سؤال "اليرموك"
بقلم: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
رؤية مخيم اليرموك في دمشق مقطع الأوصال، تدمي الروح وتبكي القلب، ووفد منظمة التحرير الفلسطينية، الذي طاف في المخيم ووقف عند أضرحة الشهداء الكبار وقد تمزقت شواهدها، لم يستطع ان يتحمل المشهد/ الفجيعة، لولا روح امير الشهداء خليل الوزير ابو جهاد التي توهجت من بين الشظايا والركام، لتعيد لوفد المنظمة تماسكه، وتجعل من رؤياه رؤية التحدي والأمل، فعند ضريح الوزير وبعد ان وضع الوفد اكاليل الورد باسم الرئيس ابو مازن على حافات الاضرحة التي تكسرت، اكد رئيس الوفد عزام الاحمد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بكلمة دامعة اصرار القيادة الفلسطينية على محو هذا الخراب، وهذا العذاب الذي قاسى منه أبناء المخيم والذي طالما كان وحدا من ابرز علامات ودلالات الكفاح الوطني الفلسطيني في اطره الوحدوية الجامعة.
والسؤال الآن من الذي جرجر مخيم اليرموك الى هذه الفجيعة، وهذه الجائحة ..؟؟ لا يحتمل هذا المخيم اليوم وهو مقطع الأوصال لغة التبرير، ولن يرضى بأية لغة أخرى غير لغة الحقيقة، والتي لا تقول بغير مسؤولية حركة حماس عن هذه الجائحة التي اصابت المخيم، وبلا اية مواربة، حماس التي ضربت قواعد وقيم وأخلاقيات العمل الوطني الفلسطيني، مثلما لا تزال تضربها في كل لحظة، وحيث تدخلت في صراع ليس لفلسطين فيه لا ناقة ولا جمل فحسب، بل وإنما هو صراع اراد لها كذلك ضياعا آخر، وتهجيرا اكبر ليسقط حق العودة في شتات بعيد ...!! حماس التي انحازت الى قوى الارهاب الظلامية، فاقحمت المخيم في معركة ليست له ..!! وحماس التي خانت حاضنتها السورية، وتآمرت عليها ...!! حماس هي التي ادخلت جماعات التكفير والارهاب الظلامية الى المخيم، فكانت الخطيئة وحلت الكارثة ..!!
لن تراجع حركة حماس موقفها من مخيم اليرموك وما الذي فعلته بهذا المخيم، وهي ما زالت بالنهج التآمري ذاته، وبذات التبعية لقرار ليس لها لا يعطيها حتى فسحة المناورة النقدية ان صح التعبير ..!! واقرأوا التصريح الصحفي لوفد حماس الى القاهرة والذي لم يأت على ذكر اي شيء عن المصالحة الوطنية، علما ان الاشقاء المصريين في جهاز المخابرات، استدعوا الوفد لهذا الغرض، التصريح الحمساوي طاف بكلمات الصيغ العامة عن "نقاش معمق وبناء حول العديد من القضايا المهمة وخاصة التطورات السياسية" ولا نظن ان الاشقاء المصريين في جهاز المخابرات قد ناقشوا هذه التطورات السياسية (...!!) فهذا من شأن المستوى السياسي في الدولة المصرية، وهذا يعني ان حماس تكذب في تصريح وفدها، وتكذب من اجل ان تواصل تهربها من قول حقيقة موقفها المناهض للمصالحة الوطنية ..!! الموقف الذي يعبر عن نفسه في كل لحظة، بسياسة القمع والاقصاء والبلطجة الامنية، التي منعت بالامس حركة فتح من تكريم اوائل الطلبة في الثانوية العامة بغزة ..!!
لن تراجع حماس ايا من سياساتها ومواقفها التي لا تعرف في اللحظة الراهنه غير مناورات "التهدئة" التي سرعان ما تستجيب لها بعد كل تصعيد مدروس وما خفي اعظم...!!
لن تنظر حماس الى حالها لترى اورامها القاتلة الكامنة في ثقافة الكراهية والتسلط التي تحملها، والتي لا علاقة لها بالثقافة الوطنية ولا بأي حال من الاحوال .. انها الجائحة بأم عينيها، وهذا ما يقوله قطاع غزة المكلوم اليوم، وهذا ما قاله لنا مخيم اليرموك واشلاؤه هي التي قالت وتحدثت وكشفت وعرت.