ندى القشقيش ..تفوق رغم المرض
جويد التميمي
بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين، أصرّت طالبة الثانوية العامة المصابة بسرطان الدم ندى يوسف محمد القشقيش من بلدة حلحول شمال الخليل، على تقديم امتحانات "الإنجاز"، واستطاعت ان تقهر المرض لا لتنجح فقط، بل لتتفوق وتحصد معدل 96.4 في الفرع الأدبي.
تحدّت ندى المرض وهي على سرير الشفاء في مستشفى المُطَّلع بالعاصمة المحتلة القدس، وبعزيمة وإصرار لا منتهيان، حصدت ما تمنته وتعبت لأجله متناسية المرض رغم شدة ألمها، فوالداها اللذان بكيا حرقة ونزف قلباهما وتمزقت كبداهما عليها حين علما خبر إصابتها بالمرض، كانا دافعا قويا لتفوقها رغم معارضتهما إكمالها دراستها وتقديمها الامتحانات في بداية علمهما بمرضها الذي سبق الامتحانات بقليل من الأيام، حسب ما ذكرت القشقيش لــ "وفا" وهي تتمتع بمعنويات عالية لا تجدها غالبا حتى عند الأصحاء من الناس.
وقالت القشقيش، الحاصلة على المركز الثالث على مستوى فلسطين في مسابقة تحدي القراءة العربي في دبي، والمتفوقة دراسيا في مدرستها بنات حلول الثانوية حيث حصلت على معدل 97.8 في عامها الأخير بالمدرسة، "أصبت بمرض سرطان الدم (اللوكيميا) قبل دخولي الامتحانات بوقت قصير، لكن رغم صدمتي بالخبر والفاجعة التي ألمّت بعائلتي تحليت بالقوة والصبر وأصررت على مواصلة مشواري العلمي بإرادة ومعنويات عالية وإصرار كبير على النجاح والتفوق".
وتابعت ندى، تحديت كل العقبات وجرعات الكيماوي كي أثبت لنفسي وللجميع أن المرض لا يلغي إرادة وطاقة يصبو أحد لبلوغها، هدفي الالتحاق بجامعة بيت لحم لدراسة اللغات فأنا أحب وأهوى الترجمة، ولدي شغف منذ صغري للاطلاع على ثقافات الآخرين واتقن اللغتين الإنجليزية بطلاقة والفرنسية تقريبا، أتمنى ان أحصل على منحة من الرئيس محمود عباس، أو من وزارة التربية حتى أكمل دراستي.
وبحرقة امتزجت بقوة إرادتها على مواصلة التفوق والنجاح، شكرت ندى والديها وعائلتها وأصدقاءها ومحبيها الذين يساندونها دوما، والقائمين على علاجها ورعايتها في مستشفى المطلع ووزارتي الصحة والتربية والتعليم، وثمنت دورهم في الشد من أزرها والوقوف الى جانبها.
يوسف القشقيش، والد ندى، مدرس التربية الرياضية في مدرسة عمر أحمد التميمي منذ 29 عاما ببلدة حلحول قال لــ "وفا"، "تتميز ندى بحبها لخوض غمار التحدي، حاولنا نحن والداها اقناعها بأهمية العلاج وان تكمل دراستها لاحقا، لكنها رفضت وأصّرت على متابعة دراستها قائلة: سأحتفل مع صديقاتي ومعكم بتفوقي، وسأكمل علاجي وأشفى إن شاء الله".
وأسهب والدها شارحا، خاطبنا وزارة التربية حين باشرت ندى العلاج بالمستشفى، تفاعلت الوزارة معنا حتى ان وزير التربية والتعليم صبري صيدم زارها بالمستشفى وأبدى استعداده لتوفير كل ما يلزم من أجل إكمال مسيرتها التعليمية بالطريقة المثلى التي يجب ان تكون.
وأوضح ان وزارة التربية ومستشفى المطلع خاصا بالذكر "مديره التنفيذي العام وليد نمور"، أسسا منذ اربع سنوات تقريبا مدرسة في القسم العلوي من المستشفى المذكور، تضم جميع الصفوف من الأساسي حتى الثانوي، لتوفير التعليم لكافة المرضى، وأطلق على المدرسة اسم "مدرسة الإصرار والتحدي" وكان يتعلم فيها العام المنصرم 40 طالبا من الذين يتلقون العلاج بالمستشفى، في كافة المراحل المدرسية.
وأردف قائلا، زوجتي منتهى القشقيش هي الشمعة التي تحترق لتضيء لنا ولندى الطريق، ساندتها والتزمت معها طوال فترة دراستها وعلاجها، سهرت عليها الليالي ولا زالت ملتزمة بمتابعتها وجميع أبنائنا فمحمد الصغير في الصف السادس من المتفوقين حصل على معدل 98 وهو الأول على صفه، وبنتي آمال تخرجت من جامعة أبو ديس تخصص صيدلة، وولدي جهاد سنة خامسة طب بشري في جامعة الإسكندرية بمصر.
أما والدة ندى، ربة المنزل التي تكاد الدمعة لا تفارق عينيها والدعاء بشفاء ندى لا يفارق شفتيها غمرتها السعادة بنجاحها قالت: الحمد لله على هذه الهبة، فتفوق ابنتي ندى هو مكرمة من الله لنا ولشعبنا، فرغم حياتنا القاسية ومعاناتنا الدائمة بسبب الاحتلال، إلا أننا استطعنا أن نوفر لها الجو الدراسي المناسب لتكون من المتفوقين كما عهدناها سابقا".