محللون: فلسطين تتعرض لحصار مالي لإخضاعها للقبول بـ"صفقة القرن"
بلال غيث كسواني
أجمع محللون سياسيون على أن الحصار المالي الذي تتعرض له دولة فلسطين في الوقت الحالي ناجم عن مواقفها الرافضة لصفقة القرن المشؤومة، وثبات المواقف الوطنية والمتمسكة بمدينة القدس عاصمة لدولة فلسطين المنشودة.
وشدد محللون ومتابعون سياسيون واقتصاديون على أن دولة فلسطين تتعرض لحصار اقتصادي حقيقي بأوجه مختلفة ومتعددة.
وتراجعت المعونات الأمريكية المقدمة إلى السلطة الوطنية الفلسطينية خلال العام الأول من عهد الرئيس دونالد ترامب، إلى أدنى مستوياتها منذ آخر 10 سنوات.
وبحسب بيانات وزارة الخارجية ووكالة التنمية الدولية الأمريكيتين، فإن المعونات الأمريكية المقدمة إلى إسرائيل خلال عامين، تعادل المساعدة المقدمة إلى السلطة الفلسطينية طيلة 23 عاما.
وأوضحت البيانات، أن قيمة المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية خلال آخر 23 سنة، بلغت 8 مليارات دولار، بينما وصلت قيمة المساعدات الأمريكية المقدمة إلى إسرائيل خلال العامين الأخيرين 8 مليارات دولار.
وكشفت المعطيات أن إجمالي المعونات الاقتصادية الأمريكية المقدمة إلى إسرائيل منذ عام 1949، بلغت 130 مليار دولار.
ووصفت وزيرة الاقتصاد الوطني عبير عودة، الوضع بـ"الصعب"، غير أنها قالت "إن شعبنا يستطيع الصمود والتحدي، وما عملناه خلال السنوات الماضية كان عبارة عن تحسينات داخلية من تعديلات بالقوانين وإقامة مدن صناعية لتمكين المواطن من الاستثمار في بلده واستغلال الموارد المحدودة في فلسطين، ونجحنا مقارنة بدول كثيرة في الجوار رغم كل التحديات ومحدودية الأراضي."
وأضافت أن الاحتلال سيفشل في فرض حلول على القيادة الفلسطينية، وقد فشل في السابق في هذا الجانب وسيفشل لاحقا، لأن شعبنا مصر على دعم قيادته ويؤمن بقضيته وسيواصل النضال حتى الحرية والاستقلال.
وطالبت عودة شعبنا بالصمود والوقوف إلى جانب قيادته الشرعية التي تعمل بشكل متواصل من اجل الوصول إلى تحقيق أحلامه الوطنية بالحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة.
في ذات السياق، قال المحاضر في جامعة القدس د. عبد المجيد سويلم، لـ"وفا"، إن ما يجري حاليا في فلسطين هو نوع من الحصار المتوقع، لأن مواقف منظمة التحرير والقيادة الفلسطينية لا يمكن إلا أن تجابه بعقوبات وحصار وإن لم يكن معلنا ومباشرا، فهناك وسائل كثيرة لتطبيق الضغط الاقتصادي على دولة فلسطين.
وأضاف أن التطبيق للضغوط الاقتصادية يمر عبر مجموعة من الممرات، أولها تقليص المساعدات بشكل دائم، وثانيا قطع المساعدات الأميركية المباشرة، وثالثا ضغوط إسرائيلية على ميزانية السلطة، منها موضوع الشهداء والأسرى واستقطاع رواتبهم، وقبلها استقطاع ديون الكهرباء، وحاليا محاولة استقطاع ما يحدث من خسائر نتيجة الطائرات الورقة.. كل ذلك بهدف الضغط على السلطة.
وأوضح أن تحكم الاحتلال في المناطق المسماة (ج)، تؤثر على سير الحركة والتجارة وتضغط على الحركة التجارية الفلسطينية فيما يخص العلاقة ما بين المحافظات وفصل الضفة عن غزة، ومنع دخول بضائع فلسطينية للقدس.
وأشار إلى أنه في ظل موقف منظمة التحرير الرافضة لصفقة القرن والإملاءات الاقتصادية، يَتوقع مزيدا من الضغط الاقتصادي، ما يتطلب تهيئة أنفسنا للمرحلة المقبلة، وأن على الشعب الفلسطيني أن يشد الأحزمة ضمن ذلك من أجل وضع حد لكل محاولات تركيعه التي لن تنجح في النهاية.
في ذات السياق، قال المحلل الاقتصادي ماهر الطباع، لـ"وفا"، إن ما يجري في فلسطين هو حصار مالي وضغوطات مالية كبيرة على السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير من أجل تمرير أي حلول سياسية غير مرضية لشعبنا الفلسطيني، وهي صفقة القرن والإملاءات الأميركية.
وطالب الطباع بتوفير دعم عربي من وضع حد لمحاولات قطع المساعدات أو تخفيفها من أجل دعم السلطة الوطنية الفلسطينية التي انخفضت كمية المساعدات المقدمة لها لدعم صمودها والوقوف إلى جانبها.
ووفق أرقام صدرت عن وزارة المالية الفلسطينية، فقد تراجعت المنح المالية للخزينة العامة في العام الماضي إلى 614 مليون دولار، بينما بلغت في العام 2008 على سبيل المثال 1.7 مليار دولار، وبمتوسط 1.1 مليار دولار في السنوات العشر الأخيرة.
إلى ذلك، قال المحلل السياسي د. احمد رفيق عوض، لـ"وفا"، إن الإدارة الأميركية تناصب الشعب الفلسطيني العداء، وأن ممثلي أميركا فيما يتعلق بعملية التسوية يخدمون مصالح بلاد أخرى وليس مصالح بلادهم، فتقليص المساعدات لن يجبر شعبنا على القبول بصفقة القرن غير المنطقية.
وأضاف أن السلطة الوطنية يتم محاصرتها بشكل كبير وبشكل غير معلن، وأن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي وأميركا يهدف إلى إنهاء القضية الفلسطينية، وهذا لن يسمح به الشعب الفلسطيني مهما كلفه ذلك.
وأوضح عوض، أن الإدارة الاميركية تسعى لحصار السلطة الفلسطينية على المستوى المالي والسياسي والاقتصادي وتهددها باتخاذ إجراءات بحقها كلما اتخذت إجراء وطنيا. ما يجري هو حصار على المستوى الشخصي أيضا للقيادة الفلسطينية، حيث تتصدى الإدارة الاميركية للسلطة الوطنية في الاقليم وفي كل مكان وتريد أن تفرق بين مواقف الدول العربية والفلسطينيين لتركهم وحدهم، فالحصار الذي يجري على السلطة الفلسطينية هو حصار مركب ويتم على مستويات مختلفة وليس على مستوى واحد.