غدا الذكرى الـ70 لاستشهاد الشاعر عبد الرحيم محمود
تصادف، غدا الجمعة، الذكرى السبعون لاستشهاد الشاعر الفلسطيني عبد الرحيم محمود، أحد قادة ثورة عام 1936، والذي استشهد في معركة الشجرة في تموز 1948.
ولد الشهيد الشاعر في بلدة عنبتا إلى الشرق من طولكرم عام 1913، وأنهى دراسته الابتدائية في بلدته عام 1925، وأكمل دراسته المتوسطة في مدينة طولكرم، وأنهى الثانوية من مدرسة النجاح في مدينة نابلس وكان من المتميزين في اللغة العربية.
شاعر ومثقف وشهيد، عرفت أسرته بالثقافة والعلم والفقه، فسميت (الفقهاء)، وكان والد عبد الرحيم محمود تخرج في الجامع الأزهر، وأصبح من شيوخ المذهب الحنبلي.
وتلقى محمود علوما شرطية في بيت لحم، لكنه تركها بعد عام واحد، بسبب رفضه الانصياع للأوامر البريطانية، ثم عمل مدرسا للغة العربية في كلية النجاح، وبعد سنوات التحق بصفوف الثورة العربية الكبرى عام 1936، وعمل مسؤولا عن الشؤون الإعلامية وكتابة البيانات في مقر قيادة القائد عبد الرحيم الحاج محمد، القائد العسكري العام لثورة 1936-1939، وقاد أحد الفصائل وجرح في إحدى المعارك ضد البريطانيين، فلجأ إلى دمشق، ومنها إلى العراق.
وفي العام 1939 التحق بالكلية العسكرية في العراق، وتخرج منها برتبة "ملازم ثان"، وهناك تعرف على عبد القادر الحسيني بطل معركة "القسطل"، واشترك في حركة رشيد عالي الكيلاني في أيار 1941، وشارك معه في معركة "سن الذبان"، ثم عاد إلى فلسطين والتحق بالهيئة التدريسية في كلية النجاح حتى العام 1947، وعندما شكلت الجامعة العربية جيش الإنقاذ على إثر قرار التقسيم عام 1947 انضم محمود لهذا الجيش برتبة ضابط، وشارك في عدة معارك ضد القوات البريطانية.
تزوج الشاعر من ابنة خاله (محفوظة نصار)، وأنجب منها "الطيب، وطلال، ورقية".
وشارك في معركة الشجرة، وأصيب خلالها في عنقه ووجهه بشظية قذيفة، واستشهد على أثرها، ودفن في مدينة الناصرة، حيث كانت رغبته ووصيته.
وقال فيه الشــاعر مفلح طبعونــي: لعبــد الرحيم محمود منزلة خاصة في الناصرة تحديدا، لعدة أسباب أهمها أنه عاش في الناصــرة خاصة فترة معارك الـ48 وقبلها، عندما انطلق لمعركة الشجرة انطلق من مطعم جنينة في الناصرة، وهناك يعتبرون عبد الرحيم محمــود بدرجة توفيق زيــاد، وضريحه في الناصرة المجاور لضريح زياد يزار من أغلب المثقفين والمهتمين وبشكل دائم".
لقب بـ "الشاعر الشهيد" بعد قصيدته الشهيرة:
سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدى
ماذا قال الأدباء في الشاعر عبد الرحيم محمود؟
قال الأديب محمود غنايم في ندوة بمدينة الناصرة: إن الشهيد عبد الرحيم محمود وظف شعره للدفاع عن العمال والفلاحين المستضعفين، ومنه قصيدة "عامل" التي حض فيها أولئك على تبني القوة من أجل تخليص حقوقهم، كما أن هناك مساحة من الرومانسية في قصائد الشهيد عبد الرحيم محمود، نتيجة للانتقال في آخر سنواته من المدرسة الكلاسيكية إلى المدرسة الحديثة، التي تعنى بالمشاعر والشكوى والإبداع الذاتي.
وأشار غنايم إلى قدرة الشهيد على الإبداع بالسليقة في التعبير عن الأحاسيس إلى حد مناجاة الحجر.
من جهته، قال أديب رفيق محمود "عبد الرحيم محمود، وأبو سلمى، وإبراهيم طوقان، هم شعراء كل المراحل، مؤكدا أن (شعراء الحداثة الفلسطينيين) يفخرون بأنهم امتداد لهذا الثلاثي الأصيل، فما أنجزه الشاعر عز الدين المناصرة (الأعمال الكاملة)، هو أحد الإنجازات الرائعة.
من ناحيته، قال جبرا إبراهيم جبرا "عبد الرحيم محمود هو الشاعر الفارس الأول في شعرنا المعاصر، الذي اتبع القول بالفعل".
فيما وصفت فدوى طوقان شعره "صوت شعر عبد الرحيم محمود، هو صوت الشعب الفلسطيني".
أما الشاعر الراحل محمود درويش قال "يا أبا سلمى أنت الجذع الذي نبتت عليه أغانينا، ونحن امتداد لشعرك، ونحن امتداد لشعر إبراهيم طوقان وعبد الرحيم محمود".
من نحيته، قال الشــاعر ماجــد أبو غوش "عبد الرحيم محمود هو نموذج للشــاعر الذي التزم بنصه أو لنقل أنه تبع نصه، ونستطيع أن نقول أيضا إنه كتب الـ"مانفيستو"، بقصيدتــه الشــهيرة ســأحمل روحي علــى راحتي، وهي نص ثوري وغنائي، وقاتل كشــاعر، فهو شاعر مقاتــل ومعنى أنه قاتل كشــاعر بأنــه تبع الأغنية حتى نهاياتها، دون حســابات ربح أو خسارة".
رحل الشاعر عبد الرحيم محمود ولم يكن لديه ديوان مكتوب ومطبوع، بل كانت قصائد شعرية مبعثرة، كانت تنشر عبر الصحف والمجلات الفلســطينية والعراقيــة واللبنانيــة، إضافة لوجود النشــرات والدوريات، الأمر الذي دفع نخبة من الكتاب والباحثين إلى العمل على جمع ديوان له، والأعمال الكاملة التي جمعها الدكتور عز الدين المناصرة عام 2009.