معبر الطيبة.. عمال تحت وطأة المعاناة والقهر
هدى حبايب
.......
نهاية الأسبوع الماضي، أصيب العامل عبد الكريم حمدان، وهو أحد الذين يستخدمون معبر الطيبة، بجلطة حادة، بينما كان في طريقه إلى مكان عمله في ورشة البناء في مدينة تل أبيب.
إصابة العامل حمدان، بـ"الجلطة" قد يبدو حادثا عاديا في أي من الدول الحرة والمستقلة وغير المحاصرة.. غير أنه احد عمال فلسطين المحتلة الذين يذوقون مرارة المهانة والاذلال والقهر كل صباح ومساء على المعابر العسكرية الاسرائيلية التي تقطع أوصال الوطن وتحيله الى "كانتونات".
كل يوم هو فصل جديد من المعاناة الطويلة على المعبر الواقع غرب مدينة طولكرم لآلاف العمال ممن أجبرتهم ظروف العيش القاسية على العمل في المصانع والورش داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
ومن بين أسباب عديدة، يظل عامل الاكتظاظ الذي تخلقه إسرائيل على المعابر "الحدودية" الفاصلة، أحد أهم أسباب المعاناة اليومية للعمال الفلسطينيين.
وشهدت السنوات الماضية تحديدا في عامي 2014-2015، حالات استشهاد في صفوف العمال على المعبر نتيجة التدافع الشديد.
ويقول مدير عام مستشفى الهلال الأحمر في طولكرم رائد ياسين، بين فترة وأخرى نتلقى بلاغات من العمال على المعبر بحدوث حالات اختناق ووعكات صحية وإغماءات في صفوفهم، وتقوم سيارات الهلال بنقلهم إلى مستشفى الشهيد ثابت ثابت لتلقي العلاج.
ويعتبر معبر الطيبة أحد أكبر المعابر الإسرائيلية والرئيسية بعد معبر ترقوميا في الخليل، ويربط طولكرم مع المناطق المحتلة عام 1948، والأٌقرب إلى بلدات الطيبة وقلنسوة في الداخل، ومنه يمر أكثر من 20 ألف عامل من محافظات شمال الضفة، إضافة إلى أنه ممر تجاري أيضا، ونقطة العبور لأهالي الأسرى أثناء توجههم لزيارة أبنائهم في سجون الاحتلال.
ويقول رئيس وحدة التشغيل في الخارج، منسق المحافظات الشمالية في مديرية عمل طولكرم، إبراهيم ظافر، إن المعبر يشهد دخول أرقام هائلة من العمال تتفاوت يوميا وتزيد عن 13 ألف عامل، منهم حملة التصاريح، والتصاريح التجارية، والعمال ممن تجاوزوا سن 55 عاما وهم ليسوا بحاجة لتصاريح دخول حسب إجراءات الاحتلال، وهذه الأعداد قد تصل إلى الضعف في كثير من الأحيان، إلا أن اضطرار عدد كبير من العمال إلى المبيت في أماكن عملهم قلل من العدد الذي يتجاوز الـ15 ألف عامل، منهم 7 آلاف عامل من طولكرم وحدها.
ويضم المعبر الذي تم تحديثه بعد أن كان في الماضي عبارة عن شبك وأسلاك حديدية، أربع بوابات وسبعة شبابيك مخصصة لفحص تصاريح الدخول وهويات العمال والبطاقات الممغنطة، إلا أن جنود الاحتلال يتعمدون استخدام 3-4 شبابيك، خاصة يوم الأحد، ما يؤدي إلى الازدحام وحدوث دفع وسحب بين العمال والقفز فوق بعضهم، ما يتسبب في إصابات كثيرة للمرضى منهم وفقدان ممتلكات شخصية.
وتكشف عشرات الصور الفوتوغرافية المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يلتقطها عدد من النشطاء والمتضامنين مع الشعب الفلسطيني، أثناء تواجدهم في كثير من الأحيان على المعبر، حجم المعاناة التي يتكبدها العمال لساعات طويلة وهم يقفون في طوابير تكون سببا في حدوث تدافع شديد واختناقات في صفوفهم يذهب ضحيتها كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، والعاملات من النساء، عدا عن الإصابات بسبب تسلق أعداد أخرى للأسلاك الشائكة بهدف الابتعاد عن الأزمة.
ويقول عدد من العمال لـ"وفا"، إن جنود الاحتلال يتعمدون افتعال أزمة الاكتظاظ من خلال فرض إجراءات عقابية لا مبرر لها، وتأخير العمال لساعات يخضعونهم خلالها للتفتيش المذل على أجهزة الليزر، والتدقيق في الهويات والتصاريح، وهو ما يؤخر العمال عن عملهم.
عمال فضلوا عدم ذكر اسمائهم، وصفوا هذه الممارسة بأنها مقيتة ومهينة وهدفها إذلال العامل الفلسطيني الذي يبحث عن لقمة عيش عائلته.
يقول الأمين العام لاتحاد النقابات العمالية الفلسطينية الجديدة محمد بليدي، إن العامل يضطر إلى أن يكون على المعبر على الثالثة فجرا أو قبل ذلك في ظروف الحر أو البرد، ليتمكن من المرور عند الساعة الرابعة إلا ربعا وهو موعد افتتاح المعبر، للوصول إلى مكان عمله في الوقت المحدد.
ويضيف، إن العامل في هذه المدة يصطدم بسلسلة من الإجراءات التعقيدية بدءا بالبصمة، فغرفة التصوير الطبقي التي تظهر كل شيء داخل الجسم، وغرفة ما تسمى "الفرن" كونها مفتوحة السقف التي يجبر فيها العامل أو العاملة على خلع ملابسهم بالكامل للتفتيش، ما يضطر الكثير منهم إلى الرفض، عندها يجبر على العودة إلى منزله وعدم السماح له بالمرور من قبل جنود الاحتلال، وهذا ما يسعون إليه.
مدير مديرية العمل في طولكرم، موفق قبها، يشير إلى أن الدائرة على تواصل دائم مع الارتباط المدني لإيجاد الحلول للمشاكل التي تعترض العمال ويصعب حلها مع الجانب الإسرائيلي، ومنها الأزمة الشديدة على المعبر الذي يدخله أرقام مهولة من العمال، وتم طرح الكثير من الحلول من خلال المحافظة والارتباط كوجود أفراد من الشرطة الفلسطينية لتنظيم العمال.
ويقول إن الجانب الإسرائيلي يرفض بشدة أن يكون أي نوع من السيادة الفلسطينية على منطقة المعبر، علما أن المعبر مقام على أراضي طولكرم المحتلة عام 1967
ha