الاتحاد من أجل المتوسط: مشروع تحلية المياه في غزة أضحى واقعا ملموسا
خليل فواضلة
قال نائب الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط ميغيل جارسيا هيريز، "إن بناء مشروع محطة تحلية المياه في غزة بدأ يتحوّل إلى واقع ملموس، وأضحى واقعا تقنيا، ناهيك عن الأهمية الإنسانية والسياسية للمشروع التي يدركها الجميع".
وأوضح أن ذلك جاء "بفضل الدعم الذي قدّمه الكثير من الشركاء المنفّذين للمشروع، في مؤتمر المانحين في 20 آذار المنصرم، مثل المفوضية الأوروبية، والمصارف كالبنك الدولي، والبنك الإسلامي للتنمية، والبنك الأوروبي للاستثمار، وإذ تعيّن على البلدان إدراك أهمية هذا المشروع وإمكانية تنفيذه".
وأضاف في مقابلة خاصة مع "وفا" على هامش أعمال منتدى فلسطين الدولي الأول للمياه في مدينة رام الله، "أن الظروف مواتية لتنفيذ المشروع خلال الجدول الزمني المحدد والعمل الجاري إنجازه."
وفي إجابة على سؤال اذا ما كان هنالك أيّة عقبات تحول دون المضيّ قدُما في مراحل التنفيذ التالية؟ قال هيريز: إنه "من الواضح أن المشروع ينطوي على تحدّيات. فغزة تمثّل حالة استثنائية. وكما نعلم، فإن مراحل التنفيذ لا تتوقف كلها على السلطة الفلسطينية، فهي تتطلب التعاون من جانب السلطات الإسرائيلية. لذلك، فإن المشروع يمثّل تحدّيا ينبغي التصدّي له، ونأمل أن يتم ذلك بالتعاون معها (أي السلطات الإسرائيلية). أما فيما يتعلق بالعقبات، فيتعيّن العمل على التصدّي لها وتذليلها. هناك مفاوضات جارية، وتجري معالجة كافة المسائل الرئيسية".
وحول الحاجة التي تستدعي تأمين كميات هائلة من الطاقة لمواصلة مشروع التحلية، في الوقت الذي تعاني فيه غزة من نقص في الوقود والكهرباء بصورة منتظمة، أضاف هيريز: "أعلم أن ثمّة حلول مختلفة يمكن اعتمادها على الأجل القصير والمتوسط والبعيد، ومن بينها الحلّ المتمثّل في إمدادات الكهرباء من إسرائيل وإمدادات الغاز من مشروع غزة. ولكن، اسمح لي أن أركّز مجددا على ما قلته اليوم، وهو أن التحلية إنما تمثّل حلا لتوفير إمدادات مياه تكميلية عبر البحر الأبيض المتوسط. إن بلدان البحر الأبيض المتوسط –بما فيها إسرائيل- تفعل ذلك. وبالتأكيد، فإن اعتماد هذا حل التحلية غالي في أي حالة. ولكن، إمدادات الطاقة تزداد رُخْصا، والطاقة المتجددة تمثّل اختيارا يمكن إضافته لمزيج اختيارات إمدادات الطاقة. ولهذا، من الممكن اعتماد التحلية (حلا لمعالجة أزمة المياه في غزة)، حيث لم يتم استقصاء هذه الإمكانية فحسب، بل وتمّ تحديدها بوصفها الاختيار الأكثر جدوى. فهذا هو الطريق الذي يتم إتّباعه.)
وحول التأثيرات البيئية والاقتصادية للمشروع، قال هيريز: "إن المياه أساسية بالنسبة لتأمين سُبُل العيش ولاستدامة سُبُل العيش الاجتماعية الاقتصادية على الأمد الطويل في أي حالة. ومع تأمين إمدادات مياه، فإنني على يقين بأن سكان قطاع غزة سيطوّرون إمكانياتهم الاقتصادية. إذ نعلم بأن غزة لطالما كانت منطقة صناعية وزراعية. ويُعّد ذلك سببا آخر لتنفيذ المشروع".
