المركبات الخاصة العاملة بأجر.. بين الحاجة والقانون
زهران معالي
قبل أسبوع، بدأت الشرطة الفلسطينية، بالتعاون مع وزارة النقل والمواصلات، حملة لملاحقة المركبات الخصوصية، التي تنقل الركاب مقابل أجر "تعتدي على خطوط عمل التكسيات والحافلات"، اسفرت حتى الآن، عن حجز أكثر من مئة مركبة وتوقيف عشرة سائقين وإحالتهم للقضاء.
وقال المتحدث باسم الشرطة المقدم لؤي ارزيقات لـ"وفا"، إن حجز المركبات سيستمر لـ15 يوما، فيما سجلت 300 مخالفة مرورية لتلك المركبات، وإن عمليات الضبط تركزت في محافظة الخليل؛ كونها أكثر المحافظات، التي تضم مركبات تعمل في هذا الإطار.
ووفقا للمادة 108 من قانون المرور الفلسطيني، فإنه: "إذا أدين شخص بجريمة نقل ركاب لقاء أجر في مركبة غير مرخصة بذلك، فإنه يعاقب بحرمانه من حيازة رخصة القيادة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن ستة أشهر، وإذا عاد إلى ارتكابها خلال سنتين من تاريخ إدانته يكون الحرمان لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سنتين علاوة على عقوبة أخرى يقررها القانون".
وصادقت الحكومة الفلسطينية في شهر يناير الماضي على مشروع نظام الحجز الإداري للمركبات والدراجات النارية؛ لإيجاد عقوبات وإجراءات رادعة للمخالفين، والحفاظ على أرواح المواطنين والممتلكات، وترشيد المال العام.
ووفق رئيس النقابة العامة لعمال النقل أحمد جابر، فإن عدد المركبات الخصوصية التي تنقل الركاب مقابل أجر تبلغ قرابة 17 ألف مركبة وفق إحصائيات ممثلي فروع النقابة، تتوزع في محافظات الضفة، وتضم محافظة الخليل الحصة الكبرى منها (3500 مركبة).
ونوه إلى أن النقابة وجهت مطالبات للحكومة لتطبيق القانون، وقبل أيام تشكلت لجنة حوار بين النقابة ووزارة المواصلات والشرطة، وأثمرت عن صدور قرار بحجز المركبات الخاصة التي تعمل مقابل أجر، وتحويل سائقيها للقضاء.
وثمن جابر الجهود التي تبذلها الوزارة والشرطة لتطبيق القرار وصولا لإنهاء ظاهرة المركبات الخاصة التي تنقل الركاب مقابل أجر، داعيا إلى أن تكون مستمرة لا مرحلية، لتطوير قطاع النقل العام وعمل الدراسات اللازمة لسد العجز في هذا القطاع.
وأشار إلى أن النقابة بالتعاون مع الوزارة عملت منذ بداية الحملة على تحويل مجرى خط حافلات لمناطق تعاني من نقص وعجز، وستواصل الجهود اللازمة لسد النقص الذي سيخلفه منع المركبات الخاصة من العمل، من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة كتغيير خطوط ونقلها من الخطوط الفائضة لتلك التي تعاني من العجز أو الحصول على تراخيص تشغيل جديدة.
وخلال السنوات القليلة الماضية، شكل العمل كسائق مركبة خصوصية لنقل الركاب مقابل الأجر، ملاذا للعديد من المواطنين في المناطق الفلسطينية، فيما وجد فيها الموظفون العاملون خارج محافظاتهم سبيلا لتخفيف عبء المواصلات وتكاليفها.
المواطن عامر (50 عاما) واحد من قرابة 30 سائق مركبة خاصة تنقل ركابا مقابل أجر في إحدى قرى محافظة جنين، واضطر لهذا العمل بعد أن مُنع من الحصول على تصريح عمل داخل أراضي الـ1948.
وأضاف: "ايش بدي اشتغل عمري 50 سنة، أعاني من مرض الدسك وآلام في الظهر، ماذا سأعمل؟"، مؤكدا أنه بعد منعه من العمل داخل أراضي الـ48، افتتح مزرعة لتربية الدواجن، إلا أنه اضطر لوقف العمل فيها نتيجة الخسائر المتلاحقة وتراكم الديون، والعمل كسائق لمركبة خصوصية.
ونوه إلى أن عمله الأخير يؤمن قوت يومه ومصروف عائلته المكونة من ستة أفراد، وقال: "لا أتعدى على سائقي المركبات العمومية، ننقل الركاب فقط عندما لا تتواجد مركبات عمومي في القرية للتخفيف من معاناة المواطنين فقط".
وأشار إلى أن في قريته مكتب تكسي وحيدا يضم ستة تكاسي لا تكفي حاجة السكان فيها، ما يضطر الأهالي لاستخدام المركبات الخاصة في تنقلاتهم الداخلية والخارجية أحيانا. أناشد الحكومة إذا أرادت تطبيق القرار أن توجد حلولا للعاملين في هذا المجال.
بدوره، أكد الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات محمد حمدان تعليمات وزير النقل والمواصلات والشرطة الفلسطينية بضرورة متابعة المركبات الخاصة وتشديد العقوبات.
وأضاف ان الحكومة أقرت نظام الحجز الإداري الذي سيتم تطبيقه بالقريب العاجل، حيث يجري الانتهاء من إجراءاته الفنية واللوجستية لهذا النظام، مؤكدا أنه سيكون رادعا ويناقش المخالفات المرورية التي تتضمن نقل المركبات الخاصة الركاب مقابل أجر.
