تصاعد الأزمة في جامعة بيرزيت مع إصرار الجامعة والطلبة على مواقفهم
يزن طه
تصاعدت الأزمة التي تشهدها جامعة بيرزيت مع الإعلان عن إصابة طالبين بالإغماء، ونقل أحدهما إلى عيادة خارجية لتلقي إسعافات أولية، ومع إصرار مجلس الجامعة على عدم العودة إلى الحوار أو فتح أبواب الجامعة لعودة الحياة العلمية والعملية إليها، إلا بإخلاء الطلبة لمبنى الإدارة، في اليوم الثاني لاعتصام مجموعة من الطلبة داخله.
وكان أعلن مجلس إدارة الجامعة في وقت سابق إغلاق الجامعة حتى إشعار آخر وإخلاء مبنى الإدارة، وأكد في بيان له أن "إدارة الجامعة كانت في حوار مستمر مع الفريق المفاوض لمجلس الطلبة حول عمليات التسجيل والتسهيلات المالية، وأنها قدمت مجموعة من التسهيلات حتى قبل بدء هذا الحوار، وأن الحوارات توصلت إلى اتفاق مع مجلس الطلبة يوم الاثنين الماضي، وأن موعدا لعقد اجتماع تكميلي حدد بمساء يوم أمس، للتعامل مع أي حالات متبقية، ولكن هذا الاجتماع تعطل بسبب اقتحام بعض الطلبة لمبنى الإدارة بطريقة مهينة أثناء انعقاد مجلس الجامعة العادي".
وقال نائب رئيس الجامعة عادل الزاغة، في حديث لوكالة "وفا"، إن مجلس الجامعة أكد في اجتماع له اليوم ضرورة إخلاء الطلبة لمبنى الإدارة دون قيد أو شرط حتى يتسنى التفكير بعودة الحياة الطبيعة للجامعة، وأنه لا بد من تغليب العقل والمنطق.
وأضاف الزاغة أن الطلبة الذين "يحتلون" مبنى الجامعة لا يمثلون إلا أنفسهم، وأنهم تجاوزا مجلس الطلبة في اقتحامهم للمبنى، مشيرا إلى أن مجلس الطلبة في اتصال دائم مع عمادة شؤون الطلبة وأنه أعلن عدم موافقته على اقتحام المبنى.
وأكد الزاغة أن المطالب الأكاديمية التي قدمها الطلبة "مرفوضة جملة وتفصيلا، وأن الجامعة على استعداد لدراسة أي مقترحات تقدم بجدية، أما أن تفرض هذه المطالب فهذا أمر مرفوض".
وعن ظروف الطلبة المعتصمين، قال الزاغة إن عميد شؤون الطلبة نقل إلى المعتصمين طعاما وبطانيات، وأن الجامعة وفرت العناية الطبية للمعتصمين، حيث يقوم طبيب وممرضة الجامعة بتفقدهم وفحصهم.
وأكد المتحدث باسم الحركة الطلابية في الجامعة أنور أبو العدس، لـ"وفا"، أن "طالبين أصيبا بالإغماء نتيجة ظروف الاعتصام، حيث يعتصم الطلبة في هذا الجو البارد دون أغطية أو طعام، وأن أحدهما نقل بسيارة خاصة للعلاج خارج الجامعة، فيما عولج الآخر داخل المبنى الذي يعتصم فيه الطلبة، من خلال ممرضة الجامعة التي وصلت متأخرة"، رافضا تصريحات الزاغة بأن عيادة الجامعة تقوم بتفقد الطلبة وفحصهم.
وقال أبو العدس إن طالبات قمن بإعداد طعام للمعتصمين، وأن الحركة الطلابية وفرت خيمة للاعتصام، حتى لا يبقى الطلبة في البرد، مشيرا إلى أن ممثلا عن عمادة الطلبة أوصل طعاما للمعتصمين.
وأكد أبو العدس أن الطلبة في اعتصامهم ومطالبهم الـ15 التي رفعوها للإدارة، يعترضون على القوانين الجديدة التي تفرضها إدارة الجامعة ويطالبون بالعودة إلى القوانين القديمة، ضاربا مثلا بالتحويل والتخصص الذي كان يعتمد على المعدل التراكمي، حيث رفعت إدارة الجامعة هذا المعدل عن السابق، إضافة لمشكلة ساعات التخصص، حيث كان يقضي القانون القديم بإنذار الطالب قبل فصله في حال وصوله إلى 54 ساعة معتمدة دون التخصص، وأن القانون الجديد يقضي بفصله مباشرة إذا لم يلتحق بتخصص بعد اجتيازه 54 ساعة.
