كتب المحرر السياسي
اكثر ما يميز عزام الأحمد كمسؤول لملف المصالحة الوطنية، هو صراحته وصدقه الوطني والاخلاقي البليغ، بشأن كل ما يتعلق بهذا الملف الذي بات عمره عشر سنوات طوال، بل ان صراحته التي تكون احيانا صادمة، بخطابه الخالي من الاكسسوارات الإعلامية، والمجاملات التلفزيونية، قد باتت هذه الصراحة سمته الواضحة ودلالة مصداقيته البليغة ، وعنوانا أساسيا من عنواينه .
وعشر سنوات من الحوارت مع حركة حماس لم يقدم خلالها الأحمد بلاغا منافيا لحقيقة ما كان يجري في هذه الحوارات، ولم ينحرف قيد انملة عن غاياتها الفتحاويه القائمة على قاعدة حماية المصالح الوطنية العليا، وحماية المشروع الوطني الفلسطيني، مشروع الحرية والتحرر بدولة فلسطين من رفح حتى جنين وبعاصمتها القدس الشرقية، وبالحل العادل لقضيةاللاجئين .
وعشر سنوات لم تكن المناورات الاعلامية خلالها بشأن هذه الحوارات، غير مناورات حمساوية قائمة على الكذب والتزوير والادعاء، بتبجح لا مثيل له، وبازدراء منحط لعقل المتلقي ولأبسط معايير الفهم والادراك السليم.....!!!
عشر سنوات هي بكل ما اصدرت حماس وأنتجت من اكاذيب وفبركات، باتت هي السنوات الخداعات التي أشار اليها وحذّر منها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ففي هذه السنوات العشر الماضية رأينا وسمعنا فيها حماس وهي تكذب الصادق، وتصدق الكاذب من مسؤوليها وناطقيها الذين تنطبق على بعضهم صفة الرويبضة في الحديث النبوي الشريف، والذي قيل من هو الرويبضة يا رسول الله، قال : "الرجل التافه ينطق بأمر العامة " .
وعشر سنوات بات يعرف خلالها القاصي والداني، احابيل حماس للتهرب من استحقاقات المصالحة الوطنية، الاستحقاقات التي تنهي الانقسام البغيض على نحو شامل كي تمضي المصالحة في دروب معالجاتها الاجتماعية والاقتصادية والأمنية الصحيحة ، وبشأن أحدث التفاهمات التي تمت برعاية مصرية لتنفيذ اتفاق المصالحة الموقع عام 2011، فقد إحالتها حماس الى مجرد إعلانات دعائية وعلى قاعدة ما كان اسماعيل هنيه أعلنه " خرجنا من الحكومة ولَم نخرج من الحكم " والواقع ان حماس لم تخرج من اَي شيء في قطاع غزة المكلوم وظلت هي الحاكمة بحكومتها الميليشياوية، بعد ان وضعت كل العراقيل امام حكومة الوفاق لمنعها من ممارسة مهامها ودورها في المحافظات الجنوبية، كما هي في المحافظات الشمالية ، لا بل ان حماس ذهبت الى ابعد واخطر من ذلك لنسف المصالحة من اساسها بمحاولة اغتيال رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني رامي الحمدالله ،ورئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج قرب معبر بيت حانون، وبعد فشل هذه المحاولة حاولت حماس التنصل من مسؤوليتها عنها بأكاذيب ومسرحيات لم تقنع احدا حتى اصحابها بدالالة ما قدموا من روايات متناقضة في هذه المسرحيات ...!!