وفي سؤال عن تكاليف تشغيل المشروع وصيانته؟ وهل يمكن لسكان قطاع غزة الذين يعانون من الإفقار إلى حدّ كبير تحمّلها؟ اجاب هيريز أنه "يتعيّن أن تسود ثقافة سداد تكاليف الخدمات في نهاية المطاف. وفي أي دولة في العالم، تتميّز المياه بأنها خدمة مُعانة (مدعومة). ومن المحتمل أن لا يختلف الوضع في غزة عمّا هو عليه في البلدان الأخرى، ولكن وبالطبّع يتعيّن أن تكون هناك مشاركة في التكلفة. سوف يتبيّن ذلك عندما ينطلق المشروع، واعتقد بأنه يتعيّن توجيه هذا السؤال بصورة جديّة لسلطة المياه الفلسطينية".
وفيما يتعلق بالحصول على ضمانات من إسرائيل حول استيراد المواد ذات الاستخدام المزدوج الخاصة بالشروع، أوضح هيريز، أن محطة التحلية تشكّل شاغلا إقليميا، وتستقطب اهتمام إسرائيل أيضا، ولذا اعتقد بأن يتعيّن على جميع الأطراف المعنية بضمان التوصّل إلى حلّ إنساني وبيئي لسكان غزة، واستدامة خزان المياه الجوفي الاستثمار في إيجاد حلول لتشغيل المحطة تشغيلا فعالا. واعتقد بأن ذلك يمثّل الطريق الأنسب للمُضيّ قُدُما الذي يتعيّن أن تسلكه كافة الأطراف التي تدرك الحاجة لإنشاء المحطة".
وحول فرصة أن تشهد الضفة الغربية إطلاق مبادرات مشابهة تُعنَى بالإدارة المتكاملة للموارد المائية، قال نائب الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط ميغيل جارسيا هيريز، في معرض مقابلته مع "وفا"، إن "المنتدى يسعى على وجه التحديد لاستقدام الخبرة، والدروس المستفادة والأبحاث من البلدان الأخرى، ويهدف أيضا لتحفيز تبادل الأفكار حول مجالات العمل التي تنخرط فيها السلطة الفلسطينية والتي تُعدّ أساسية للتصدي لأي حالة من شُحّ المياه في الوقت الحالي. ويضم ذلك الخبرات التي تتصل بمعالجة المياه العادمة، واعتماد نهج اقتصاد دائري حيال قطاع المياه، حيث تتم الاستفادة من المياه العادمة الناتجة عن الاستهلاك المنزلي للمياه. وفي حالة من الإجهاد المائي كالتي لا تعاني منها فلسطين فحسب بل ودول البحر الأبيض المتوسط بمستويات متفاوتة، فمن شأن الابتكار والاستعانة بهذه التقنيات أن يشكّل حلا من جملة الحلول العالمية. تشكّل التحلية أحد الحلول المتاحة لهذه المشكلة، فيما تشكّل الاستفادة من المياه العادمة بديلا أيضا".
واشار هيريز الى أن الاتحاد من أجل المتوسط يضطلع بولاية حول إقامة محطة التحلية في غزة، وهي مشروع حظي على موافقة 43 دولة من الدول الأعضاء في 2012. وتقتصر ولاية الاتحاد على تيسير تجنيد الأموال اللازمة والعمل بين الأطراف ذات العلاقة بالمشروع، الذي يُعدّ إحدى الضروريات الأساسية لسكان غزة."
يشار الى منتدى فلسطين الدولي الأول للمياه انطلق في مدينة رام الله أمس الأول، تحت شعار "التقنيات والممارسات الحديثة لتطبيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية" من أجل مناقشة مسألة اعتماد الأدوات التقدمية للإدارة المتكاملة للموارد المائية بوصفها تمثّل نهجا للتصدّي لأزمة المياه في فلسطين، حيث تشارك فيه مجموعة من المسؤولين وممثّلي المنظمات غير الحكومية الدولية.