وأشار إلى أن المركبات العمومية والحافلات التي تعمل على الخطوط بلغت 11 ألف رخصة تشغيل في قطاع النقل العام، موزعة بين 1100 حافلة، وتكسي عداد 4300 مركبة، و5600 مركبة سرفيس تعمل بين الخطوط الرابطة بين المحافظات والقرى وتلك المحافظات.
وشدد حمدان على أن دور الوزارة تطبيق القانون ومنع أي اعتداء عليه من قبل البعض، فلا بد من محاربته وإتاحة الفرصة للمرخصين، منوها إلى أن الوزارة تعمل على تغطية الخدمة بالتعاون مع النقابات في جميع المناطق التي تعاني من عجز.
وأضاف ان ظاهرة المركبات الخاصة لنقل الركاب التي تعمل بصورة منتظمة تنافس المركبات العمومية بشكل كبير، وسيتم متابعتهم حتى لو كانوا موظفين في القطاع المدني الحكومي والأجهزة الأمنية، وسيطبق القانون على الجميع دون استثناءات، مشيرا إلى أن النيابة العسكرية راسلت الوزارة لحجز رخص لعسكريين ينقلون ركابا مقابل أجر وإجراء محاكمات لهم.
وأكد أنه في حال وجود احتياجات نقل ستقوم الوزارة بتغطيتها، مطالبا المسؤولين بتلك المناطق وعبر لجان المرور الفرعية بمخاطبة الوزارة من أجل الزيادة، وسيتم إما إعادة توزيع الخطوط ونقل رخص التشغيل من مكان لآخر، أو منح رخص تشغيل جديدة أو تعويض بحافلات.
وقال حمدان إن قطاع النقل مهم للتنمية الاقتصادية، مردفا: إن كان يقوم بعملية التشغيل لكنه ليس حلا لمشكلة البطالة بل مكمل لها، فلا بد من التعامل بحساسية مع ذلك، كلما ارتفعت تكلفة النقل على المواطنين زاد العبء على المشغلين لرفع الرواتب لتغطية تكاليف النقل.
وأضاف انه لا بد من التعامل مع قطاع النقل كجزء من البنية التحتية التي يجب توفيرها وليست كحل لمشكلة البطالة، مشيرا إلى أن المركبات الخاصة التي تنقل ركاب بأجر أدت لارتفاع تكاليف النقل وانخفاض عدد رحلات المركبات العمومية.
وسنت الحكومة الفلسطينية قوانين عديدة ولوائح تنظمية كقانون المرور رقم (5) لعام 2000 واللائحة التنفيذية رقم (10) لعام 2009، وقرار مجلس الوزراء رقم (4) لعام 2010 المتعلق بنظام تمليك رخص تشغيل الأرقام العمومي.
ووفق المادة (30) من قرار مجلس الوزراء رقم (4) لعام 2010 المتعلق بنظام تمليك رخص تشغيل الأرقام العمومي، فإنه "يلتزم مكتب التكسي باستخدام عداد الأجرة في جميع مركباته لاحتساب قيمة الأجرة، على أن تحدد الوزارة المواصفات الفنية للعدادات وكيفية استخدامه وقيمة بداية الأجرة بموجب تعليمات تصدر لهذا الشأن من الوزير"، إلا أن القرار لم يطبق بالشكل المطلوب.
وأكد جابر عدم وجود التزام من السائقين والمواطنين بعداد الأجرة؛ كون المواطن سيتكبد تكاليف إضافية عند تشغيله نتيجة الأزمات التي تشهدها المحافظات الفلسطينية، إضافة إلى أن تشغيل العداد سيجبر المواطنين على استخدام المركبات الخصوصية كون أسعارها أقل.
ونوه إلى وجود اتفاق بين النقابة والوزارة والشرطة الفلسطينية التي تعمل على محاربة ظاهرة المركبات الخصوصية التي تعمل مقابل أجر، يقضي ببدء تشغيل عداد الأجرة ابتداء من الأول من تموز المقبل.
من جهته، أكد حمدان أن قرار تشغيل عداد الأجرة مطبق، حيث لا ترخص أي تكسي مكتب إلا بالتأكد من أن المكتب مرخص والعداد تم تجديد صيانته ويعمل، مشيرا إلى وجود مخالفات داعيا المواطنين إلى مطالبة السائقين بتشغيل العداد، والشكوى في حال رفض السائق القيام بذلك.
ونفى أن عداد الأجرة يكبد المواطنين تكاليف إضافية بل يراعي ظروف المواطنين ويحقق العدالة.
وكلما شهد قطاع المحروقات في فلسطين ارتفاعا، نشهد مطالبات برفع تسعيرة المواصلات والنقل العام، إلا أن جابر ينفي أن يكون قطاع النقل شهد ارتفاعا بالأجر منذ عام 2011، مؤكدا انخفاض التسعيرة عام 2015 بنسبة 10% إثر انخفاض سعر المحروقات بشكل طفيف.
وأضاف جابر النقابة لا تطالب برفع تسعيرة المواصلات، منوها إلى امكانية عودة الـ10% للتسعيرة في حال استمر ارتفاع الأسعار وعدم توفر الدعم الحكومي في الأشهر المقبلة".
وشدد جابر -رغم غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المحروقات وتراجع دخل عمال النقل العام- على أن تسعيرة المواصلات لم تشهد ارتفاعا منذ 2011.
بدوره، نفى حمدان وجود أي قرار حتى اليوم برفع تسعيرة المواصلات، مؤكدا أنه خيار أخير لدى الوزارة، مؤكدا استمرار الحوار مع نقابة النقل العام لزيادة عدد الرحلات لمركبات النقل العام، الأمر الذي سينعكس إيجابا على دخل السائقين.