العيد في القدس تمسك بالعادات وإجراءات للنيل منها
راسم عبد الواحد
يحرص فلسطينيو القدس على اتباع سُنن وتقاليد وعادات ورثوها عن الآباء والأجداد، سواء المتعلقة بعيدي الفطر والأضحى، أو غيرها من مناسبات، رغم كل اجراءات القهر والتضييق والتنكيل التي يتبعها الاحتلال بشكل متواصل في المدينة وبحق سكانها.
الحاج فهمي الخطيب، من سكان القدس القديمة، يؤكد أنه ورغم مرور عقود على احتلال القدس والإمكانيات الضخمة والهائلة التي يضخها في المدينة لمحاولة أسرلتها وتهويدها، والنيل من سكانها بتغريبهم عن أصولهم إلا أن المقدسي ظل وفيا ومحافظا على سنن وتقاليد وعادات ورثها عن الآباء والأجداد.
وقال لمراسلنا: في مساء التاسع والعشرين، وعقب الافطار الرمضاني، ينتظر الجميع مآذن الأقصى والقدس التي ستعمّم فيها إعلان المفتي العام إما بتكملة الصيام لليوم الثلاثين، أو رؤية هلال شهر شوال ايذاناً بانتهاء شهر الصوم والبدء بفترة العيد.
وأضاف: فور الإعلان عن رؤية شهر شوال، يبدأ المواطنون بمهاتفة الاقارب والأصدقاء أو بإرسال رسائل التهاني بالعيد السعيد، كما يخرج المقدسيون الى الأسواق لإنهاء استعداداتهم للعيد بشراء كل ما يلزمهم، في الوقت الذي لا ينام فيه أهل المدينة استعداداً وفرحاً بالعيد وخشية أن تفوتهم صلاة العيد برحاب الأقصى المبارك الذي يجمع في باحاته ومُصلياته مختلف عائلات المدينة، ويتبادلون التهاني برحابه، ويخططون لمسار توجههم الى أبناء عائلاتهم في إطار سُنّة صلة الرحم وتبادل التهاني بالعيد.
من جانبها، رجّحت دائرة أوقاف القدس مشاركة تسعين ألف مواطن بصلاة عيد الفطر في الأقصى المبارك، في الوقت الذي ألقى خطبة العيد المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، والذي شدد فيها على "تمسك الفلسطينيين بمسجدهم الأقصى ومدينتهم القدس وأرضهم المباركة، ورفض مخططات التصفية وآخرها ما تسمى بصفقة القرن الظالمة".
ولفت المفتي العام الى أن "الفلسطينيين يستذكرون في العيد الشهداء ويتمنون الشفاء العاجل للجرحى والإفراج القريب للأسرى من سجون الاحتلال".
لم ينس المصلون في "الاقصى" الوجع الفلسطيني والهم الفلسطيني فطالبوا، عبر وقفة فيه بإنهاء الانقسام وتجسيد الوحدة بين شطري الوطن وأبنائه.
سفيان الياسيني مقدسي عايش النكسة وما قبلها والأعياد في كل هذه الفترات، يقول: لم يتنكر الجيل الجديد للعادات والطقوس والتقاليد الراسخة المصاحبة للأعياد خاصة "الفطر والأضحى" وهو ما يسبب الأرق والقلق والإزعاج للاحتلال الذي حاول طمس هذه العادات.
ولفت الى أن المقدسي يحرص على المشاركة في صلاة العيد بالأقصى، قبل أن ينطلق وأفراد عائلته الى زيارة موتاهم بالمقابر التاريخية، وقبل الانطلاق مبكرا الى معايدة الأهل والأقارب والأصدقاء، في حين ينشغل عدد كبير من الأهالي في الانطلاق برحلات مشتركة في اليومين التاليين خارج القدس؛ وعادة ما تكون في مدن الساحل الفلسطيني، ونسبة منهم تسافر خارج الوطن لنفس الغاية.
وأشار الى أن المقدسيين قبل عقود كانوا ينشغلون بتجهيز الحلويات في بيوتهم بمشاركة الجميع وسط حالة من الفرح والسعادة قبل أن ينقلها الأطفال الى مخابز القدس العتيقة "الأفران" والتي كانت تعجّ بالصواني والأطفال ويستمر العمل بها حتى ساعات الفجر الأولى من يوم العيد.
الحاجة ميسّر الغزاوي "أم أحمد" قالت إن الاحتلال حاول هذا العام، وعلناً وبشكل غير مسبوق، النيل من عادة محببة للمقدسيين ورثوها عن الآباء تتعلق بـ"المسحراتي" و"مدفع رمضان"، واعتقل عددا منهم بحجة "ازعاج المستوطنين" لكن السبب الرئيسي حسب المُسنة المقدسية، هو محاولة القضاء على عادات وطقوس مقدسية موروثة تؤكد هوية المدينة وسكانها.
وأضافت الحاجة ميسر أن تجمع أهل القدس كان في الماضي يتمحور في البلدة القديمة ومحيط أسوارها، فيما كان المسجد الأقصى نقطة تجمّع الجميع ومتنفس العائلات؛ فيه يتجمعون ويُصلّون ويتبادلون التهاني وينطلقون منه، وفيه يقضي أبناء المدينة فترة وأيام العيد بالكامل في أجواء بهيجة.
ويقول المقدسي سمير العباسي ان القدس القديمة وأسواقها والمسجد الاقصى في فترة شهر رمضان والعيد الاحتلال تبدو وكأنها قد تحررت من الاحتلال بفعل الوجود الفلسطيني المكثف فيها على مدار الساعة، مؤكداً أن الاحتلال ينتظر بفارغ الصبر انتهاء فترة العيد ليعود الى سياساته القهرية للتنكيل بسكان المدينة.
لكنه أكد أن كل سياسات الاحتلال وإجراءاته لن تُجبر أهل المدينة على تركها أو التأثير على هوية المدينة وسكانها.