تل أبو الزرد.. السعي نحو حديقة أثرية
عُلا موقدي
إلى الجنوب الغربي من قرية ياسوف التي ذكرها مصطفى مراد الدباغ في موسوعته "بلادنا فلسطين" بأنهاتقوم على قرية "يشوب" في العهد الروماني، يقع مقام ديني يتوسط المكان بقبة طليت باللون الأصفر ويطلق عليه "أبو الزرد".
يقع المقام على تلة كبيرة ترتفع حوالي 680 مترا فوق سطح البحر، وتبلغ مساحتها 40 دونما تشرف على منطقة واسعة من أراضي القرية ويطل على الجهات الأربع، من بينها الساحل الفلسطيني، وتمتاز أرضه بأنها مستوية وتصلح للزراعة.
في إحدى مدونات الكاتب أسامة العيسة أوضح، أنه لا تتوفر معلومات عديدة عن أصل الولي الصالح (أبو زَرَد)، الذي على الأرجح، ليس الأول الذي يرتبط اسمه بالموقع، فآثار الأمم السابقة تظهر بوضوح أسفل وبجانب المقام، ويطل التل من جهة الغرب على الطريق التاريخي الواصل ما بين القدس وجنين وهو واحد من التلال الأثرية التي عرفت كمدينة محصنة في العصر البرونزي الوسيط حوالي 3500 سنه قبل الوقت الحاضر.
اكتشف الموقع وأدرج على الخرائط منذ العام 1872 في مسح غرب فلسطين، ويحتوي الموقع على آثار تعود إلى العصر الحجري النحاسي حوالي 4500 ق.م، ودلائل قرية زراعية صغيرة في العصر البرونزي المبكر الثاني والثالث، واستمر الاستيطان في الموقع في فترة العصر البرونزي المتأخر (1300 ق.م)، كما ظهرت في الموقع دلائل استيطان تعود إلى العصر الحديدي الأول (1200 ق م)، واستمر السكن في الموقع في الفترات الكلاسيكية (الفارسية، الهلنستية، الرومانية، البيزنطية، والفترات الإسلامية.
وتتمثل هذه الفترات من خلال البقايا المادية من أساسات وأبنية وتحصينات تنتشر في أرجاء الموقع لا سيما في مركزه.
وضمن مساعي وزارة السياحة والآثار للعمل على استثمار موقع تل أبو زرد وتحويله إلى حديقة أثرية وبتمويل من صندوق تطوير وإقراض البلديات ومن خلال برنامج التنمية المحلية.
يقول جهاد ياسين، مدير عام التنقيبات والمتاحف الأثرية في وزارة السياحة والآثار لـ"وفا"، إن منطقة تل أبو الزرد من المواقع الأثرية الهامة في محافظة سلفيت وعلى مستوى الوطن، لذلك وضعتها وزارة السياحة ضمن أولوياتها، وتعاونت مع جامعة لاسبيانزا روما الإيطالية، وجرت في الموقع أعمال تنقيب منظمة في المنطقة الواقعة في وسط التل بالقرب من المقام منذ التاسع عشر من شهر أيلول واستمرت حتى نهاية شهر تشرين ثاني لعام 2015، وقد كشفت التنقيبات عن دلائل معمارية (جدران وأرضيات) تعود بتاريخها إلى الفترات الكلاسيكية، وأثرية (فخار ومواد حضارية أخرى) تشير إلى فترات استيطان موغلة في القدم، ويأتي هذا العمل بدعم وتمويل من صندوق تطوير وإقراض البلديات وفي اطار الشراكة بين وزارة السياحة والآثار ومؤسسات المجتمع المحلي في المحافظة، مجلس قروي ياسوف ومجلس الخدمات المشترك للتخطيط والتطوير– جنوب سلفيت، ولقد شكل العمل في الموقع بداية بناء علاقة طويلة الأمد مع المجتمع المحلي بهدف الحفاظ على الموقع وتطويره وتأهيله عبر إزالة الأوساخ وتجميل الموقع.
ويضيف ياسين، كما يجري الإعداد لبدء المرحلة الثانية من المشروع وهي تأهيل جزء منه ليصبح حديقة أثرية مفتوحه، وترميم للمقام الموجود في الموقع وعمل ممرات للزوار ومقاعد للجلوس ومواد إعلامية وتأهيل أحد الشوارع الواصلة إلى الموقع وإضافة منطقة العاب للأطفال وتشمل أيضا وحدات صحية ومركز تفسير،بحيث تكشف الحديقة عن الآثار والبنية التحتية ومفتوحه للسياح.
وذكر الدباغ في موسوعته، أن مزار"الشيخ أبو الزرد"، يحتمل أنه كانت تقوم في موقعه قرية "تفوح" بمعنى تفاح الكنعانية، مشيرا إلى أنه كان في ياسوف مساجد كثيرة، وقد رمم سكانها أحدها ليقيموا فيه صلواتهم، ومدافن محفورة في الصخر، وطريق رومانية، وأعمدة، وتحيط بالقرية أراضي قرى حوارة، وبيتا، ويتما، والساوية، واسكاكا، ومردا، وجماعين.
ويبلغ عدد سكان قرية ياسوف اليوم 2093 نسمة، وتعتبر زراعة الزيتون من أهم المحاصيلـ بالإضافة إلى زراعة اللوز والحمضيات، ومما ساعد السكان على الزراعة وجود ينابيع للمياه داخل القرية تستخدم لري الأراضي الزراعية.
وصفها صاحب معجم البلدان ياقوت الحموي "بكثرة الرمان"، ويوجد في القرية مسجد عمري، وآثار لبوابات عثمانية، وينسب إليها عدد من العلماء باسم "الياسوفي".