وقال إن "الطلبة لا يفرضون شيئا، وأنهم يسعون إلى الجلوس للحوار ومناقشة المطالب، وأن الطلبة قبل الاعتصام رفعوا قائمة بمطالبهم لإدارة الجامعة التي ردت عليها باقتضاب".
من جانبه، قال رئيس نقابة اتحاد العاملين في الجامعات والمعاهد الحكومية أمجد برهم، في تصريح له، إن الأزمة التي تواجهها الجامعات تتطلب تغييرا في استراتيجيات مجلس التعليم العالي، إضافة إلى تفعيل صندوق الإقراض الحكومي وإيفاء الحكومة بالالتزامات المالية المستحقة عليها للجامعات.
وكان مدير مركز الإعلام الحكومي غسان الخطيب قال، في تصريح لصوت فلسطين، إن معالجة الصعوبات المالية التي تواجهها الجامعات يستدعي تعاونا بين الحكومة والقطاع الخاص ومختلف مكونات المجتمع
كما أعربت نقابة أساتذة وموظفي جامعة بيرزيت عن أسفها "لما آلت إليه الأمور بين مجلس الجامعة والحركة الطلابية، الأمر الذي أدى لإغلاق الجامعة ومنع دخول الطلبة والعاملين للحرم الجامعي".
وقالت النقابة، في بيان لها، إنها "تنظر بقلق بالغ لأبعاد قرار الإغلاق وتداعياته على الجامعة"، مهيبة بمجلس أمناء الجامعة وإدارتها إعادة فتح الجامعة فورا، وبالحركة الطلابية إنهاء الاعتصام في مبنى الإدارة لتهيئة الأجواء لحوار ديمقراطي شامل ومسؤول لحل الأزمة، بمشاركة ممثلي كافة الهيئات الرسمية من إدارة ونقابة وحركة طلابية.
ودعا مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان إلى انتهاج لغة الحوار وتغليب المصلحة الأكاديمية للطلبة والجامعة على أية مصالح أخرى.
كما دعا المركز إدارة الجامعة ومجلس التعليم العالي إلى إيجاد حل جذري للأزمة المالية، مؤكدا ضرورة أن يكون احتجاج الطلبة وفق الأعراف والقوانين المتعارف عليها، دون المساس من قبل أي طرف بالحريات الأكاديمية والحقوق التعليمية لمجمل مكونات العملية الأكاديمية داخل الجامعة.
وكان مجلس الجامعة أكد، في بيان له، أن الجامعة تقدم مجموعة من المنح للطلبة المتفوقين والمحتاجين، وأبناء الشهداء، وأبناء العاملين، تبلغ سنويا ما يزيد على مليون دينار، مع أن الديون المتراكمة على الطلبة تتجاوز 3.5 ملايين دينار، ومع أن الجامعة كغيرها من الجامعات الفلسطينية كانت ولا تزال تعاني أزمة مالية حادة متفاقمة .
وأعلن المجلس أن الجامعة تجنبت رفع الأقساط لطلبة البكالوريوس منذ سنوات، رغم زيادة التكاليف التعليمية لأسباب مختلفة، وأنها تولي حالات مخصوصة العناية التامة في التسهيلات المالية، وتشمل هذه الحالات الأسرى، والحالات الاجتماعية المصنفة .
وأكد المجلس إصراره على التعامل فقط مع مجلس الطلبة المنتخب بشكل ديمقراطي، وأنه لا يقبل التفاف بعض الجهات على هذا المجلس الشرعي، ويرفض التعامل معها.
وعن المطالب التي قدمها الطلبة، قال المجلس إن " الطلبة الذين (احتلوا) مبنى الإدارة تقدموا بمطالب سموها (مطالب أكاديمية)، ومن شأن البحث فيها أن يسيء كثيرا إلى سمعة الجامعة الأكاديمية وخريجيها، ويهبط بالمستوى الأكاديمي الذي نهدف لأن يظل عاليا"، مؤكدا أن "بإمكان أي كان أن يتقدم بمقترحات أكاديمية مكتوبة، وتدرس بكل جدية في المجالس والدوائر المختصة".
وأدان المجلس قيام مجموعة من الطلبة بـ"احتلال" مبنى الإدارة بطريقة استفزازية يعتريها العنف والقسر، مؤكدا أن الدراسة لن تستأنف إلا بعد إخلاء مبنى الإدارة دون قيد أو شرط.
وأعلن الحراك الشبابي المستقل تأييده الكامل لمطالب الحركة الطلابية ضد ما وصفها "السياسات الخطيرة التي تهدد الفئات المهمشة وشباب هذا الوطن"، داعيا كافة قطاعات شعبنا للمشاركة الفعالة في الوقفات الاحتجاجية التي تنظمها الحركة الطلابية أمام مجلس الوزراء في مدينة رام الله.