ومن ابلغ ما يفضح نوايا حماس وغاياتها الانفصالية وتابعيتها المذلة لجماعتها الاخوانية، هو اصرارها على التماهي مع حملة التحريض الاسرائيلية ضد الرئيس ابو مازن، وهي الحملة التي باتت تتصاعد على نحو محموم بعد رفض الرئيس لما يسمى صفقة القرن الامريكية التصفوية، بكلمة واحدة لا تقبل اَي تأويل ولا أية مراجعة، وتقابح تماهي حماس مع هذه الحملة بفبركتها فرية " الإجراءات العقابية" للرئيس ضد غزة ...!!! ومع انه مجنون يحكي وعاقل يسمع ، إلا ان بعض الفصائل وبعض جماعات التمويل الأجنبي حملوا هذه الفرية وباتوا يدورن بها لاغراض انتهازية حزبية وفئوية ضيقة، وبعضها بالتأكيد لخدمة التمويل بمشاريعه الامريكية التصفوية ... وبالمناسبة فأننا نرفض ان نطلق كلمة عقوبات، حتى على الحصار الاسرائيلي الظالم لقطاع غزة، لان العقوبات لا تفرض سوى على المذنب، ولا تفرض دون ان يستحقها، وغزة ليست مذنبة، لا باهلها ولا بمواقفها، وما من ذنب لشعب يقاوم في سبيل حريته وكرامته ، حصار اسرائيل المتواصل، ليس الا سياسات عدوان عنصرية ولا إنسانية، وهي الى جانب مااقترفت من جرائم في حروبها الثلاث ضد غزة ، وتوحش رصاصها القاتل ضد مسيرات العودة ، فأنها هي التي خلفت وما تزال تخلف اقسى معاناة لاهلنا في القطاع المطعون بسلطة الانقلاب الحمساوية، والتي فاقمت من هذه المعاناة بسياساتها القمعية والعصابية التي تاجرت بكل ما هو حرام في سبيل تسمين خزائنها وتكريس وجودها ....!!!
غزة التي لن نعرف دولة دونها، ولن نرضى لها ان تكون دولة وحدها، لايمكن لعاقل ان يصدق فرية حماس بأن هناك عقوبات رئاسية ضدها ، وعلى فصائل وجماعات الجملة الانتهازية التحلي بقليل من التفحص الموضوعي لهذه المسألة برمتها ، مع قليل من اخلاقيات التوصيف الحق ووضع النقاط على حروفها بشأن المسبب الحقيقي المانع للمعالجات الجذرية والرافض لإنهاء الانقسام ، وهو ليس الا حركة حماس بقضها وقضيضها ...!!
لا تحتمل القضية الوطنية اليوم المزاودات الفارغة، ولا جملة الاكسسوارات الديمقراطية ذات الغايات الاستقطابية التي لم تعد ممكنة خاصة لفصائل "المقاعد النادرة " الوقت في اللحظة الراهنة وقت المواجهة لمؤامرة صفقة القرن التصفوية الوقت ، الوقت وقت معركة الساعات الاخيرة التي تفرض ضرورة وحدة الصف والكلمة وعدم الانجرار وراء معارك وهمية وشائعات وفبركات الاكاذيب الحمساوية ، لا ينبغي لبوصلة النضال الوطني ان تنحرف في هذه اللحظة الفارقة ...واشهد اللهم أنا قد بلغنا .
يبقى فقط ان نقول لنطاقي حماس الرويبضة : " إليّ على راْسه بطحة بيحسس عليها " والكاذب لا يحاضر بالصدق،كما الخارجون عن القانون لا يحاضرون بالقانون، والسائرون في دروب المشاريع اللاوطنية لا يحاضرون بالوطنية التي لا يحملون اَي شيء من قيمها واخلاقياتها، وثمة رواية عن الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه نقدمها لكم لعلكم تدركون ما أنتم .. تقول الرواية ان الامام سلام الله عليه ، حين قدم الى الكوفة وقبل ان يدخلها صادف رجلا من اَهلها ، فسأله عن أهل الكوفة فقال له الرجل إنهم أهل صلاة وصوم وتقوى، فقال له صدقت، ثم صادف آخراً بعد مسافة اخرى، فسأله الامام السؤال ذاته فأجاب الرجل انهم أهل فسق وفجور ودنيا، فقال له الامام صدقت وهنا استغرب غلام الامام الذي كان اسمه قنبر فقال كيف هذا يا امام المسلمين صدق الاثنان بِمَا قالا وما قالا غير النقيض تماما فقال الامام علي رضي الله عنه وأرضاه كل يرى الناس بما يعيش ، وبالناس الذين حوله، الاول كان عبدا تقيا ومن أهل الآخرة لا يقطع فرضا ولا يعرف سوى من على شاكلته ولا يحتك بسواهم، اما الثاني فكان من أهل الدنيا مع جلاس لذاتها وفجورها " ... وهكذا أنتم بقدر ما أنتم كاذبون بقدر ما تعتقدون ان كل الاخرين مثلكم ....!!!