأموال الفلسطينية، بذرائع الغطرسة العنصرية البشعة، التي أقرها أمس الأول، سوى عن مرحلة جديدة من تصعيد حكومة اليمين الاسرائيلي المتطرف من حربها العدوانية، ضد المشروع الوطني الفلسطيني، وقائده الرئيس أبو مازن، وبدءا من تشديد حصار مالي وسياسي من حوله، وعلى النحو الذي تريد منه ان يكون حصارا تصفويا للرئيس وموقفه الذي رمى بصفقة القرن الأميركية، الى مزبلة التاريخ بعد ان أشهر بوجه أصحابها أشجع كلمة لا في هذا العصر.
انها القرصنة التي تعلن عن بدء هذا الحصار، والذي تريده حكومة اسرائيل اليمين العنصري المتطرف أيضا، حصارا للحراك السياسي والدبلوماسي الذي يقوده الرئيس أبو مازن في مختلف الساحات الإقليمية والعربية والدولية، الحراك الذي يلاحق الاحتلال ويسعى لمحاكمته على جرائم الحرب التي يرتكبها، خاصة بعد ان وقع الرئيس على أوراق انضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية، كما انه الحراك الذي ما زال يتواصل بفعالية الـ لا العباسية لتشكيل أوسع جبهة لصالح مشروع السلام العادل بنسخته الفلسطينية التي طرحها الرئيس أبو مازن على مجلس الأمن الدولي بدايات هذا العام، وكما لا يخفى على أحد، فقد استطاع هذا الحراك النضالي الشجاع من حشد المواقف العربية والدولية، ضد صفقة القرن الأميركية الصهيونية، تنديدا واستنكارا ورفضا سياسيا تجلى على نحو واضح في القمة الاسلامية في اسطنبول التركية، وفي قمة الظهران السعودية حتى سُميت هذه القمة قمة القدس، مثلما تجلى بمواقف الدول الصديقة والاتحادات والتجمعات الدولية.. انه الحراك الذي أعطى خطاب الحق والعدل والسلام الفلسطيني، والذي أعلى كلمته الرئيس أبو مازن، قوة التجسيد الأمثل للغايات الانسانية النبيلة، والقادر على خلخلة موازين القوى الظالمة، مثلما حقق له حضور الارادة الحرة التي رفعت لها قبعات العالم احتراما وتقديرا .
ستمضي حكومة اسرائيل اليمين العنصري المتطرف، بحربها وقرصنتها الحصارية ضد الرئيس أبو مازن الى أبعد حد، بعد ان باتت ترى مقاومته الفاعلة والصحيحة، الحقيقية والصادقة، للاحتلال واستيطانه، للعنصرية وسياساتها البشعة، وللرواية الصهيونية وأكاذيبها التاريخية وغيرها، ونرى الآن مع كل هذا التصعيد الاسرائيلي الخطير، انها معركة الساعات الأخيرة، والتي استشرف الرئيس أبو مازن ملامحها في اجتماعته القيادية الأخيرة، لهذا دعا الى التخلص من ثقافة الفرد في المؤسسات القيادية ودونها، لتغليب ثقافة المؤسسة، وبمعنى تغليب عمل الفريق باحترام التراتبيات بقيمها الإدارية والأخلاقية، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب دون مجاملات مناطقية أو عشائرية أو طبقية، لتمضي الكفاءة في دروب المقاومة والبناء، وفلسطين على أهبة الفجر.
ولأنها معركة الساعات الأخيرة، وهي كذلك حقا، فإن أكثر ما تمليه الضرورة الوطنية في اللحظة الراهنة، على شعبنا بمختلف فصائله وأحزابه وقواه الاجتماعية والاقتصادية والتربوية ومؤسساته المدنية هو العمل الجاد والمخلص لإنهاء الانقسام البغيض، وتحقيق أجدى أشكال الوحدة الوطنية، وتحقيق ارقى أشكال الحكم الرشيد، كما تملي علينا هذه الضرورة الآن صدق الحديث وشجاعة الموقف، وعدم الانجرار وراء الشائعات المغرضة والتقولات الفاسدة التي تستهدف إشاعة الفوضى والعنف بين صفوف شعبنا وإخراج مسيرته الحرة من دروبها الصحيحة..!!
الصراع يشتد، ولعله عام الرمادة، والأيام الصعبة مقبلة، لكنا لها بارادة شعبنا الحرة، وبالقيادة الحكيمة والشجاعة للرئيس أبو مازن، الذي لن يستطيع الحصار الاسرائيلي الأميركي له ان ينال من رحابة حضوره في قلوبنا، وقلوب أحرار الأمة والعالم أجمع، وأينما كانت كلمة فلسطين الحق والعدل والكرامة والسلام، كان الرئيس ويكون، وهكذا سيظل وسنظل مثله، فكلنا اليوم أبو مازن حتى انتصارنا العظيم.